بدأت في 28 أيار مايو أعمال الجمعية العامة للأعمال البابوية الرسولية، وذلك بمداخلتين، الأولى لعميد مجمع تبشير الشعوب الكاردينال فرناندو فيلوني والثانية لرئيس الأعمال البابوية الرسولية المطران جامبيترو دال توزو. بدأ عميد مجمع تبشير الشعوب مداخلته مشيرا إلى أنه يؤيد، وانطلاقا من إعلان البابا فرنسيس شهرا إرساليا استثنائيا في تشرين الأول أكتوبر 2019، يريد التركيز في حديثه على هذه الفرصة. وذكّر بالرسالة التي وجهها إليه قداسة البابا لهذه المناسبة في 22 تشرين الأول أكتوبر 2017 حيث أعرب عن رغبته في أن تعيش الكنيسة بكامله الذكرى المائوية للرسالة الرسولية للبابا بندكتس الخامس عشر “Maximum illud” كلحظة إصلاح إرسالي حقيقي للمؤمنين وللكنيسة نفسها. وتابع الكاردينال فيلوني أن البابا فرنسيس قد أطد هكذا اهتمامه الواضح منذ بداية حبريته بإصلاح حياتنا كمسيحيين وإصلاح البنى، وذلك كي تكون رسالة يسوع في جوهر رسالة الكنيسة. أشار أيضا إلى حديث البابا فرنسيس في الإرشاد الرسولي “فرح الإنجيل” عن كون العمل الإرسالي النموذج للعمل الرعوي للكنيسة بكاملها. ثم واصل متحدثا عن الشهر الإرسالي الاستثنائي مشيرا إلى أن هدف هذه المبادرة هو الصلاة والرجاء في أن نتربى على مثال الكثيرين من الشهود القديسين وشهداء الرسالة، والتأمل وعيش المحبة الأخوية كي تكون الرسالة في الأمم النموذج والمثال الملهم، ومعيار عمل الكنيسة وتقييم نشاطها.
أراد عميد مجمع تبشير الشعوب، وهو أيضا رئيس اللجنة لعليا للأعمال البابوية الرسولية، تذكير الحضور بأن كل ما يقومون به هو ثمرة اللقاء الشخصي بيسوع المسيح، الحي في كنيسته المقدسة، ما يجعل بالتالي الإعلان المفعم بالخبرة لهذا اللقاء الذي يغير الحياة والقلوب والعقول أسمى أشكال الرسالة.
ومن القضايا الأخرى التي تطرق إليها الكاردينال فيلوني إصلاح الأعمال البابوية الرسولية، وهو ما يطلبه البابا فرنسيس بشكل متكرر، ودعا المشاركين في الجمعية العامة بالتالي إلى التأمل في تركيبة الأعمال البابوية الرسولية في ضوء الرسالة لتقييم فعاليتها في القداسة وفي الخدمة. ثم أشار إلى عدد من القضايا الهامة من أجل الإصلاح المنشود.
أما المطران جامبيترو دال توزو رئيس الأعمال البابوية الرسولية منذ تشرين الثاني نوفمبر الماضي فأكد في البداية أنه لا يزال عليه تعلم الكثير في هذه المهمة التي أوكلها إليه الأب الأقدس، وأراد وانطلاقا من خبراته السابقة التأمل في الجانب اللاهوتي للعمل الإرسالي، فتحدث أولا عن معنى الرسالة. وقال في هذا السياق إن الرسالة هي دعوة من الله في يسوع المسيح، دعوة نجيب عليها، ليست بالتالي ما يكمن اعتباره مبادرة من الكنيسة، بل هي من الله في المسيح والذي كانت كلماته الأخيرة على الأرض قبل صعوده “فاذهبوا وتلمِذوا جميع الأمم، وعَمِّدوهم باسْم الآب والابن والروح القدس” متى (28، 19). وشدد بدوره، وشأن ما فعل الكاردينال فيلوني، على انطلاق الرسالة من اللقاء الشخصي بيسوع المسيح، وأضاف مذكرا بأن كلاً من البابا الفخري بندكتس السادس عشر والبابا فرنسيس قد كررا أن بداية الإيمان هي في هذا اللقاء الشخصي بالمسيح.
ومن القضايا الأخرى التي تطرق إليها المطران دال توزو ارتباط إعلان الإنجيل بسر المعمودية، قال إننا نحتاج إلى علامة فعالة تؤكد عطية الروح القدس كشرط أساسي. وتابع أن الإنجيل ليس نظرية، بل هو تطبيق عملي يمنح شكلا لحياتنا بالكامل. وذكّر في هذا السياق بما جاء في الرسالة الصادرة عن مجمع عقيدة الإيمان في شباط فبراير 2018 حول بعض جوانب الخلاص المسيحي، حيث تحدثت عن المعمودية التي تجعلنا ننتمي إلى المسيح وإلى الكنيسة، وعما يترتب عليها من تحول في أسلوبنا المحدد لعيش العلاقة مع الله ومع البشر ومع الخليقة. وتحدث رئيس الأعمال البابوية الرسولية أيضا عن الوثيقة المجمعية القرار في نشاط الكنيسة الإرسالي “إلى الأمم”، والتي جاء فها: “لا يتحرر أحد من الخطيئة بذاته وبقواه الذاتية، ولا يرتفع إلى أعلى ما هو عليه، ولا ينجو أحد نجاة كاملة من ضعفه أو عزلته أو عبوديته. فالجميع في حاجة إلى المسيح المثال، والمعلّم والمحرر، والمخلّص، والمحيي. والإنجيل كان في تاريخ البشر وفي الحقيقة خمير حرية وتقدم، حتى في الناحية الزمنية من هذا التاريخ، وهو أبداً بمثابة خمير أخوّة ووحدة، وسلام. ولهذا لم يكن عن عبث احتفاءُ المؤمنين بالمسيح على أنه “منتَظَر الأمم ومخلِّصها” (إلى الأمم 8).
تحدث المطران دال توزو بعد ذلك عن دور الأعمال البابوية الرسولية اليوم وأشار إلى ضرورة تكييف نشاطها مع متطلبات الرسالة، مشددا في المقام الأول على أهمية دعم تنشئة العاملين الرعويين على أرض الواقع، وهذا طريق بدأ السير عليه في السنوات الأخيرة. ومن بين القضايا الهامة التي شدد عليها رئيس الأعمال البابوية الرسولية الشركة مع الأب الأقدس. ثم ختم معربا عن الفرح بمهمته لأنها توفر له فرصة العمل مع أبرشيات وجمعيات رهبانة ومراكز تكوين تعمل بحماسة كبيرة، في وقت يسود فيه انطباع، وخاصة في الغرب، بكنيسة فاترة قد لا يكون لها مستقبل.
إذاعة الفاتيكان