انتظر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون حتى الأيام الأخيرة من ولايته كي يحرّك مسألة ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وسوريا، علماً أنّ ليس هناك من رابطٍ بين الترسيم الذي حصل في المياه الجنوبية مع إسرائيل والترسيم الذي يمكن أن يحصل في المياه الشمالية مع سوريا، وهنا يبرز السؤال: لماذا انتظرنا كلّ هذا الوقت كي نحرّك الملف مع سوريا؟ هل السبب أنّ البعض في لبنان كان يعارض الحديث مع النظام السوري في هذا الموضوع؟ وأين هي عملية ترسيم الحدود البرّية بين لبنان وسوريا وأبرز ما فيها مسألة مزارع شبعا المحتلّة؟
طبعاً، يدرك النظام السوري الأوضاع التي سيقبل عليها لبنان، وهي أوضاع لا يسودها الاستقرار السياسي في ظلّ شغور رئاسي وتخبّطٍ حكومي، وبالتالي لا ضير لدى النظام السوري في استقبال أي وفدٍ والبدء معه بنقاش حول هذا الموضوع طالما أنّ الأمر لن يحسم وسيتأخّر بسبب الخلافات اللبنانية التي ستؤدّي إلى نزاعٍ على خلفية اتّخاذ قرارٍ في هذا الموضوع أو غيره بسبب غياب مرجعية السلطة التنفيذية.
في كل الأحوال، لا بدّ من التنويه بخطوة زيارة وفد لبناني الى سوريا من أجل مناقشة ترسيم الحدود البحرية في الشمال، ولو أتت متأخّرةً، برئاسة نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب في هذه المرحلة، وهي ستكون بعد زيارة آموس هوكشتاين وإنجاز توقيع أوراق اتفاق الترسيم مع إسرائيل، علماً أنّ أيّ تحرّك جدّي في إطار الترسيم البحري مع سوريا والتوصل إلى نتيجة سيفتح الباب أيضاً لصيغة نهائية لترسيم الحدود البحرية مع قبرص باعتبار أنّ الصيغة النهائية مع هذه الدولة مرتبطة بترسيم الحدود البحرية جنوباً وشمالاً.
وفي هذا المجال لا بدّ من الإشارة إلى أنّ القبارصة يستعجلون بتّ هذا الموضوع مع لبنان، باعتبار أنّ معظم النقاط الخلافية قد تمّ بتّها وتحتاج الأمور بحسب القبارصة إلى تعديلات بسيطة شمالاً وجنوباً، ولكنّ الحسابات القبرصية هذه قد لا تناسب الحسابات اللبنانية، وهذا ما يخشاه القبارصة لجهة أن يعود اللبنانيون إلى فتح ملف الترسيم منذ البداية، لا سيّما وأنّ موعد زيارة الوفد القبرصي المرتقبة إلى لبنان قد طرأ عليه تعديل من الجانب اللبناني فرض تأجيلاً بانتظار أن تكون الصورة قد توضّحت مع الجانب السوري، وأن يكون التوقيع النهائي أيضاً قد تمّ على اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل.