تحقيق بدوي حبق / وطنية
على كتف وادي القديسين المعروف بوادي قنوبين تطل عليك بلدة “بان” المكشوفة، واحدة من قرى وبلدات منطقة قضاء بشري الملاصقة لبلدة كفرصغاب في قضاء بشري.
ترتفع بلدة “بان” عن البحر 1300 متر مربع، مساحتها حوالي 9 كلم مربع، يتراوح عدد سكانها بين 8000 و8500 نسمة والأغلبية الساحقة منهم في بلاد الهجرة وبالتحديد في اوستراليا، أما الذين يتواجدون في لبنان فيقصدونها بكثرة في فصل الصيف للتمتع بمناخها الجميل وفي فصل الشتاء يقصدون الساحل وخصوصا مناطق زغرتا وجونية وبيروت.
يبلغ عدد ناخبيها من المقيمين والمغتربين حوالي 2000 نسمة منهم 300 ناخب يمارسون حقهم في لبنان. تعددت التفسيرات حول تسميتها، فالذين يعرفون اللغة السريانية ويتعمقون بها يرددون التسمية الى أن بلدة “بان” تعني “ظهر” لواقعها الجغرافي المكشوف. أما الذين يتعمقون باللغة اللاتينية فيعتبرون أن “بان” تعني البكاء والنوح وذلك بعد وفاة الإله “بعل” إله المطر وذلك يفسر أن الخير قد ذهب وولى.
تشتهر بلدة “بان” بزراعة التفاح والإجاص والخوخ والكرز وحديثا تنتشر فيها زراعة “الكيوي”، فيها تعاونية زراعية تعرف بإسم “تعاونية بان الزراعية” وهي تعنى بشؤون المزارعين وتهتم بتأمين الأسمدة والحاجات الضرورية لهم وهي صلة الوصل بين المزارعين والدولة.
يوجد في “بان” أراض تابعة للرهبنة اللبنانية المارونية وتحديدا دير مار أنطونيوس قزحيا، من بين تلك الأراضي منطقة تعرف ب “عين بقرة” وهي مشهورة بتفاحها اللذيذ وإجاصها وكرزها المميز.
تسهيلا للمزارعين ولتأمين ري المزروعات أنشئت بحيرة طولها 115 مترا وعرضها 115 مترا وبعمق 30 مترا لري المزروعات والأراضي المشتركة بين أهل البلدة والرهبان بتمويل من البنك الدولي.
مختار البلدة أنطوان معيط، يأسف لانه رغم شهرة بلدة “بان” بالفواكه اللذيذة ورغم الإهتمام بها، فان إنتاجها لا يرد كلفتها، إذ تعتبر مصدر خسارة للمزارعين ولا سيما وأن أغلب سكانها يعتاشون من الزراعة.
على الصعيد البلدي، إشتركت بلدة “بان” لأول مرة في الإنتخابات البلدية في العام 2010 حين تأسس أول مجلس بلدي يضم 12 عضوا ويترأسه حاليا جوزيف خضير الذي يعمل مع مجلسه على الإهتمام بمداخل البلدة وتأهيل الطرقات الداخلية والجردية.
فوق أراض “بان” يتربع دير تابع للرهبنة اللبنانية المارونية ولرئاسة دير قزحيا، وفيها كنيستان، مار جرجس وهي كنيسة الرعية وسيدة الحقلة، فيما تهتم بالأمور الروحية والكنسية والدينية أخوية الحبل بلا دنس في البلدة، كما يهتم “نادي شباب بان” بالأمور الرياضية والنشاطات الثقافية والإجتماعية والخيرية. كذلك فإن جمعية مار جرجس الخيرية في سيدني- أستراليا على تواصل دائم مع المقيمين من أبناء البلدة وتعمل على مساعدتهم في المجالات والأصعدة كافة.
“بان” هي بلدة جبرايل فشخا الذي رافق يوسف بك كرم في حروبه ومعاركه، وقد إشتهر ببطولته وصدقه وإخلاصه ووطنيته. “بان” هي بلدة “مرهج بن نمرون الباني” حيث يروي عنه المربي والمتعمق بالدراسات التاريخية في البلدة بادواني زعيتر أن مرهج له كتاب عنوانه “أصل الموارنة” وهو موجود في مكتبة الفاتيكان، وصدر في أواخر القرن السابع عشر. ويقول بأنه قد اشترك الباني مع المطران جبرايل الصهيوني في وضع الكتاب المقدس باللغتين السريانية والعربية سنة 1703، وعلم في مدارس فرنسا وجامعاتها وتسلم المكتبة الفاتيكانية بعد خاله إبراهيم الحاقلاني. وقد تعددت الآراء حول وظيفته الكهنوتية فمنهم من يقول أنه كان شماسا والبعض يقول أنه إرتسم كاهنا والثابت أنه أصبح مستشارا للبطريرك الماروني يوحنا الصفراوي ويعرف عنه أنه أول من عرف الغربيين على البن من خلال مقال كتبه عنه ولا يزال هذا المقال محفوظا في مكتبة الفاتيكان.
من علامات البلدة المضيئة أنه في العام 1584 كان أول تلميذ يلتحق بالمدرسة المارونية في روما من “بان” هو جبرايل مسعد.
ومن أهمية البلدة يذكر الدويهي في تاريخ الأزمنة أن “بان” كانت من البلدات التي كانت تحضر إنتخابات البطريرك عبر ممثل عنها عندما كان البطريرك يسكن في قنوبين.