أحيت بلدة كفرزينا في قضاء زغرتا، عيد القديس انطونيوس البادواني، خلال قداس احتفالي ترأسه المطران جورج بو جوده، عاونه فيه الكهنة جوزاف غبش، جوزيف فرح، راشد شويري، روبير عيسى، وطوني بو نعمه، في الباحة الخارجية لمزار البادواني في البلدة. وقد خدمت القداس جوقة رعية مار مارون في طرابلس، في حضور رئيس بلدية كفرزينا تاد نادر وحشد من المؤمنين.
بعد الانجيل المقدس ألقى المطران بو جوده عظة قال فيها: “إن في تاريخ الكنيسة الكثير من الجماعات التي حاربت الحقيقة والإيمان، وهي لا تزال تنتشر اليوم مستندة إلى ما وصلت إليه البشرية اليوم من تقدم ورقي مما يجعلها تضع الله جانبا وتحاول الإستغناء عنه، وتحاول بناء ذاتها بذاتها بدونه وضده، فأصبحت تسن القوانين والشرائع المتنافية مع المبادئ والتعاليم الأخلاقية ومع القيم الإنسانية والدينية التي تدعو إليها الكنيسة”.
أضاف: “الكثيرون من أبناء جيلنا اليوم صاروا يعتقدون أن العلم يتناقض جذريا مع الدين وأن التقدم التقني والإبحاث والدراسات والإختراعات التي يقومون بها تؤهلهم لسن القوانين والشرائع التي لا تأخذ في الإعتبار التعاليم الدينية من مثل تشريع الإجهاض وقتل الأجنة في الأحشاء واعتماد مبدأ القتل الرحيم وزواج مثليي الجنس وغيرها من الممارسات. كما أن الكثيرين أصبحوا يعتمدون ويتبنون أفكار الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه الداعية إلى قتل الله كي يستطيع الإنسان أن يحقق ذاته. وهذا ما يذكرنا بموقف أبوينا الأولين آدم وحواء اللذين أغراهما الشيطان المجرب بأنهما يصبحان آلهة لأنفسهما إذا خالفا أمر الله وأكلا من ثمرة معرفة الخير والشر”.
وقال بو جوده: “أما على الصعيد الجماعي فبإمكاننا تشبيه ما نعيشه اليوم بما عاشته البشرية بعد أن تقدمت وتطورت وقررت هي أيضا الإستغناء عن الله للوصول إلى السعادة وتحقيق ذاتها بدونه وضده، فقررت بناء برج يصل الأرض بالسماء، فتبلبلت لغتهم وتشرذموا وتعادوا فسمي البرج الذي أرادوا بناءه برج بابل. هذا الخطر يتهدد بشريتنا اليوم ومجتمعنا المعاصر، ويكفينا أن نلاحظ مظاهر الفوضى الهدامة المسيطرة على مختلف البلدان والمجتمعات، والحروب والخلافات السائدة والتي لم يعد بإمكانها التغلب عليها، لأنها تضع الله جانبا ولا تعترف بوجوده، وإذا اعترفت بهذا الوجود فإنها تعتبره كسراب كما يقول الفيلسوف الألماني كذلك فورباخ، ويؤكد أن الإنسان هو من خلق الله وليس الله من خلق الإنسان”.
وختم: “القديس أنطونيوس الذي أقنع فرنسيس الأسيزي بالسماح للرهبان التعمق في الثقافة والعلوم، فهم وعلم أن العلم يجب أن يكون في خدمة الإنسان لا أن يكون الإنسان عبدا للعلم. القديس أنطونيوس الذي ولد في البرتغال وإنتسب إلى رهبنة القديس فرنسيس وكرس حياته للتبشير بالإنجيل. فتجول في مختلف أنحاء أوروبا، من البرتغال إلى إسبانيا ففرنسا وإيطاليا حيث استقر في مدينة بادوفا وإليها انتسب، حمل إسمها وصار يسمى البادوفاني، ولفت الإنتباه ببساطة حياته وفقره وبتكريس وقته للوعظ والإرشاد. أحب أنطونيوس الفقراء ودافع عنهم في أيام كان الكثيرون منهم محتقرين لا يستطيعون تأمين ضروريات الحياة لهم ولأبنائهم فحاول تأمين الغذاء والطعام لهم، وهذا ما يعبر عنه رغيف الخبز الذي يوزع بإسمه تقليديا مرة كل أسبوع”.
وفي نهاية القداس، بارك المطران بو جوده الهريسة التي أعدت لمناسبة العيد، وهي تقليد سنوي تقيمه الرعية، ووزعت لقمة محبة على جميع المشاركين في الاحتفال.
وطنية