بعد إنجاز البيت الأول لها كاملاً من بين الأربعة التي خطّطت لها جمعية “بيتْنا”، ما عاد إيواء المتروكين والمهملين وذوي الإعاقات العقلية ورعايتهم، همّاً يشغل بال ذويهم بعد الرحيل، إذ بدأ الحلم يتحقق بفضل مبادرة المطران بولس مطر وجهود فريق عمل الجمعيّة وغيرهما من الذين آمنوا برسالتها. وسيُحتفل بإفتتاح هذا البيت الأول في منطقة الفنار غداً السبت.
في حديث لـ”النهار”، تؤكد رئيسة “بيتْنا” لوريس ليشع أن الجمعية ليست مؤسسة أو مأوى أو ميتماً، فهي البيت النموذجي، “نطلق منه الرسالة المسيحية المبنية على المحبة والرجاء ونكون شهوداً أمام الله”. تضيف: “قد يكون بعض الأهل قادرين على تخصيص رصيد مادي لرعاية أولادهم، لكن ليس لدى غالبيتهم الإمكانات، وهنا يأتي مشروعنا لتأمين بيوت تستقبل اشخاصاً من ذوي الإعاقة العقلية، لا سيّما المتروكين والأيتام، مهما تكن ثقافتهم أو إنتماءاتهم أو ديانتهم، أو عرقهم أو غير ذلك”.
بدأ الحلم يتحقق بفضل المطران مطر ومبادرته، تقول ليشع، إذ قدّم في عام 2009، قطعة أرض في منطقة الفنار مساحتها 2000 متر مربع. ويتضمن المشروع تشييد مبنى تبلغ مساحته الإجمالية 3700 متر مربع، ويتألف من قسمين، الأول من أربع طبقات وفي كل طبقة جناحان، في حين يتألف الثاني من كنيسة صغيرة “كابيلا” تحمل اسم القديس فرنسيس، فضلاً عن صالات مخصّصة للمشاغل والنشاطات الرياضية وقاعة اجتماعات ومستوصف ومكاتب الإدارة.
ويُحتفل بتدشين البيت عند الرابعة من بعد ظهر غد السبت، الذي يصادف أيضاً عيد القديس فرنسيس شفيع الجمعية، في رعاية المطران مطر وحضوره. وقد أطلق على البيت إسم “بيت “داود”، تقديراً لمرافقة الأب الراحل داود كوكباني مسيرة الجمعية وإيمانه برسالتها ومشروعها الإنساني. ويتخلل الإحتفال صلاة في “الكابيلا” وعرض وثائقي عن نشأة “بيتْنا”، يختتمها المطران مطر بتكريس البيت ومباركته.
سيسكن “بيت داود”، في البداية، 15 شخصاً من ذوي الإعاقات العقلية الأكثر حاجة، إلى جانب ثلاثة أو أربعة متطوعين ومشرف على البيت. وتؤكد ليشع أن الذين سيعيشون في البيت مجاناً والمرافقين الذين سيقيمون معهم تحت سقف واحد، “يتشاركون معاً الأجواء الأسرية وحياة العمل والنشاطات اليومية المتنوّعة التي تدمجهم بمحيطهم”.
تذكر ليشع ان بعض أولياء المعوّقين يتساءلون: ما مصير ولدنا من بعدنا؟ من الذي سيوفّر له الرعاية والحماية ويعوّضه الحنان والعاطفة الأبوية؟ أسئلة لا تفارقهم، تقول، خصوصاً مع تقدّمهم في السن. وإنطلاقاً من ذلك، تحاول الجمعية أن تجيب عن هذه التساؤلات من خلال مشروعها الذي يحتضن هذه الفئة من المجتمع “وفق إمكاناتنا المادية ودعم الخيّرين وأصحاب القلوب الطيّبة الذين يتولون تغطية مصاريفنا”، على ما تفيد ليشع.
و”بيتْنا”، جمعية خيّرية لا تتوخى الربح، وُلدت العام 2006 على يد مجموعة من الذين يرافقون معوّقين عقلياً، وقد لمسوا من خلال خبرتهم الطويلة مع المعوقين الحاجة الملحّة إلى إنشاء بيوت متخصصة تضمهم، ترعاهم وتضمن لهم حياة كريمة ومحترمة.
نيكول طعمه / النهار