بشري بلدة لبنانية في محافظة لبنان الشمالي وهي مركز قضاء بشري، تتراوح معدلات ارتفاعها عن سطح البحر بين 1400 متر و1650 مترا، تقع على حدود وادي قاديشا، هي عاصمة قضاء بشري التابع لمحافظة لبنان الشمالي. تعتبر البلدة الوحيدة التي ما يزال يتواجد فيها محمية تضم ما تبقى من أشجار الأرز اللبناني (أرز الرب) النادر الوجود، وهي أيضا مسقط رأس الكاتب والشاعر اللبناني – الأميركي العالمي جبران خليل جبران وتضم متحفا خاصا به في دير مار سركيس. وتحاذي وادي قاديشا المقدس وتبعد عن العاصمة بيروت مسافة 126 كلم عن بيروت.
تنتشر في قضاء بشري قرى عدة تبدو نهارا أيقونات قرميد وحجر حنون بينما تتلألأ ليلا كثريات عملاقة رفعتها الأرض لجلالة السماء، منها قرى قنات، حصرون، طورزا، برحليون، بزعون، بيت منذر وبقرقاشا… يقدر عدد سكان القضاء بحوالي 32 ألف نسمة، يشكلون نسبة 0.86 % من مجموع سكان لبنان، ينتشرون في أكثر من 21 بلدة.
قضاء بشري أحد الأقضية الستة في محافظة لبنان الشمالي، يقع على الجانب الغربي من جبل المكمل، وهو أعلى جبل في لبنان. يحدها من الشمال أقضية زغرتا و المنية ـ الضنية ومن الشرق قضاء بعلبك، من الجنوب قضاء البترون، ومن الغرب قضاء الكورة. مركز القضاء “بشري” البلدة التي تعتليها أقدم غابة أرز في لبنان والعالم. يتميز بمناظره الطبيعية الخلابة، وخصوصا وادي قاديشا، الذي يوجد فيه أقدم دير في لبنان.
يشكل الموارنة نسبة 99 % من سكان القضاء، بحيث تعتبر بشري المركز الروحي للموارنة. فقد ساهمت تاريخيا مساهمة جوهرية في الحفاظ على وجودهم.
تاريخيا، تسمية “بشري” فينيقية الأصل وتعني “منزل عشتار”، إلهة الخصب والجمال والأمومة المقاتلة التي عبدها الفينيقيون سكان الساحل الشرقي للمتوسط منذ العصور القديمة.
كانت بشري مركزا لمستعمرة فينيقية في العصور القديمة، وفي القرن السابع بعد الميلاد شكلت والجبال المحيطة بها ملجأ للموارنة المضطهدين بسيف الدولة الدينية وتعنتها فأصبح مذاك وادي قاديشا الواقع تحت البلدة المركز الروحاني الرئيسي للكنيسة المارونية، ولاحقا دعاها الصليبيون بإسم “بويسيرا”.
وبعكس مناطق أخرى من لبنان فان سكان بشري استمروا باستعمال اللغة الآرامية حتى القرن التاسع عشر وكنتيجة لذلك ما يزال سكان المنطقة يتكلمون بلهجة متميزة بشكل كبير عن باقي المناطق اللبنانية إلى هذه الأيام.
سياحيا، تشكل بشري اليوم أحد أهم القطاعات الاقتصادية حيث تضم البلدة متحف جبران خليل جبران ومدفنه، غابة أرز الرب الشهيرة ومجمعات التزحلق على الثلج، وتشرف البلدة أيضا على وادي قاديشا المقدس ومغارة قاديشا، كما يقع مسقط رأس القديس شربل في بلدة بقاعكفرا القريبة من بشري.
لبشري قيمة سياحية راقية، تضم فنادق واستراحات يصل بعضها لمستوى خمسة نجوم، وموتيلات وحانات وشقق مفروشة وغيرها.
تضم مؤسسات رسمية عدة من دوائر رسمية ومحاكم ومراكز امنية ومستشفى حكومي ومراكز عدة للجمعيات المدنية والخيرية الناشطة على الصعيد الاجتماعي وأبرزها مركز للصليب الأحمر اللبناني والمقر الرئيسي للجمعية الكشفية المارونية.
يشتهر عن أبناء بشري إيمانهم وتعلقهم الكبير بالمسيحية، وتقام خلال العام احتفالات بالأعياد الدينية التقليدية في البلدة حيث يجتمع السكان بعد الصلاة ويتجمعون حول الموائد والغناء والرقص حتى ساعات الفجر الأولى.
مناخيا، تحظى بشري بطقس جبلي متوسطي صيفها جاف ولطيف وشتاؤها بارد ومثلج، ويصل أقصى ارتفاع للحرارة صيفا إلى 30 درجة مئوية، بينما تصل أدنى مستويات الحرارة شتاء لحوالي 15 درحة مئوية تحت الصفر، وقد يصل ارتفاع الثلوج شتاء إلى حوالي المترين. اما الرطوبة فعالية نسبيا، بسبب تسلل سحب الضباب البحري إليها من البحر فتكسي الطبيعة حولها رداء فضيا بهيا يندر وجوده.
من أبرز أعلام بشري في التاريخ علمان هما القديس شربل أبرز قديس للطائفة المارونية، والذي تم تطويبه في السنوات الأخيرة من قبل حاضرة الفاتيكان، فشكل ضريحه مزارا للموارنة واللبنانيين، لطلب شفاعة او تبرك. والكاتب والأديب الكبير جبران خليل جبران فبشري مسقط رأس الفيلسوف والرسام والشاعر والأديب اللبناني العالمي الذائع الصيت جبران خليل جبران، تضم بالإضافة إلى بيت جبران متحفه الذي أقيم في دير صخري على مقربة من مدفنه، وفيه مجموعة كبيرة من لوحاته الفنية ومخطوطاته. ويشكل متحف جبران ومدفنه محجة ثقافية وطنية لبنانية وعربية.
ويتميز أهل بشري بطيبتهم، وبجمعهم صفات أهل القرية وتطور أهل المدن، وبكرمهم الذي يلاحظه كل من يزور بشري.
تذخر منطقة بشري بمواقع طبيعية وتاريخية مهمة جدا. وقد لا يلزم الزائر أكثر من نصف ساعة لينتقل من علو 3000 متر إلى ما دون ارتفاع 1000 متر عن سطح البحر، في أعماق وادي قاديشا. وتعج المنطقة بالأنهر والينابيع والشلالات والأشكال الطبيعية الأخرى إلى جانب الكنائس والأديار والصوامع الصخرية، ناهيك عن القرى المضيافة لتنقل الزائر إلى إنسانية عريقة وقيم روحية عميقة قد لا يستشعرها في مكان آخر.
وادي قاديشا
وادي قاديشا في قضاء بشري، يعتبر هبة الهية ويبعد عن العاصمة بيروت 121 كلم.
أطلق عليه لقب وادي القديسين كما عرف بوادي قنوبين لاحتضانه دير سيدة قنوبين، ويتمتع بطبيعة زاهية تضم الانهار والشلالات والينابيع ومواكب الزهور والاشجار القديمة والعميقة الجذور بين الصخور الهائلة والكهوف والمغاور. وقد صنفته منظمة الاونيسكو الدولية العام 1998 الى جانب غابة الارز محمية طبيعية مميزة على لائحة التراث العالمي. من أهم الأديرة فيه، مقر البطريركية المارونية من العام 1400 م حتى العام 1790 م، وكذلك دير مار أليشا الشاهد على ولادة الرهبنة المارونية اللبنانية العام 1695، ودير مار أنطونيوس قزحيا وهو مقر أول صحافة مكتوبة في لبنان في القرن السادس عشر، من الأديرة المهمة في لبنان.
مغارة قاديشا
اما مغارة قاديشا فهي إحدى روائع الطبيعة الجوفية في لبنان، وقد اكتشفت في العام 1903، وقدر عمرها بعشرة ملايين سنة، شرعت مراجع عديدة لوضع الدراسات عن أغوارها وتأهيلها وتحديث وسائل الوصول اليها.
غابة الارز
هي وديعة الرب، تضم المئات مما تبقى من غابات الأرز اللبناني النادر الوجود، يمكن الوصول من بشري إلى غابة الأرز (140 كلم عن بيروت) التي تحوي مئات أشجار الأرز التاريخية الشهيرة، وهي ما تبقى من الغابات الكثيفة التي كانت تغطي جبل لبنان في العصور القديمة.
غابة “بشري” أشهر غابات الأرز في لبنان ومحمياته، تضم أقدم الأشجار ومنها ما يصل عمرها إلى بضع مئات من السنين. وهناك ألوف من الأشجار الأصغر سنا، وقد غرست بهدف تأمين استمرارية هذا الإرث الوطني. وقد استعمل الفينيقيون القدماء خشب الأرز اللبناني لبناء البيوت والسفن.
بشري المتربعة على مجد الطبيعية في لبنان تحوطها رعاية إلهية مقدسة، وتتوجها شفاعة القديس شربل و”النبي” جبران، وارز الرب، وهي من اهم الإرث اللبناني المشرقي المستحق للرعاية والتأهيل المستمرين، لكي تبقى رجاءاواملا لقيامة لبنان واستمراريته.
تحقيق موني كرم
نقلاً عن الوكالة الوطنية للإعلام