يجتمع في 12 آب المقبل 325 راهباً من الرهبانية اللبنانية المارونية لانتخاب رئيس لإحدى أكبر المؤسسات الرهبانية الكاثوليكية عراقة وقدماً في الشرق، وفي انتظار الموعد يحبس معنيون بشؤون الموارنة والمسيحيين انفاسهم في انتظار اعلان أسم الرئيس العام الذي يترك بصماته على مسار هذه الرهبانية العريقة ونهجها ومسؤولياتها الوطنية والمسيحية خلال السنين المقبلة، سواء سلباً ام ايجاباً.
ضابط الإيقاع الاكبر في انتخابات الرهبان هو الفاتيكان الذي يراقب ما يجري بعين السفير البابوي غابرييل كاتشيا اضافة الى عيون اخرى، ويذكر الرهبان جيداً ما جرى خلال الانتخابات الاخيرة في دورة 2010 عندما عمد كاتشيا بعد انتهاء الرهبان من الادلاء بأصواتهم الى اخذ اوراق الاقتراع بدون فرزها امام الرهبان كما تنص القوانين، ليدعو بعد مدة الى اجتماع عام في دير مار انطونيوس في غزير وبحضور الرهبان لإعلان النتائج التي ادت الى انتخاب الاباتي طنوس نعمة رئيساً عاماً. ويقال ان السفير كاتشيا بادر خلال الاسبوع الفائت الى دعوة الرئيس العام للرهبانية والمدبرين العامين الى اجتماع ابلغهم خلاله بأن “الرهبان يجب ان يكونوا القدوة والمثل الصالح في الديموقراطية وفي لبنان والشرق”، وشدد امام الجميع ان اقتناعه بإجراء الانتخابات، وان تشكل الرهبانية اللبنانية النموذج الصالح للرهبانيات الاخرى: من الانطونية والمريمية اللتين ستجريان انتخاباتهما بعد سنة، وصولاً الى غيرها من المؤسسات الكنسية والوطنية(…). ولكن رغم هذا الموقف “الديموقراطي” للسفير البابوي، يؤكد العارفون بمسار الامور، ان احداً لا يمكنه التكهن بموقف الفاتيكان الذي يقولون فيه “ان حكمة الكرسي الرسولي يمكن ان تكون مختلفة ومفاجئة تماماً، خصوصاً ان المعلومات المتوافرة تؤكد ان البابا فرنسيس يمتلك ملفاً كاملاً عن الرهبانية اللبنانية المارونية يتضمن كل الامور من اصغرها الى اكبرها، ونجاحاتها واخفاقاتها، وطريقة التعامل مع القضايا المحيطة بها مسيحياً ووطنياً، اضافة الى الملفات الادارية، ولا احد يمكنه معرفة موقف البابا فرنسيس الذي يعرف كنيسته جيداً ويشهر حرباً اصلاحية لا هوادة فيها”.
ورغم ارتفاع حماوة النقاشات وحدتها في محافل الرهبان واديرتهم، يبقىالاكيد انه لن تكون حملات انتخابية ولا مرشحين ولا برامج انتخابية معلنة، بل جل ما في الامر ان الرهبان يتداولون في ما بينهم أسماء معينة، يحظى كل منها بتأييد مجموعة من الرهبان الملتفين حوله. وفي كلام العارفين ان احداً لا يمكنه حسم الامور او توقع اي شيء خصوصاً ان الاعين مسّلطة على الرهبانية ورئاستها العامة، وجميع الرهبان يذكرون جيداً كلام السفير البابوي كاتشيا في السفارة البابوية العام 2010 عندما نقل اليهم رغبة البابا في متابعة مهمة المطران بولس صياح الذي كان البابا بنديكتوس السادس عشر قد عينه زائراً رسولياً على الرهبانية، وانه (اي كاتشيا) سيكمل هذه المهمة عن قرب وبقوة، ولا شيء يمنع عودة روما الى هذه المهمة، لا بل ان ثمة مطالبة واسعة في الكنيسة المارونية بوضع الامور تحت المجهر رغم نجاحات الرهبانية الكبيرة. ويشير العارفون ايضاً الى ان البابا فرنسيس سيصدر خلال شهر ايلول المقبل ارادة رسولية واضحة جداً عن طريقة “إقالة الاسقف المهمل”، ومعنى ذلك ان البابا الاصلاحي والثائر على الفساد في عقر دار الكنيسة في روما والغرب، لن يتردد في محاسبة كل من يتهاون في قضايا الكنيسة وروحيتها وقيمها، فكيف اذا كان الحال مع رهبانية مار شربل ومار نعمة الله والقديسة رفقا والطوباوي الاخ اسطفان، والحاضنة كل الارث الماروني الثقافي والوطني والانساني.
ويبلغ عدد اديار الرهبنة ومؤسساتها في لبنان حوالي 70 يضاف اليها 13 ديراً ومؤسسة في الانتشار توفر العمل لحوالي 4000 موظف اي 4000 عائلة لبنانية، ويشكل دير عنايا بهذا المعنى ابلغ دليل على تأثير الرهبانية على محيطها حيث يعمل فيه 400 موظف وعامل يشكلون جزءاً اساسياً من سكان منطقة اعالي جبيل.
النهار