كنيسة في خروج، كنيسة ضواحي، هذا ما تحدث عنه البابا فرنسيس في مقابلة أجرتها معه مجلة Vida Nueva (الحياة الجديدة) الكاثوليكية الإسبانية تمحورت حول ما يحلم به الأب الأقدس، وتم التطرق خلال المقابلة إلى مواضيع عديدة مثل الحرب في أوكرانيا والحوار والكونسيستوار القادم وغيرها.
أجرت مجلة Vida Nueva (الحياة الجديدة) الكاثوليكية الإسبانية مقابلة مع البابا فرنسيس قبل مغادرته الفاتيكان متوجها إلى لشبونة لمناسبة اليوم العالمي للشباب. وعنونت المجلة المقابلة التي نشرتها في ٤ آب أغسطس لمناسبة مرور ٦٥ سنة على تأسيسها “بِماذا يحلم البابا فرنسيس”. وتحدث قداسته في البداية عن أهمية الحلم بل ضرورته، وقال إن هناك دائما ما يمكن الحلم به وقد تكون هذه الأحلام خططا أو تطلعات. فالإنسان حين يحلم، قال البابا فرنسيس، يفتح الأبواب والنوافذ، ومَن لا يحلم لا مستقبل له بل سيكون مستقبله مطبوعا بالتكرار والملل.
وواصل البابا فرنسيس الحديث عن الحلم فقال إنه كمُعرِّف وحين كان البعض يأتون إليه للاعتراف ويتحدثون عن مشاكلهم كان يسألهم إن كانوا يحلمون وإن كانوا يتخيلون أشياء جميلة، وفي حال كان لديهم أبناء يسألهم إن كانوا يفكرون في مستقبل أبنائهم. وشدد قداسته بالتالي على ضرورة دعوة الجميع إلى فتح الأبواب والنوافذ، وإلا فسنسقط فيما وصفه بآلية النشاطات التجارية، أي النظر إلى الخارج انطلاقا من المصالح فقط، لا للتأمل في أحلامنا.
وُجه إلى الأب الأقدس بعد ذلك سؤال إن كان يواصل الحلم بكنيسة فقيرة ومن أجل الفقراء، وأجاب البابا عائدا إلى التعبير الذي استخدمه من قبل ألا وهو كنيسة في خروج، فقال إن هذا التعبير يعني أنك لا تعرف ما ينتظرك ولكن لا يمكن الانغلاق على الذات. كما وتحدث عن حلمه بكنيسة ضواحي وأضاف أن الكونسيستوار القادم هو حلم في هذا الاتجاه. وأشار قداسته إلى أن المقارنة بين أعداد الكرادلة الجدد الذين تم تعيينهم من الكوريا في الماضي ثم في السنوات العشر الأخيرة تكشف كون الضواحي في المركز، وأراد لفت الأنظار إلى بعض الأمثلة على الكرادلة الذين سيتم تعيينهم في الكونسيستوار القادم فأشار إلى أنه سيكون هناك كاردينال من جنوب السودان وآخر من ماليزيا. وتابع البابا حديثه قائلا إن هذه هي الكنيسة التي يحلم بها، كنيسة أعمال الرسل، وعاد إلى يوم العنصرة حين كان كلٌّ يتكلم بلغته إلا أن الجميع كانوا يفهمون بعضهم بعضا، وأضاف قداسته أن هذا ما يجب أن يحدث الآن وهذه هي الكنيسة التي يجب أن نسعى إليها.
وفي إجابته على سؤال حول صعوبة الحلم في عالم مثل عالم اليوم توقف البابا فرنسيس عند ما وصفه بالبعد المأساوي الحالي. وتابع مشيرا إلى أنه ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية كانت هناك نزاعات في مناطق مختلفة، واليوم نشهد حربا في أوكرانيا. وأضاف قداسته إن هذه حرب تقلقنا لأنها قريبة منا، وتساءل: مَن يفكر اليوم في اليمن وسوريا وكل تلك الحروب في أفريقيا، كما وأشار إلى ما يعاني منه الروهينغا الذين يطوفون العالم لأن لا أحد يريد استقبالهم. هذا وأراد قداسته هنا لفت الأنظار إلى أنه حتى في مثل هذه الأوضاع هناك مبررات رجاء وتحدث على سبيل المثال عن رفض عمال ميناء جنوة الإيطالي قبل فترة تحميل سفينة كبيرة بالأسلحة للتوجه إلى اليمن، وقال البابا حدث هذا مرة واحدة إلا أن هذه هي علامة.
هذا ومن بين ما تطرقت إليه المقابلة المسيرة السينودسية للكنيسة، وأشار الأب الأقدس إلى ما تم تحقيقه من خطوات إلى الأمام مشيرا على سبيل المثال إلى إشراك العلمانيين واستشارتهم. وانطلاقا من المواضيع العديدة التي يتطرق إليها السينودس حول السينودسية سُئل البابا فرنسيس إن كانت هناك فكرة تنظيم مجمع فاتيكاني ثالث، وأجاب قداسته إنه لم يحن الوقت لهذا كما أنه ليس ضروريا في هذه الفترة لأن المجمع الفاتيكاني الثاني لا يزال قيد التطبيق.
وكانت البلدان التي يرغب البابا فرنسيس في زيارتها من بين ما تم الحديث عنه في المقابلة، وقال قداسته إنه يريد زيارة الدول الصغيرة في أوروبا. وتحدث على سبيل المثال عن الكوسوفو وقال إنه تتم حاليا دراسة إمكانية القيام بزيارة إلى هذا البلد. وسُئل قداسته إن كان سيزور الأرجنتين فأكد أن هذه الزيارة في برنامجه ويُدرس إن كان من الممكن القيام بها عقب انتهاء الانتخابات في الأرجنتين.
أما عن المهمة التي كلف بها البابا رئيس مجلس أساقفة إيطاليا الكاردينال ماتيو زوبي، الذي توجه إلى أوكرانيا روسيا والولايات المتحدة، فقال البابا فرنسيس إن الكاردينال قد يتوجه إلى الصين أيضا لما لهذا البلد من قدرة مثل الولايات المتحدة على تقليص التوتر. وتحدث قداسته عن عمل الكاردينال زوبي كمسؤول عن الحوار، وأضاف أن هذه المهمة قد أسفرت عن خطوات هامة فيما يتعلق بإعادة الأطفال الاوكرانيين إلى بلدهم. هذا وأشار البابا أيضا إلى نيته تعيين ممثل دائم ليكون جسرا بين السلطات الأوكرانية والروسية.
ومن بين ما تحدث عنه الأب الأقدس في المقابلة مبادرة لتنظيم لقاء محوره السلام سيجمع القادة الدينيين في أبو ظبي، وذلك في شهر تشرين الثاني نوفمبر القادم عشية قمة الأمم المتحدة حول المناخ التي ستُعقد في دبي.