أسرعت إلى القلم. من أنا لأقول شيئاً مني؟ غير أني أقول صادقاً لم أرد أن أقول شيئاً إلا من الله. لا شيء يؤكد لي أني أبلغ كلام الله إلا لاقتناعي أن ليس عندي ما أقوله مني لهم. “بلغ أنك مبلغ لست عليهم بمسيطر” أنت تمحى عندما تقول لأنك عبد. ولكن الكلام فيك ولا تستطيع إلا أن تخرجه من فمك.
الكلام فيك هو الذي نزل عليك. أنت ناقل لكلام الله إن كنت له. كلامك لا تعرف انه من الله إن لم تكن مؤمناً كبيراً ولست تريد أن يكون لك كلام إلا الذي ينزل عليك. ما يأتي مني أتاني من الناس حولي أو ممن سبقني. له قيمة الناس وقيمة قبولي. ليس ما تقول حقاً إلا الذي نزل عليك. أنت امتحن كلامك بالضمير لتوقن على قدر الإمكان أنه نازل عليك. “بلغ انك مبلغ لست عليهم بمسيطر”، حاول أن تفهم ما قاله الله. أنت فمه إن استطعت أن تكون له رسولاً، حاول أن يكون قلبك له ليجعلك رسولاً. إذا أنت مع خطاياك لا تقدر أن تكون وحيداً مع الله. إذا استطعت أن تتحرر من الخطيئة إلى حد كبير تقدر أن تقول كلمة الله بصورة فعالة وإلا كنت مجرد محدث. ما من واعظ ولد في العالم إن لم يكن برحمة الله يستطيع أن يبلغ. وإذا زاد كلمة واحدة على كلمة الله تبطل كلمته.
غير إنه لا يمكن أن يقول كلمة الله إن لم يكنها. التوحد بالله إيماناً، وسلوكاً شرط التبليغ فإذا استطاع الواعظ أن يوحد نفسه بربه بالمحبة يقدر أن يقول شيئاً من ربه وإلا كان كلامه ترداد ما قرأ. لذلك كان الواعظ الكبير المطيع الكبير.
يعني ذلك إن من لم يكن مسعاه أن يتطهر لا ينبغي له أن يتكلم بشؤون الله لأن شأن الله لم يدخل إليه. يجب أن يفهم المتدنس إن لا قدرة له على تبليغ الكلام الإلهي. الناس لا يسعون إلى كلامك. يريدون كلمة من فوق. وأنت لا تستطيع أن تصطنع نفسك إلهياً. هذا ينزل عليك أو لا ينزل.
ان لم تعرف نفسك عائشاً بالله لا تقل شيئاً. هذا يكون تفهاً. امتنع عن الكلام ان عرفت نفسك مدنساً إذ يأتي كلامك دنساً. لا تتكلم إلا من فيض نزل عنك. الناس لا ينتظرون كلاماً بشرياً. يتوقعون كلمة من الله أتى بها لسان بشري.
النهار