نعيش زمن الصوم ونمارس طقوسه ولكن هل نعيش روحيته؟ كثيرين يصومون ولا يستفيدون، كثيرون يمتنعون ويبيحون، كثيرون يبقون في زمنهم ولا يتعمقون في زمن التوبة، يظنون أن الصوم مجرد شكليات لابد من المرور فيها لفترة أو قد تكون من باب ارضاء الجسد … كثيرون يستغلونه وينسون أن الدخول فيه هو عيش روحانيته وليس الانقطاع عن أكلات معينة.كل إنسان يعيش بقرب نفسه يكون قريب من الربّ. الصوم هو اذلال الجسد والانتصار عليه من أجل ربح الروح والسمو بها، هو صفاء النية ونقاء القلب، الجسد يحيا بكل ما يدخل عليه ولكن الروح لا تشبع ما لم تكسر قيود ما يعيقها، وما أكثر قيود الحياة التي يستحضرها الإنسان! يسوع المسيح صام أربعين يومًا، دخل في تجربة وخرج منها منتصرًا، لم يضعف ولم يستسلم للإغراءات ولم يميل بفكره أو يعكر صفاء داخله، غلب الشهوات وأجتاز التجربة، من أجل ماذا ومن أجل من؟! أكيد من أجلنا نحن إخوته، أرادنا أن نتعلم كيف يكون الفوز بالروح وبالنفس، كيف يكون الإيمان وكيف هي الحياة معه وكيف هو التحرر. أراد أن يكون لنا هيكلاً سليمًا تسكنها نفسًا طاهرة ومُحبة للربِّ. المسيح فعل الكثير والكثير من أجلنا ولابد أن نظهر لهُ كذلك نفس الفعل، أن نصوم صومًا حقيقيًا، أن نذل أجسادنا ونميتها من أجل أن تحيا أرواحنا. عندما نصوم فأننا نرتفع فوق مستوى الماديات.فالصوم هو الصراع من أجل اجتياز الخطيئة، وهو تجديد للذهن وتقديس الجسد وجعله ذبيحة خلاصية ” لذلك أتوسل إليكُمْ أُيها الإخوة أن تقدموا أجسادكم ذبيحة مُقدسة مقبولة عندهُ” ( رو 12 : 1 ) بالصوم نتغلب على التجربة ونروض الجسد، متى ما كانت حياتنا للمسيح عندها نستطيع بكل اقتدار أن نقول أننا في المسيح والمسيح فينا، كان ولا زال من أجلنا ومن أجله لابد أن نكون، لا معنى للحياة دون المسيح. إذن كل ما نقدمهُ للربِّ لابد أن يكون طاهرًا بمعنى الطهارة، يجب أن يمس القلب وينعش الروح ويطيبها قبل أن يتغلغل من أجل إشباع الجسد.الله يريد منا في هذه الفترة أن نكون داخل ذواتنا، يريد منا أن تنتصر أرواحنا على أجسادنا، الجسد فاني والروح باقية، تستطيع بالصوم أن تصلب الجسد مع كافة أهوائه في سبيل العيش بالروح، به تستطيع الرؤية بوضوح ( الرؤية الروحية الصافية).
زينيت