ترأس متروبوليت بيروت وجبيل وتوابعهما للروم الملكيين الكاثوليك المطران كيرلس سليم بسترس، قداس اثنين الفصح في كنيسة المخلص – السوديكو، عاونه النائب العام الارشمندريت انطوان نصر والنائب القاضي الاب اندره فرح، وخدمت القداس جوقة الكنيسة بقيادة الاستاذ جورج شلهوب، في حضور المحامي ابراهيم طرابلسي، الاستاذ سليم ابو زيد، الاعلامي الاستاذ نبيل براكس وشخصيات وحشد من المؤمنين.
وألقى بسترس عظة قال فيها: “أعداء الانسان كثيرون، ولكن ألد عدو للانسان، إنما هو الموت، كما يقول بولس الرسول. فسائر الاعداء يمكن الانسان ان يسيطر عليهم، لانهم محدودون في قوتهم، وزائلون في سلطتهم، اما الموت فلا أحد، مهما عظم شأنه واتسعت سلطة وكبرت ثروته، يستطيع ان يتهرب منه او يتغلب عليه. لا أحد يستطيع التغلب على الموت إلا الذي خلق الحياة. الله وحده، خالق الحياة، يمكنه ان يسيطر على الموت. وقد أرسل إلينا ابنه وكلمته “الذي فيه ملء الحياة”، فتجسد وعاش انسانا شبيها بنا في كل شيء ما عدا الخطيئة، وقاسى الم الموت، وبموته وطىء الموت، كما نرنم بدون كلل في نشيد العيد: المسيح قام من بين الاموات، ووطىء الموت بالموت، ووهب الحياة للذين في القبور”.
أضاف: “في ايقونة القيامة في الفن البيزنطي، التي تدعى ايقونة انحدار المسيح الى الجحيم، يصور المسيح وقد نزل الى الجحيم وأمسك بيد آدم وحواء، اللذين يرمزان الى كل الراقدين منذ بدء الخليقة، وأقامهما معه الى حياة المجد. لقد قام المسيح من بين الاموات، بعدما صلبه اليهود بسبب تبشيره بالحرية وبإله هو أب لجميع البشر. فتم فيه قول المزمور: “رؤساء الشعوب ائتمروا معا على الرب وعلى مسيحه”. سمروا يديه ورجليه بالمسامير وطعنوا جنبه بحربة، ووضعوه في قبر. لكن بما انه ابن الله إله الحياة وإله المحبة، قام من الموت، لان الحياة لا تموت والمحبة أقوى من الموت. يسوع المسيح هو ابن الانسان، ومصيره هو تعبير عن مصير كل انسان، ونزوله الى الجحيم هو رمز لنزوله الى قلب كل انسان يسعى الى الخلاص. ماذا يعني كل هذا بالنسبة إلينا اليوم، هل حقا قام المسيح في حياتنا ولم يبق فيها أي أثر للموت، أم لا نزال قابعين في قبور نفوسنا المنتنة بالخطيئة وكل أنواع الشرور، هل حقا قام المسيح في وطننا لبنان، ولم يبق فيه أي أثر للفساد، الحياة السياسية في لبنان اليوم هي أشبه بحالة سبات الموت، وفي عتمة القبور”.
وتابع: “سنة 1920 نشأت دولة لبنان الكبير كوطن تتعايش فيه 18 طائفة على أساس دستور يحترم جميع الاديان والمذاهب وينادي بحرية الدين والمعتقد وسائر الحريات المعترف بها دوليا. فعاش اللبنانيون بعضهم مع بعض فترة من الزمن في تعاون وتضامن ومحبة وسلام، استنادا الى التوازن بين الطوائف، هذا التوازن الذي يستطيع وحده ان يؤمن العيش المشترك. لكن “رؤساء الشعوب ائتمروا معا على لبنان وعلى كيانه”. فعلقوه على الصليب وراحوا يسمرونه مسمارا تلو المسمار. “إكليل من شوك وضع على هامة ملك الملائكة”. وإكليل من شوك وضع على رأس لبنان، وأشواك مختلفة توضع منذ سنتين أمام انتخاب رئيس للدولة اللبنانية، وأمام إقرار قانون عادل للانتخابات النيابية، وأمام مختلف أمور الحياةالسياسية. لا يزال سياسيونا يتخبطون في ظلمةالقبور، وينتظرون الحلول تأتيهم من الخارج، من بلدان لا تهتم إلا لمصالحها الخاصة، أما آن لنا ان نعود الى أنفسنا ونجد الحلول في تنازلات وتسويات أخوية لا مفر منها، أما آن لنا ان نستيقظ من سبات الموت ونفتح قلوبنا ليشع فيها نور القيامة، كما يدعونا بولس الرسول بقوله: استيقظ ايها النائم، وقم من بين الاموات، فيضيء لك المسيح”.
وختم بسترس: “بالرغم من كل مآسينا نبقى على الرجاء. فقيامة لبنان آتية لا محالة، لان لبنان هو بلد مقدس وطئت أرضه أقدام السيد المسيح ومريم العذراء، وشهد فيه المسيحيون على مدى ألفي سنة للمسيح القائم من بين الاموات. لذلك ستبقى أجراسنا تدق، وسنظل نعلن: المسيح قام”.
وبعد القداس تقبل بسترس والكهنة التهاني بالعيد في صالون الكنيسة.
وطنية