مثلما لم تهزّ الأكاذيب والافتراءات المغرضة ايمانه بدعوته الكهنوتية، فظل في خلوته لدى راهبات دير الصليب يؤلف التراتيل ويلحنها، كذلك تلقى خبر براءته التي اعلنتها الدوائر الفاتيكانية الرسمية، دون تعليق او ابتهاج. فالصمت ميزته وعنفوانه كلما اشتدت المصائب عليه. واليوم ما كاد خبر براءته يعم العالم عبر وسائل الاعلام حتى آل الى ذاته متأملا، ومصليا ورافضا استقبال المهنئين. ويقول محاميه انطوان عقل: “أبونا لا يصرح بشيء، فهو ملتزم الصمت كما طبيعته، ونحن حتى الآن لا ننفي ولا نؤكد حتى يأتي الخبر رسميا. فأنا بذاتي وشقيقي سامي، بناء على طلب سيادة البطريرك بشارة الراعي الذي لم يشك يوما في براءة منصور لبكي، سلمناه ملف الشكوى، فيما ملف المراجعة ارسله الاب بول عقل الى قداسة البابا فرنسيس”.
أما المحامي أرز لبكي، ابن شقيق منصور لبكي، فاثر “الا نتورط في الكلام الصحافي قبل ان يتوضح الخبر رسميا، وبالرغم من هذا التكتم النبيل وددت في كلمتي هذه أن اذكر زياراتي له في دير الصليب في برمانا، فيسمعني ما أوحاه الالم الظالم اليه من تراتيل ستكون قريبا صفحة جديدة من مؤلفاته الكنسية”.
منصور لبكي الذي أغنى الكنيسة المارونية بتراتيله التي تهف اليها قلوب الفرح، هو اليوم في صومعته الاجبارية التي تلقاها من المسيح فرصة للتأليف، صار من زمن الآلام يهتفها بصوته الجريح الذي ما زال بلسما للنفوس: “يسوع وظفني هنا لاكتب. صرت نحات كلمة، الكلمة التي تغرز في الصميم. فهي شوكة الآلام”.
صار يكلم المصلوب بآيات تتفجر حبا في هذا الامتحان المرير. لقد فهم أعمق كلمة يسوع منازعا على الصليب “أغفر لهم يا أبت لانهم لا يعرفون ما تقترفه أيديهم”.
وأنت يا ابانا منصور ما هو شعورك ازاء من أساؤوا اليك بالكذب والتلفيق؟ جوابه دوما: “الغفران هو السبيل الوحيد لاغسل قلبي من اوجاعه”.
لكن للوجع الذي يسببه الجحود المجاني قصيدته:
“دع العقرب على صدرك لتدفئه وانتظر هنيهة تراه يلدغك وان ربيت الغراب ثم اقتربت منه يقلع لك عينك”.
مي منسى / النهار