“كان هناك خطر من سماع العديد من الانتقادات حول البابا بندكتس السادس عشر؛ كثيرون سيقولون: “لقد بدأ عملا ما ولم يتحل بالشجاعة لإنهائه، ولكن أنا على العكس رأيت البطولة بما قام به: هو لم يفكر بأن استقالته ستعتبر وكأنها جبن، ولكنه كان مقتنعًا بأن هذا ما طلبه منه الرب في ذلك الوقت.”
ننشر في ما يلي القسم الثاني من المقالة التي بدأناها أمس:
كيف تبدلت حياتك اليومية بعد هذا الخبر؟
كان هذا تغييرًا كبيرًا بالنسبة إلي. كانت ترتابني نوبات من البكاء، وكان أمر ابتعادي عن البابا صعبًا عليّ. في 11 شباط حين كنا متواجدين في قاعة الكونسيستوار، وحين كان البابا يقرأ، كانت الدموع تنهمر من عيني، والشخص الذي كان جالسًا بجانبي قال لي: “سيطر على نفسك، لأنني سأنهار أيضًا!” أعجبت بتعابير الكرادلة الذين كانوا يجلسون أمامي، وأتذكر جيدًا الكاردينال جيوفاني باتيستا الذي لم يصدق أذنيه. في ذلك النهار تحدثنا حول المائدة وقلت للبابا بندكتس: “ولكن أيها الأب الأقدس لقد بقيتم هادئين.” فأجابني بحزم: “نعم.” كان قراره قد اتخذ وما كان منا إلا الرضوخ له. خلال الكونسيستوار لم يفهم العديد من الكرادلة الذين لا يجيدون اللاتينية بشكل جيد ما قاله البابا، فاقتربوا من الكاردينال أنجيلو سودانو وجيوفاني باتيستا ليشرحا لهم ما قاله. ظل الأب الأقدس هادئًا جدًّا حتى اليوم الأخير، حتى عندما ذهب الى كاستل غوندولفو.
لم يفهموا جميعًا بعد سبب استقالته…
كان البابا بندكتس السادس عشر مقتنعًا بما طلبه الرب منه. “لم أعد أستطيع أن أكمل مهمتي، انتهت مهمتي، وها أنا أستقيل ليأتي شخص أقوى مني ليقود الكنيسة.” لأن الكنيسة ليست بحاجة الى البابا بندكتس بل الى المسيح.
بدأ عدد كبير من الأشخاص يرفع الى بندكتس السادس عشر ما أسماه “ علامات معبرة من الإهتمام، والصداقة، والصلاة.” ماذا تعرفون حول ذلك؟
أتذكر جيدًا أن بعد 28 شباط وصل كم هائل من الرسائل الى كاستل غوندولفو. كان ذلك مؤثرًا. من قبل لم نكن نتلق الكثير. انصرف الجميع للكتابة الى البابا. ولكن الأجمل هو أن نرى أن البعض كان يعلق شيئًا بالرسالة، أشياء من صنع يدوي، رزنامات، رسومات. كما لو أن الناس أرادوا القول: “شكرًا على كل ما قمتم به، نحن نقدر التضحية التي قمتم بها من أجلنا، نحن لا نود أن نعبر عن مشاعرنا فقط، بل نود أن نقدم لكم أشياء من قِبَلنا.” الى جانب تلك الرسائل، كانت تصلنا أخرى كثيرة من أطفال. كنت أملأ الرفوف بالرسائل، بالطبع لم يكن البابا يملك الوقت ليقرأها كلها…ذات ليلة مررت بجانبه وقلت له: “أنظر أيها الأب الأقدس هذه هي الرسائل التي وصلت اليوم، وكثيرة منها أرسلها الأطفال.” فأجاب: “هذه إذًا أجمل رسائل.” أثر بي هذا كثيرًا، حنانه تجاه الأطفال. لطالما كان الحبر الأعظم حنونًا تجاه الأطفال.
***
نقلته الى العربية نانسي لحود- وكالة زينيت العالمية