أقيم قداس احتفالي في كنيسة مار سركيس وباخوس في حرف مزياره في قضاء زغرتا، لمناسبة اليوبيل الفضي للاب ايلي نصر المرسل اللبناني الماروني، ترأسه الاب نصر وعاونه فيه الاباء: يونان عبيد، فادي تابت، معين سابا، الخوري حنا الباشا، بمشاركة النائب البطريركي المطران حنا علوان، المطران سمير نصار، الرئيس العام لجمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة الاب مالك بو طانوس، وحشد من الاباء المرسلين، الى عدد من الكهنة والرهبان والراهبات.
وخدمت للقداس جوقة الرعية بقيادة سركيس رفول.
وحضر القداس المفتش العام في الجيش اللواء الركن سمير الحاج، رئيس بلدية مزيارة مارون دينا، المنسق العام ل”التيار الوطني الحر” بيار رفول، اهل الاب نصر واصدقائه، وحشد من أبناء البلدة والبلدات المجاورة، ومدعوون.
بعد الانجيل، المقدس القى الاب نصر عظة قال فيها: “خمس وعشرون سنة مضت، وهي ليست صفحات اطويها، ولا زمن عبر ليدخل في ادراج التاريخ، في الجهاد والسعي الدائم، في العطاء من اجل المسيح، لتكون كلمته حاضرة، ونعمته فاعلة، ومحبته مقدسة. 25 عاما عشتها درب عطاء في الخدمة، متنقلا في مراكز عديدة، وفي وظائف متنوعة: في المدارس، في الوكالة، في المطبعة، في السجون، ساعيا الى ان اكون امينا لله، مع العلم انني سقطت، اخطأت، تعبت، استنفدت، خاب املي، ولكنني ما يئست يوما”.
وأضاف: “يمكن الاوقات والازمنة ان تتبدل، اما الكهنوت الذي وهبني الرب اياه فهو هو، بقدر ما اعيشه بقدر ما اتعمق في جوهره، جوهر الحب الذي ينبع من الرب ليصب في بناء الانسان وخدمته، يقول الرب: “من اجلي ومن اجل البشارة، تكون التضحية ويكون العطاء”. منذ 25 عاما، احتفلنا بقداسي الاول، انا واخوتي الكهنة: معين سابا، فادي تابت، الحاضرين، وايلي نخول، وادمون رزق الله، الغائبين، على هذا المذبح، مذبح كنيسة الشهيدين سركيس وباخوس، ومنذ ذلك التاريخ انطلقت جاهدا أعمل في كرم الرب وكريمه. وضعت يدي على المحراث ولم اعد التفت الى الوراء، تركت كل شيء، لاربح المسيح. فلم يعد يهمني سوى امر واحد وهو ان انسى ما ورائي واتمطى الى الامام، فاسعى الى الغاية”.
وتابع: “يوما بعد يوم، ارتسمت حقيقة الكهنوت امام عيني، وتوضحت في ذهني. واليوم اؤكد ان اختبار الكهنوت يؤدي الى الاختمار في الحب والخدمة. لقد زدت خبرة وترسخت في حقائق ثلاث:
– الحقيقة الاولى: لا تستطيع ان تصل الى الهدف وتحقق النجاح بالفكر فقط، بل بالجهد والسعي والعمل الدوؤب.
– الحقيقة الثانية: بالايمان المترجم بالجهد والسعي، يترسخ اليقين بان يد الرب معنا كما يقول صاحب المزامير “الاعتصام بالرب خير من الاتكال على العظماء” بمعنى اخر، فلنضع ثقتنا في قدرة الرب كي يقودنا، لان الصداقات تتبدل اما الرب فثابت الى الابد.
– الحقيقة الثالثة: الصلاة هي رغبة التواصل مع الخالق وسمة كاهن الله.
فالناس الذين يعتقدون ان الصلاة هي علامة ضعف جسدي، عليهم ان يتذكروا أنهم لن يكونوا كبارا الا عندما يسجدون”.
وقال: “ان احتفالي اليوم باليوبيل الكهنوتي الفضي، المتزامن مع يوبيل جمعية المرسلين المائة والخمسين على تأسيسها، هو احتفال شكر لله على نعمته، نعمة المشاركة في رسالة المسيح الخلاصية. في الواقع، الرسالة التي أحملها هي ان افتح باب الله امام الناس، في عالم يسوده الفساد والحقد والارهاب، والغنى الفاحش والسياسات الكاذبة والمصالح الخاصة، في عالم يعيش ازمات كثيرة، في عالم غير مستقر، في عالم متعطش الى يسوع المسيح. فعلى الرغم من قساوة هذا العالم وصعوبته، سأكمل هذه الرسالة، وبمعونة الله وصلاتكم انتم المؤمنين، شعب الله المقدس، ساعيا الى ان اكون صورة المسيح الحية والشفافة”.
وأضاف: “أما احتفالنا اليوم فليس الا ذبيحة شكر، ارفعها الى الله على هذه السنوات الغنية بالفرح والعطاء والعناء، كما ارفعها ذبيحة صلاة لاجل كل من كانوا معي وتعبوا لاجلي، فصرت ما انا عليه. اصلي واشكر امي وداد، اطال الله عمرها، وابي الذي سبقنا الى دار الخلود، اللذين ضحيا بحياتهما في تربيتي الروحية والجسدية، ولا زالت تحملني في صلاتها اليومية، الى اختي نهاد، الى امراة اخي لور، الى اخي داني وعيالهم، الى الدكتور بيار رفول البوصلة التي عرفتني على جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة”.
وختم: “أصلي واشكر ابناء عائلتي الثانية جمعية المرسلين اللبنانيين، الاحياء والاموات، الممثلة بقدس ابينا العام مالك بو طانوس ومجلسه الكريم، الاساقفة والاباء المشاركين، الشكر لكل الذين وضعهم الرب في طريقي، وساعدوني على تلبية دعوته، وساهموا بشكل كبير في رحلتي الى مذبح الرب، الشكر لجميع الاصدقا والاعزاء وكل من اتى من قريب او بعيد، وكل الذين ساهموا في انجاح هذا اليوبيل الكهنوتي الفضي، واتمنى عليكم ان تجدوا في كلمتي تعبيرا عن امتناني العميق لكم، سائلا الرب ان يملأنا جميعا من نعمه فنمضي قدما في خدمتنا له ولشعبه”.
بو طانوس
وفي ختام القداس، القى الاب بو طانوس كلمة قال فيها: “هذا هو ابني الحبيب (فله اسْمعوا!)” (مر 9: 7)هذا الصوت الذي جاء قبل ألفي سنة من السماء خلال تجلي الرب، يقول عن يسوع المسيح: “هذا هو ابني الحبيب”، اخترته ومسحته وأرسلته ليبشر المساكين ويطلق الأسرى ويهب النور للعميان ويعلن سنة مرضية عند الرب.وعاد صوت الابن من الأرض إلى الآب في السماء يقول: يا أبت، العالم لم يعرفك، أما أنا فقد عرفتك وسأعرف بك. وكل من يعترف بك أعترف به أمامك”.
اضاف: “أيضا في ذكرى تجلي الرب منذ 25 عاما، في 1990، كان صوت الرب من السماء يقول لإخوتنا الخمسة: إيلي نصر، فادي تابت، معين سابا، إيلي نخول، وإدمون رزق الله: أنتم أبنائي الأحباء لقد اخترتكم وأقمتكم لتنطلقوا وتأتوا بالثمار ويدوم ثمركم.أخي أبونا إيلي نصر، لقد مسحك الرب وأرسلك لتطلق المساجين وتبشر المساكين… فها أنت تمضي عمرا في هذه المهمة الصعبة المضنية، وباستطاعتك أن تعلن 25 عاما مرضية عند الرب! في مسح دموع ذوي المسجونين، أخذت رضى من الله.
“الرب يطوب هؤلاء الباكين، سوف يفرحون”.في مؤاساة هؤلاء القابعين في سواد الزنزانة، أخذت رضى من الله.”الرب يرافق هؤلاء السالكين في وادي ظلال الموت”.في توبة وندامة هؤلاء العائدين إلى الضمير والوجدان، أخذت رضى من الله. “الرب لا يرذل القلب المتخشع المتواضع التائب”. في النضال معهم لأجل عدالة ضائعة، أخذت رضى من الله.”الرب يحب العدل، ومن رحمته امتلأت الأرض”.
وتابع “25 سنة مرضية عند الرب:
رصيد كبير في حياتك الكهنوتية الشخصية!
رصيد كبير في المئة والخمسين سنة من جمعية المرسلين اللبنانيين!
رصيد كبير في عيني الرب وملكوته السماوي!
ما أجملك اليوم تقول للرب: أشكرك يا أبت لأنك اخترتني أنا، ووضعت في كلمتك وحملتني إياها إلى كل الأرض. كأس الخلاص رفعت وباسمك دعوت ولك أوفي نذوري. نرفع معك كأس الشكران للرب على سني الخير والبركة من كهنوتك المقدس، ونذكر أهلك لا سيما والدتك. وكم كان لصلاتها دور في كهنوتك. يقول البابا يوحنا بولس الثاني: “الكاهن يولد من رحم الصلوات”. من رحم صلواتها وصلوات إخوتك وأختك وكل الأحباء ولدت وكبرت مرسلا ناجحا. نذكر معك كل من تعب عليك، مقدمين سنوات عطائك الرسولي في حضن جمعيتنا الحبيبة ذبيحة تسبيح وشكران. لا بد أن أذكر بلدتك حرف مزياره – ولها في جمعيتنا معزة خاصة – لنا فيها معك كاهن آخر، أخونا الأب اسعد الباشا. بارك الله عمله في بلاد الانتشار”.
وقال: “لا فضة عندي ولا ذهب، لكني أعطيك ما عندي: باسم يسوع المسيح الناصري، إمش” (أع 3/6)، هذا ما قاله بطرس للرجل الكسيح على باب الهيكل. وكان المشي لهذا الكسيح أغلى وأعز بكثير من الذهب والفضة. أخي الأب إيلي، نحن اليوم في ذهب قلبك الكبير والمحب، وفضة يوبيل كهنوتك! والذهب والفضة هنا هما باسم المسيح، لا يحتاجان إلى ذهب وفضة الأرض! إنما وزناتهما الكثيرة التي تاجرت بها نرفعها معك اليوم لله ذهبا سماويا وفضة ملائكية وعطرا إلهيا. لا فضة عند بطرس ولا ذهب، لا وسام عند الجمعية ولا وشاح أصغر ولا أكبر”.
وختم: “أخي أبونا إيلي، معك اليوم نقول للرب: شكرا على 25 عاما من الكهنوت توزع فيها الأسرار وتتجول راعيا مرسلا في السجون وسط منسيي الأرض، ومكافأتك تكون عند الرب، هو الحكم العادل أكثر من البشر.
“أعطيك ما عندي: “باسم يسوع الناصرين إمش”.باسم يسوع تابع السير تاركا ذهب الأرض وفضتها، زاهدا حتى بحديدها وترابها، ناظرا من جهة إلى الحقول المغطاة بالحصاد، ومن جهة أخرى إلى السماء من حيث يأتي عونك، وليكن طريقك بعد اليوم صعودا إلى العلى!
باسم أصحاب السيادة والمعالي والسعادة وكل الفعاليات،باسم جميع الآباء والإخوة في جمعية المرسلين اللبنانيين،باسم جميع الأهل والأقرباء والأصدقاء،نهنئك باليوبيل الفضي لكهنوتك المقدس، ونصلي معك طالبين لك المزيد من الصحة والعطاء الرسولي والقداسة.بركة الله الضابط الكل الآب والابن والروح القدس”.
بعد القداس، أقيم كوكتيل في قاعة الكنيسة.
وطنية