وُلد بمنفلوط في ٥ ديسمبر سنة ١٨٩٥من أسرة تقية ، ورُسم شماسًاً بيد المتنيح أنبا ثاؤفيلوس مطران منفلوط. وكان شاباً نابغة ؛ وامتدت خدمته وتلمذته للكتاب المقدس في بلاد كثيرة ؛ تنقَّل فيها عَبر ظروف الحياة .
أتى إلى الإسكندرية في أول يناير سنة ١٩٤٧م وخدم بالكنيسة المرقسية الكبرى وفي كنائس المدينة وجمعياتها القبطية . ويُذكر أنه قدَّم خدمات وعظية في حضرة القديس البابا كيرلس السادس ال ١١٦ ؛ حيث أنه كان من المُلهَمين والموهوبين في حفظ الكتب المقدسة ؛ أنفاس الله .
تعين عضواً باللجنة العامة لمدارس أحد الإسكندرية منذ تشكيلها في (مؤتمراتها الأولى بالمدينة ١٩٤٦ : ١٩٤٩) وقاد مؤتمراتها مشاركاً في صياغتها وإدارتها وتهديفها ؛ ولعل أهم إنجازاته بالمدينة تأسيس بدايات فروع التربية الكنسية وإدارته للمؤتمرات السنوية للجنة العامة السكندرية ، وحرصه على دورات تأهيل مدرِّسي مادة الدين المسيحى . كذلك يرجع له الفضل في إقرار تدريس المادة بالمعاهد والمدارس الحكومية ؛ بمساعدة القمص مرقس باسيليوس والمستشار فريد الفرعوني والوزير ألبرت برسوم سلامة أعضاء المجلس الملي السكندري . وهو أيضاً الذي كتب كتباً مدرسية للدين المسيحى لجميع مراحل التعليم السنية ؛ وحصل على الموافقة الوزارية في ١٩٦٨/٥/٢٧ ؛ لاعتبار حصص دروس مادة الدين المسيحي ضمن مجهودات حثيثة لآباء وأراخنة موقَّرين ؛ من أجل ذلك أقام حلقات تدربية لإعداد كوادر التدريس والتي كانت بدايتها فى ١٩٦٨/٨/١٧ ولمدة عشرة أيام بمدرسة نبوية موسى للبنات بحضور المتنيح الأنبا غريغوريوس أسقف الدراسات القبطية والبحث العلمي .
تثقَّل قلبه أيضاً بالتعليم الديني المدرسى ؛ ليسير متوازياً مع منهج فروع مدارس الأحد . ((الدرس – الآية – غرض الدرس – اللحن أو الترنيمة – التدريب – المحفوظات – الواجب الأسبوعي)) ؛ وتقسيم المناهج على دورات فصلية تبدأ من عيد النيروز وبدء السنة القبطية الليتورجية .. لذلك استعان بالمتنيح الطيب الذكر أنبا صموئيل أسقف الخدمات العامة ، والمتنيح الطيب الذكر أنبا بيمن الأسقف العام ، والمرحوم الدكتور سليمان نسيم ، وبالعديد من خبراء التربية وعلم النفس وطرق التدريس ، لإثراء العملية التعليمية التي ضمَّت أكثر من ٨٠٠٠ تلميذاً ، ومئات من المدرسين ومفتشي الدين المسيحي .
قام الواعظ يسى منصور بالتدريس في الكليات الاكليريكية وفي معهد الرعاية ومعهد الكتاب المقدس ؛ وكان موضع ثقة البابا المتنيح شنودة الثالث الذي احتضن الطاقات لبناء الأسوار وترميم الأبواب .
كان يسي منصور لاهوتياً ومدافعاً ضليعاً في إيقاظ الوعي برسالة الخلاص وفي القدوة وتتميم الدعوة التي دُعي إليها ، بتثبيت الرجاء وعيش القداسة نظير القدوس ، وقد خَبِرَ بفضائل الذي دعانا جميعاً من الظلمة إلى نوره العجيب .
كتب كتباً أثرىَ بها المكتبة القبطية ؛ كان من أهمها :- رسالة التثليث – الصليب في جميع الأديان – عِصمة الكتاب المقدس – نقد إنجيل برنابا – التوراة فوق الفكر الحديث – شهادة الكنيسة للاهوت المسيح من القرن الأول للقرن العشرين – لكي لا ننكر المسيح – بيان الحق – هؤلاء هم شهود يهوه .
اهتم بالدراما المسيحية وأيضاً بتربية النشئ المسيحي وتهذيبه وتنمية روح الفضيلة المسيحية في شخصيته وتحقيق توازنها النفسي والروحي ، إذ قام بتأليف عدة مسرحيات كي يؤديها شباب الكنائس ، وتم عرضها أيضاً في جمعيات ومؤسسات خيرية :-
مسرحية “شمشون الجبار” على مسرح المواساة بالإسكندرية ، مسرحية “مرقس البشير” على مسرح مدرسة سان مارك وفي دار الأوبرا الملكية .
كذلك اهتم أيضاً بمعالجة الظواهر الاجتماعية السائدة التي تفشَّت في زمانه (التدخين والمخدرات) ، كتب وعلَّم عنها ، حسب منهج مدارس الأحد الذي تميز بالشمولية والتكامل ومدّ قنوات التعليم لكل الفئات سواء على المستوى الفردي أو العائلي أو الكنسي الشعبي العام . حريصاً على أن يُعَرِّف الأقباط صحة تعاليمهم وعقيدتهم وسلوكهم واتجاهات مسيرة حياتهم حسب الإنجيل وتقليد الكنيسة .
عاش الواعظ يسى منصور يعكف على القراءة وقدوة الالتزام ، كرِفاقِهِ كتيبة خدام اللجنة العامة لمدارس الأحد في ربح النفوس – وفي تطبيب المخدومين وتعلميهم وتنشئتهم وتسليمهم صراحة الإيمان – في قدوة العمل والقول – حسب إعلان الله المحب للبشر .
في محبة الله الآب ونعمة الابن الوحيد وشركة وموهبة وعطية الروح القدس ؛ وخبرة جمال شركة الكنيسة في حياة الدعوة المسيحية وتطبيقاتها .
اهتم بتكوين الخادم ومدرس الدين المسيحي في مجالات وضع لها هذه العناوين :- الطابع الروحي التربوي – علاقة مدارس الأحد بالأسرة والكنيسة – عمل مدارس الأحد في تكوين الشخصية – وسائل تكوين مدرس مدارس الأحد .
إننا اليوم في مئوية مدارس الأحد سنة ٢٠١٨، عندما نعود إلى أعمال البدايات هذه ؛ نجد أن هؤلاء الرواد وقد تركوا لنا زَخَماً لاهوتياً وتفعيلاً للإبداع الإنساني والتربوي والروحي والعقلي يُدخلنا إلى عَتَبَات وآفاق مسيح التاريخ القبطي ، وسط إطلالات هؤلاء الرواد الذين انطلقوا من اليأس الخلَّاق إلى تجليات الروح إلايجابي بالفحص والنقد الذاتى نحو النهضة وروح الإصلاح فأضاءوا وقدموا نفوسهم شموعاً بدلاً من أن يلعنوا الظلام؛ مستنيرين في مجد مسيح القيامة الذي أنار الخلود .
إن الواعظ يسى منصور وجُبران نعمةالله واسكندر حنا واسكندر ابراهيم والقمص يوسف مجلى والقمص ميخائيل سعد والقمص باسيليوس اسحق والقمص جرجس رزق الله والقمص بطرس رياض والقمص والقمص عبد المسيح مقار والقمص بيشوى كامل والقمص قسطنطين نجيب والقمص متياس روفائيل والقمص صموئيل وهبه والقمص شنودة فلسطين والقمص تادرس يعقوب والقمص صليب حكيم والقمص كيرلس داود والقمص سمعان جرجس وآباء كثيرين بالإسكندرية ومعهم الأراخنة والخدام عادل عازر بسطوروس وبهجت عطا الله وعوض قلد وراغب عبد النور وطلعت عبده حنين والقس يوحنا حنين والقس مينا اسكندر ووهيب قزمان بولس والمقدس يوسف حبيب وبابا صادق والشعراء دانيال وجرجس تادرس وابراهيم نجيب وجلال فوزى ومجدى أنيس وألبير نوار .. والكثير من الرواد الذين انضموا لطغمة كاتمي سر الملك من الرهبان .. وجميعهم رددوا شعار ذاك الزمان ” يا خادم مدارس الأحد اِسمعها وهي في النفس الأخير تناديك : اُعبر إلينا وأعنَّا ” (أع ١٦ : ٩ ) ، ولم يغلقوا أحشاءهم عن الأطفال الصغار والبعيدين وسُكان المدن والحضر ؛ حتى بلغت خدمتهم لبلاد المهجر .
وكثيرون من الرواد قاموا بأعمال لم تكن سهلة التنفيذ ، وقد أنفقوا كل غالٍ ورخيص ليكملوا جهادهم بالروح القدس ؛ مالك حقل الخدمة ومدبرها ؛ ليفلحوا الأرض وتدخل الأجيال على تعبهم .
لقد أكمل الواعظ يسى منصور مسيرته في الخدمة ضمن هؤلاء ؛ كالغصن المثمر الذي وعد الرب بأنه حين يأتي بثمر ؛ ينقيه الكرَّام ليأتي بثمر أكثر . وكان يوم انطلاقه إلى المجد في ١٠فبراير ١٩٨٣.
القمص أثناسيوس فهمي چورچ