أصدرت بطريركية أنطاكية للروم الأرثوذكس بياناً أمس، جاء فيه:”أصدرت البطريركية المقدسية أخيراً بيانًا تدعي فيه “قول الحق وبصراحة”، في ما يعود إلى تعديها على حدود البطريركية الأنطاكية وإحداثها أبرشية في قطر تابعة للبطريركيّة المقدسيّة.
يهم بطريركية أنطاكية وسائر المشرق أن تؤكد بادئ ذي بدء أنها، وإذ تنأى بنفسها عن لغة السجالات الإعلامية، ترى نفسها مضطرة إلى توضيح بعض نقاط البيان المذكور من باب “قول الحق بصراحة”.
1 – إذا كانت الظروف اللوجستية لم تسمح للكنيسة الأنطاكية بأن تكون في قطر، فهذا لا يعني أن الكنيسة الأنطاكية حديثة العهد في “العربية”. تكفي الإشارة إلى أن كنيسة أنطاكية رعت المسيحيين في تلك المنطقة منذ فجر المسيحية. أما في العصر الحديث، فإن الوجود الأنطاكي الفعلي قد ترسخ في تلك المنطقة تدريجاً فكان لكنيسة أنطاكية في العام 1953 أبرشية تشمل المنطقة بكاملها وكان على رأسها متروبوليت يعيش في وَسطها ويرعى الشعب المسيحي الأرثوذكسي من مختلف الجنسيات. وقد تعاقب على خدمة هذه الأبرشية عدد من المطارنة حتى يومنا هذا. وبالتالي فإنه لا بد من التساؤل: لماذا لم تعترض البطريركية المقدسية منذ ذلك الوقت على الوجود الأنطاكيّ إذا كانت تعتبر نفسها صاحبة الولاية الكنسية على
قطر؟
2 – يؤسف البطريركية الأنطاكية ويحزنها أن تلاحظ مدى الضياع الذي وصلت اليه البطريركية المقدسية في مقاربتها لهذه الأزمة التي افتعلتها. وتستنكر الاستخفاف بعقول المؤمنين الذي لجأت اليه لكي تظهر بصورة الضحية المعتدى عليها، في حين انها تمعن في تعديها، فتستشهد بمذكرة إدارية تدعي أنها صادرة عن البطريركية الأنطاكية وتنسب كلامًا الى البطريرك الأنطاكي لم يقله يومًا ولن يقوله أبدًا. ولذلك، ومنعًا لأي التباس، فإن البطريركية الأنطاكية تؤكد مجددًا أنها ترعى المؤمنين الذين يقيمون ضمن حدودها التاريخية والقانونية المنصوص عليها في القوانين الكنسية والتي لا توجد ضمنها لا مصر ولا الأردن ولا القدس. وفي هذا المجال يهم البطريركية الأنطاكية أن تلفت انتباه المغرضين إلى أطيب العلاقات التي تربطها ببطريركية الاسكندرية التي ترعى عدداً كبيراً من المؤمنين الأنطاكيين المقيمين في مختلف دول القارة الافريقية.
3 – على رغم أن البطريركيّة الأنطاكيّة تصرّ على تجنّب نمط السجالات، لكن لا بدّ لها من لفت النظر إلى أمرين
مهمين:
أ – اتهام البطريركية الأنطاكية بالعرقية عارٍ من الصحة. يشهد على انفتاح هذه الكنيسة المساواة بين المؤمنين، والتعدد الذي يطبع الرِعاية الأنطاكيّة في
العالم.
ب – أما في ما يتعلق بالتنصل من اتفاق أثينا والمزاعم الأخرى، واستجابةً لرغبة البطريركية المقدسيّة، كما جاء في بيانها، “باستدعاء شهود البطريركية المسكونية ووزارة الخارجيّة اليونانيّة”، ورفعاً لأي التباس، تستأذن البطريركيّة الأنطاكيّة الأب الكلي القداسة البطريرك المسكوني برثلماوس وتورد حرفياً بعضاً مما جاء في رسالته إلى غبطة البطريرك يوحنا في 12 تشرين الثاني 2013 رقم البروتوكول 943 وهو الكفيل بشرح كل شيء:”تعرفون يا صاحب الغبطة (يوحنا) وتقدّرون كما يجب، أنّ البطريركيّة المسكونيّة، وضِعتُـنا شخصيًّا، قد قمنا بمحاولات عديدة ومتكرّرة في اتّجاه تسوية هذه المشكلة منذ لحظة ظهورها، وذلك بمبادرات قمنا بها مرفقة بطلبنا شخصيًّا إلى أخينا غبطة بطريرك أورشليم السيّد ثيوفيلس ألاّ يقوم برسامة رئيس الأساقفة المذكور آنفًا، الذي كان منتخباً في حينه…”.
ولكنّ بطريركيّة أورشليم، للأسف، وخلافاً للنصائح الأخوية في هذا الصدد والتي تمنتها البطريركية المسكونية عليها من أجل الخير العام للأرثوذكسية جمعاء، والقائمة على القوانين الشريفة وتسليم الكنيسة الأرثوذكسية المقدس، وكذلك خلافاً لمطالباتكم الشخصية أيضاً، يا صاحب الغبطة، قامت برسامة رئيس الكهنة المذكور آنفاً وتثبيته…”.
النهار