احتفلت رعية مار يوحنا المعمدان – حواره بعيد شفيعها القديس يوحنا، لمناسبة قطع رأسه، بقداس ترأسه رئيس اساقفة طرابلس للموارنة المطران جورج بو جودة، في كنيسة البلدة، عاونه فيه خادم الرعية الخوري شربل فضل الله وشارك فيه حشد من ابناء الرعية والجوار.
بعد الانجيل، القى المطران بو جودى عظة قال فيها: “ليس في مواليد النساء أكبر من يوحنا، لكن الأصغر في ملكوت السماوات أعظم منه. هذا ما قاله يسوع إشادة بيوحنا المعمدان الذي أرسل له إثنين من تلاميذه ليسألاه إن كان هو المسيح المنتظر أو عليهم أن ينتظروا آخر. كان يوحنا مجال تساؤلات عند الناس نظرا الى حياته المتقشفة والمجردة إذ كان لباسه من وبر الإبل وعلى حقويه منطقة من جلد، وكان طعامه الجراد وعسل البر. وكان منذ ولادته يثير التساؤلات عن هويته وإختيار إسمه مما جعل الناس يتساءلون ما عسى أن يكون هذا الصبي. هذا هو السؤال الذي طرحه الناس على أنفسهم وعلى بعضهم البعض عند ولادة يوحنا المعمدان وإختيار الإسم له خلافا للتقاليد المتبعة. الجيران والمعارف كانوا يريدون أن يسموه بإسم أبيه زكريا، لكن والدته أليصابات رفضت ذلك، وأكد هذا الرفض والده زكريا، فانحلت عقدة لسانه. ذلك أن الرب هو الذي إختار له الإسم تعبيرا عن أنه سيكون شاهدا وسيختم حياته شهيدا لمحبّته، إذ سيقطع رأسه لأنه لم يقبل بأن يتخى عن المسؤولية والرسالة التي إختاره لها الرب”.
اضاف: “إن تاريخ البشرية والكنيسة مليء بأخبار أشخاص فضلوا الموت على الكفران بالمسيح. فمنذ فجر المسيحية كانت القرون الأولى، على ما قال عنها أحد المؤرخين، كنيسة الرسل والشهداء، الذين تعرضوا لشتى أنواع المضايقات والإضطهادات لأنهم آمنوا بالمسيح، ورفضوا أن يتخلوا عنه. قطعت أوصالهم وسملت عيونهم وأحرقوا بالنار وطرحوا أمام الحيوانات المفترسة، ولم يقبلوا أن يتخلوا عن إيمانهم. وأيامنا المعاصرة مليئة بأخبار الشهداء، إذ إننا كل يوم نسمع أخبار مسيحيين يقتلون لأنهم آمنوا بالمسيح، كما هو حاصل قربنا في العراق، في سهل نينوى وقراقوش والموصل وفي الهند والباكستان وعدد من بلدان آسيا منذ سنوات، وما يحصل حتى في بلدان مسيحيّة كبلدان أميركا الجنوبية لأناس يدافعون عن الفقراء والمساكين على يد أبناء شعبهم ودينهم لأنهم يزعجونهم ويعرقلون سيطرتهم على مقدرات البلدان من دون وجه شرعي”.
وتابع: “لربما كان القرن العشرون المنصرم من أكثر القرون التي رأت المسيحيين يستشهدون من أجل إيمانهم تحت الحكم النازي في إلمانيا مع هتلر، وتحت الحكم الشيوعي الملحد في أوروبا الشرقية والصين، وفي المكسيك في أوائل القرن العشرين وفي ثلاثيناته في الحرب الأهلية في إسبانيا. يوحنا المعمدان لم يكن الشهيد الأول ولن يكون الأخير، لأنه أزعج ضمير المخالفين للشرائع والقوانين والأخلاق والقيم الإنسانية. وعندما ينزعج الضمير ولا يجرؤ على التوبة والإقرار بالخطأ، يضيف إلى مخالفاته مخالفات وإلى تعديه على الشرائع والقيم والأخلاق تعديات”.
وختم: “إننا مدعوون الى الوقوف للحظة تأمل وصلاة ومراجعة حياة: كيف نشهد للمسيح ولمحبته لنا في حياتنا اليومية؟ كيف نحمل كلامه إلى إخوتنا البشر. هل عندنا الجرأة والشجاعة كي نحمل كلام الله الذي وضعه على لساننا؟ هل عندنا الجرأة والشجاعة لنهدم ونقلع العادات السيئة من حياتنا ومن حياة من نحن مسؤولون عنهم؟ فنلفتهم إلى مخالفاتهم وتصرفاتهم السيئة؟ خطيئة العالم اليوم، وخطيئتنا الكبرى غالبا هي في إهمالنا لمسؤولياتنا وعدم جرأتنا على قول الحقيقة”.
وطنية