يزور البابا فرنسيس بولونيا في 26 تموز المقبل، على ان تتخلل الزيارة اجتماعات مع المسؤولين البولونيين، الدينيين والمدنيين، اضافة الى لقاء مع الشبيبة. وفيما يرجح ان تستضيف البلاد مليوني زائر من 190 دولة للمناسبة، يكشف المسؤولون البولونيون عن اتخاذ سلطات بلادهم اجراءات امنية مشددة مواكبة للاحتفالات كتجنيد 20 الف شرطي لحفظ الامن، على غرار التدابير التي تواكب نهائيات كأس امم اوروبا لكرة القدم في فرنسا (اورو فرنسا 2016). بدورها، تتحدث مصادر ديبلوماسية لبنانية عن تسجيل زهاء الف لبناني، حتى الان، في عداد الوافدين لحضور اللقاء.
في اي حال، يبدو، بحسب المسؤولين البولونيين، وبينهم راعي ابرشية كراكاو والمساعد السابق للبابا الراحل مار يوحنا بولس الثاني الكاردينال ستانيسلو دزيويتش، ان التحضيرات الجارية على قدم وساق كشفت النقاب عن ابعاد عدة، ابرزها:
– تزامن زيارة البابا فرنسيس مع الذكرى الـ 25 للقاء الذي جمع البابا الراحل مع الشباب، علما ان الاجتماع الجماهيري الذي يتوقع ان يتم في مسقط رأس البابا البولوني في كراكاو، يسعى الى بعث رسالة سلام من اوروبا الى العالم، في ظل الازمات المتنوعة القائمة، فضلا عن ابراز الخلفية الثقافية والاجتماعية للبابا الراحل. وتبدو التهديدات التي تسوقها الجماعات المتطرفة كـ “داعش”، ضد الاقليات في الشرق الاوسط، حاضرة في النقاشات المتواصلة بين المطارنة والمسؤولين الكنسيين الذين يشددون على ضرورة ان تبقى هذه الاقليات في اوطانها باعتبارها تحفظ التعددية. وفي السياق عينه، يكشف المسؤولون البولونيون عن زيارة قام بها الامين العام لاساقفة بولونيا ستانيسلاو غاديكي الى سوريا، وتحديدا الى معلولا، حيث اطلع على اوضاع المسيحيين فيها.
– يتطلع المسؤولون البولونيون الى مشاركة كثيفة من “لبنان الرسالة”، كما وصفه يوحنا بولس الثاني، في الاحتفال المقرر الشهر المقبل لاسباب عدة، ابرزها ان لبنان يشكل مثالا للحوار وللعلاقات السلمية بين المسيحيين والمسلمين، وخصوصا بعدما تبين انه لا يمكن التوصل الى حل عبر السلاح. وفي هذا الاطار، يردد المسؤولون الكنسيون اقوالا للبابا الراحل عن استحالة قيام حروب باسم الدين، وضرورة ان يكون الايمان بالله سببا للاجتماع بدلا من التفرقة. وتعليقا على فشل الاطراف اللبنانيين المتواصل في انتخاب الرئيس المسيحي الوحيد في المنطقة، يكرر المسؤولون الكنسيون مواقف نظرائهم الاوروبيين عن اهمية ان تتحقق الحلول بين افرقاء المنطقة وليس خارجها، تزامنا مع مناشدتهم القوى الدولية السير في اتجاه تحقيق السلام الذي طال انتظاره في الشرق الاوسط.
الى ذلك، يرى هؤلاء المسؤولون في وجود رؤساء مسيحيين وسنّة وشيعة في سدة رئاسة الجمهورية ومجلس النواب والحكومة في لبنان انعكاسا للعلاقات الطيبة القائمة بين هذه المجموعات، ولو انهم يعولون على السلطة المعنوية التي يملكها البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي لتعزيز التعايش السلمي بين المجموعات اللبنانية. ويستحضر الحديث عن اللجوء والهجرة، الخشية المتواصلة من توطين اللاجئين في ظل الاعتداءات التي تطاول المسيحيين في العراق ومصر وسوريا، فضلا عن تداعيات وجود اكثر من مليون لاجئ من الشرق في بولونيا. ولا تغيب عن بال المسؤولين البولونيين الاشارة الى تولي البابا فرنسيس استضافة لاجئين سوريين في الفاتيكان وذلك في سياق تسليطهم الضوء على الابعاد المتنوعة التي اكتسبتها الازمة الانسانية الناجمة عن الحرب في سوريا.
النهار
الرئيسية | أخبار الكنيسة | بولونيا بعد فرنسا تتبنّى إجراءات مشدّدة خلال زيارة البابا مسؤولون كنسيّون: بقاء الأقليات في الشرق يحفظ التعددية