أحيت بلدة عرجس في قضاء زغرتا، عيد القديسين سركيس وباخوس، باحتفال، بعنوان، تحت عنوان “عرجس البلدة النموذجية”، حيث تم افتتاح المشروع المنفذ من قبل البلدية برئاسة رئيس اتحاد بلديات قضاء زغرتا زعني مخايل خير والذي ادى الى رصف كل شوارع البلدة القديمة بالحجر كما تخلله افتتاح مبنى البلدية بعد ترميمه وتأهيله وتأثيثه بالمفروشات اللازمة.
وقد شارك في الاحتفال الى راعي ابرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جوده: قائمقام زغرتا ايمان الرافعي، في حضور عضو المكتب السياسي في المرده فيرا يمين ممثلة رئيس تيار المرده النائب سليمان فرنجيه، المحامي غابي يمين ممثلا طوني سليمان فرنجيه، رئيس اتحاد بلديات قضاء الضنية محمد سعدية، رئيس اتحاد بلديات الكورة كريم بو كروم، رئيس جمعية تجار زغرتا الزاوية جود صوطو، زياد المكاري، رئيسة مركز الصليب الاحمر في زغرتا جوزفين حرفوش، وعدد كبير من رؤساء بلديات قضاء زغرتا، ومختاريها، بالاضافة الى اهل البلدة وعدد من مغتربيها.
بو جوده
اثر الاحتفال، اقيمت مسيرة صلاة مع اضاءة الشموع الى كنيسة مار سركيس وباخوس حيث ترأس المطران بو جوده قداسا احتفاليا لمناسبة عيد القديسين. والقى عظة استهلها بالقول: “انا سعيد جدا بان احتفل معكم بعيد شفيع هذه البلدة مار سركيس وباخوس، واريد ان اعبر عن فرحي الكبير، ان ارى بلدة عرجس، منتعشة، عرجس التي ستكون قدوة ومثالا لغيرها من البلدات، عرجس القرية النموذجية، حاولتم ونجحتم في القضايا التنموية، واريدكم ان تنجحوا ايضا في القضايا الانسانية، وان تعود عرجس لترى ابناءها موجودين فيها، صحيح ان انتشارهم جعلهم يصلون الى مراتب عالية من التقدم والرقي، وصحيح ان البعض منكم بدأ يشعر باهمية وجوده ولو ظرفيا، من خلال الابنية الجميلة التي تبنوها، ولكن البناء الحجري لا يكفي احيانا ايها الاحباء، فهو جميل جدا، انما البناء الحجري الفارغ لا معنى له، فيجب ان يكون ممتلىء بنا، ويجب ان نكون موجودين فيه، نهاجر ونتعب ونكد ونعمل ونعود الى بلدتنا الى ارض اجدادنا، وهذا اهم شيء في الحياة”.
وهنأ “رئيس البلدية زعني خير على هذا الانجاز الرائع”، متمنيا ان “تحذو كل البلديات في لبنان حذوه، وتتخطى كل الحساسيات التي نراها، والتي تخلق انقسامات وخلافات، وبدلا من ان تبني فهي تهدم، نحن نريد بلديات تبني، بلديات تتطور وتطور، بلديات تخلق اجواء من الالفة والمحبة في بلداتنا وقرانا”، مؤكدا ان “هذا الاهم، فالبعد الاجتماعي لهذا العمل مهم جدا، وانا اعرف بلدة عرجس منذ 38 سنة، وكان دائما يحز في قلبي عندا كنت آتي اليها، واراها فارغة من السكان، وارى الشبيبة يغادروها، وهذا حال عدد كبير من قرانا، والمهم ان ننمي قرانا وبلداتنا حجرا وبشرا، واكرر تهاني القلبية لكم وامل ان تبقوا في تطور مستمر”.
واكد ان “القديسين سركيس وباخوس عاشا بالفعل وصية المسيح للرسل قبل أن يغادرهم حين قال لهم: “سوف تكونون لي شهودا في اليهودية والسامرة، وحتى أقاصي الأرض”. وحين قال لهم أيضا: “ليس التلميذ أفضل من معلمه”، فإن اضطهدوني فسوف يضطهدونكم … فلا تخافوا، فأنا معكم الى منتهى الدهر”. لقد آمن القديسان سركيس وباخوس، الجنديان في الجيش، بالمسيح يسوع، فصارت حياتهما بكليتها شهادة له فجابها المضايقات والإضطهادات بجرأة وشجاعة، ولم يستسلما لتهديدات السلطات وإنذاراتها لأنهما تمسكا بالحقيقة التي هي يسوع المسيح، الطريق والحق والحياة، وفضلا الموت على إنكاره فأصبحا هكذا في الوقت عينه شهودا وشهداء”.
واضاف: “ان تاريخ الكنيسة، أيها الأحباء، منذ أن وجدت ولغاية اليوم هو تاريخ شهادة وإستشهاد. إنها إقتداء بحياة السيد المسيح الشهيد الاول الذي قال لنا ليس التلميذ أفضل من معلمه، فإن اضطهدوني فسوف يضطهدونكم. والمعروف أن المسيحيين، منذ العصور الاولى، وهم الذين أرادهم المسيح أن يكونوا له شهودا حتى أقاصي الارض، قد تحولوا غالبا الى شهداء، وفضلوا القبول بسفك دمهم في سبيل المسيح، على أن ينكروه ويبتعدوا عنه. ومن بين الذين قبلوا هذا الإستشهاد في سبيله القديسان سركيس وباخوس اللذان، بالرغم من المراكز المرموقة التي كانا يحتلانها في الجيش، وعندما خيروا بين المحافظة على هذه المراكز والموت إن لم ينكروا المسيح، فضلا الموت على النكران”.
وتابع: “المعروف أن القرون المسيحية الاولى كانت، كما قال عنها المؤرخ الفرنسي المعروف دانيال روبس، عصر الشهداء والرسل… لكن المسيحيين، بالرغم من كل ما عانوه من إضطهادات وملاحقات وعذابات بقوا صامدين في إيمانهم ثابتين فيه… وبدلا من أن تنهار الكنيسة وتتزعزع بسبب الإضطهادات، كانت تقوى وتترسخ، على العكس، إلى درجة قال عنها أحد آباء الكنيسة: إن دم الشهداء هو زرع لمسيحيين جدد”.
وختم قائلا: “إن وجودنا نحن المسيحيين في هذه البلاد وهذه المنطقة من العالم ليس وجودا بالصدفة، بل هو بإرادة الله بالذات الذي أرادنا أن نكون له شهداء هنا في قرانا ورعايانا وضيعنا وبلادنا وفي كل هذه المنطقة من العالم، التي نحن أقلية فيها، والتي يجب أن تكون أقلية كأقلية الملح في الطعام والخميرة في العجين، والتي بالرغم من قلتها وأقليتها هي التي تعطي النكهة للطعام، وهي التي تخمر العجين. فعلينا إذن ألا نخاف مما يعترضنا وسوف يعترضنا من صعوبات في حياتنا الإيمانية، بل أن نكون على مثال شفيعينا سركيس وباخوس ثابتين في هذه الإيمان، حتى الإستشهاد والموت، إذا إقتضى الأمر. فلنرفع الصلاة اليوم اذن الى الرب، طالبين منه بشفاعتهما، نعمة الثبات والشجاعة والجرأة في تحمل مسؤوليات إيماننا، لنجعل من حياتنا شهادة دائمة له، ونكون له رسلا في هذه البلاد وهذه المنطقة من العالم، فنحول بلادنا حقيقة الى ما قاله عنها البابا القديس يوحنا بولس الثاني، ليس مجرد وطن بل رسالة الى الشرق والغرب”.
زعني خير
بعد القداس، توجه الجميع الى الباحة الخارجية للكنيسة، حيث قطع قالب من الحلوى، واطلقت المفرقعات النارية، التي اضاءت سماء البلدة، ونظمت البلدية حفل عشاء ضخم، شارك فيه حشد واسع من الدعويين واهالي البلدة. وقد القى رئيس البلدية زعني خير كلمة جاء فيها: “يسعدنا ويشرفنا الترحيب بكم في هذه الليلة المباركة التي تصادف ذكرى مرور 75 عاما على تشييد هذه الكنيسة المقدسة. ويسعدنا مشاركتكم لنا فرحة الاحتفال بالقداس الالهي على نيتكم جميعا وعلى نية بلدتنا الحبيبة وعلى نية بلدنا الحبيب لبنان لكي يمن الله تعالى عليه بالأمان والسلام”.
واشار الى انه “منذ 75 عاما شيد اجدادنا وآباؤنا هذه الكنيسة. وتمسكوا بإيمانهم وأرضهم وكانوا قدوة لنا ومثالا للايمان والتعاون وعلمونا المساعدة والتعاون والاندفاع وكانت انجازاتهم على قدر امكاناتهم عظيمة في تاريخها. واليوم وبعد 75 سنة، وتنفيذا للوعد الذي قطعناه على انفسنا لأبناء هذه البلدة الحبيبة بأن نسعى لتكون نموذجا حضاريا يحتذى به وبإمكانات ذاتية من بلدية عرجس ومساهمة من مغتربي البلدة الأوفياء يسعدنا وبكل فخر ان نحتفل سويا مع زملائنا رؤساء بلديات قضاء زغرتا ومشاركة رئيس اتحاد بلديات المنية – الضنية ورئيس اتحاد بلديات الكورة ورؤساء الجمعيات والنوادي والتربويين والروحيين وان يكون احتفالنا جامعا وشاملا لأننا نعتبر كل إنجاز متطور وحضاري في اي بلدة من بلدات هذا القضاء الحبيب هو هدية وفخر للقضاء بكامله. لذلك، نحتفل معكم بإنجاز المرحلة الاولى من تأهيل البنى التحتية في بلدتنا بحيث كانت معظم موارد البلدية مرصودة لهذه الغاية وتنفيذ هذا المشروع الحضاري المتطور”.
وتوجه بالشكر ل”سعادة قائمقام زغرتا السيدة ايمان الرافعي المحترمة”، مضيفا: “يبقى لنا ان نوجه اسمى آيات الشكر لكم يا مغتربي بلدتنا الأوفياء لأنكم ساهمتم بما تيسر من تبرعاتكم واستعدادكم للمساهمة في جميع المشاريع التي تهدف الى تطوير بلدتنا وتقدمها ونشكركم على محبتكم من بلاد الاغتراب الواسعة للمشاركة بهذا الاحتفال عوضكم الله تعالى ببركة هذا العيد بالصحة لكم ولعائلاتكم”.
واضاف: “يبقى الشكر الكبير لكم يا أبناء بلدتنا لأنكم واكبتم الاعمال الجارية على الأرض وتحملتم الضجيج الناتج عن الأعمال وغبارها وصعوبة التنقل وكنتم خير مثال لحسن الضيافة والاحتضان للعمال الذين نفذوا هذه الاعمال. أما الشكر الأكبر فنقدمه لمعالي الوزير سليمان بك فرنجية ولطوني بك فرنجية، مع كل احترامنا ومحبتنا ووفائنا لهما، لوقوفهما الدائم الى جانب هذه البلدة في الإنماء والأمان، في الاهتمام والرعاية بكل ما هو خير لها ولأبنائها”.
واكد “هدفنا الوصول الى ان تكون بلدتنا نموذجا يحتذى به وهذا إرث مقدس من اجدادنا وآبائنا الذين عمروا هذه البلدة وهذه الكنيسة بعرق جبينهم وباللحم الحي”، معتبرا انه “إرث مقدس علينا الحفاظ عليه وصيانته وتطويره متعاونين متضامنين متسلحين بالمحبة والشراكة والتعاون”.
وختم قائلا: “يحق لنا ان نفرح بإنجاز المرحلة الأولى من برنامج التأهيل ونشكركم على مشاركتكم لنا فرحتنا ونعدكم ان نواصل هذه الاعمال كلما تيسرت الأمور المادية للبلدية لأن المهم في تنفيذ البرامج الانمائية هو المحافظة عليها وتطويرها والحفاظ على استمراريتها وهذا يتطلب المساعدة والتعاون بين الجميع، فهذه البلدة أمنا وكلنا ابناؤها. بإذن الله تعالى وببركة هذا العيد الفضيل اعاده الله على الجميع بالخير والسلام. انتهت المرحلة الأولى وغدا مرحلة ثانية وبعدها أخرى والى الأمام والله ولي التوفيق”.
وطنية