عَبُّولي هَالسّراج زَيت”.
طلبتَ، يا شربل، زيتاً، فملأَ الخادم سراجك ماءً. تناولتَ السّراج مع الشكر والامتنان. حملته إلى غرفتك. بسلامة طويةٍ وببساطة طفل، أشعلته فاشتعل، وأنت لا تدري أن الأعجوبة تتدحرج بين يديك…
أخذت تقرأ، تصلّي، على نور مصباحك الذي تحوَّل الماء فيه إلى مادة مشتعلة تنير قتام ليلك…
رئيس الدير وَلجَ غرفتك لعلمه بما صنع الخادم، ولمس لمسَ اليد واشتمَّ الماء وذاقه وتأكَّدتْ له الأعجوبة…
لست أنت، لست أنت، يا شربل، مَن حوّل الماء زيتاً، بل ذلك الذي حوّل الماء خمراً في قانا الجليل. هو، هو، مَن تعبدُ وتُحبّ، أنار سراجك، وقد ضحيّت بكل شيء لأجل حبّه…
إجترحَ الأعجوبة علامة دعوته إياك إلى حياة جديدة في المحبسة. هذا ما حمل رؤساءَك على الإجازة لك باعتناق حياة النّسك في صومعة عنّايا.
إصعدْ إلى الجبل، وَأشعل ألف مصباح ومصباح، طوال ثلاثة وعشرين عاماً في معركة النّور والديجور التي ستخرج منها بألف إكليل غار وانتصار.
لقد قيل:
إذا قدِرتَ أن تكون نجمة في السّماء، فكُنْ نجمة في السّماء.
إذا لم تستطع أن تكون نجمة في السماء، فكن ناراً على الجبل.
وإذا لم تستطع أن تكون ناراً على الجبل، فكن سراجاً في البيت.
أنت، يا شربل، كنت كلَّ ما ذكر.
بشمعتك المنحنية أضأْتَ شموع الأرض جميعاً في كل تطوافاتـها.
أشعلت النفوس بنور روحك النقيّ، المضطّرم حبّاً لربّ القداسة…
لم يكن بمستطاعِك التكلّم عن الله، بل غدوت تعملُ على إشعاعه في العالم بالطّاقة الهائلة التي تحمله بها في نفسك…
سترفع مصباحك إلى العلاء، فينعكس نوره على العالم، وتبقى أنت في الظلّ…هكذا عشت مستتراً في أعماق نفسك، مشيحاً بوجهك عن حبّك وولهك وآمالك وبهجة شبابك…
إنصرفتَ تُغنّي لسيد المغنين، فامتزجتْ ألحانك بألحانه… أكشفت، على ضوء مصباحك، أن ليلك طافح بأناشيد يسوعك…
كان في روحك نشيد لم تنشده بعد، ستتقن إنشاده في الصّومعة، فوقفتَ صامتاً عند قدمي حبيبك…
تقاطرَ النّور من أرجاء الكون ليُشعل سراجك، فأوسعتَه، في عتمة اللّيل، ضمّا وتقبيلاً، حتى أيقظتَه إلى الحياة…
تموّجَ نوره فاختلج بضوءِ النُّجوم المتألقة بالأسرار وبالحياة المتراقصة… يا لأمواج أشعّةِ سراجك الطافحة بالفرح، المتوثِّبةِ على بحر حياتك بين مدّ وجزر…
أليتيا
الرئيسية | أخبار الكنيسة | بمناسبة عيد القدّيس شربل في ١٧ تموز ٢٠١٦ نقدِّم لكم تأمل حول أعجوبة سراج الزيت من كلمات شربل
الوسوم :بمناسبة عيد القدّيس شربل في ١٧ تموز ٢٠١٦ نقدِّم لكم تأمل حول أعجوبة سراج الزيت من كلمات شربل