2 تشرين الأول 2014
انعكست الاحداث المتسارعة في سوريا والعراق على الهجمة على شراء الاراضي في لبنان، وخصوصا في المناطق المسيحية حيث تسجل حركة عروض واسعة لبيع العقارات من لبنانيين من غير ابناء هذه المناطق، إضافة الى خليجيين. وإذا ما استمرت الامور على هذا المنوال، يمكن حينها الكلام على مسار فعلي لاستعادة ما باعه اللبنانيون من اراض كادت ان تتسبب بكارثة وطنية لجهة تغيير هوية الارض ومالكيها.
الرأي لدى طلال الدويهي رئيس “حركة الارض” والناشط في التصدي للعمليات العقارية المشبوهة، ان الجهد الكبير الذي قامت به “الحركة” بالتعاون مع بعض رجالات الكنيسة في البقاع والشمال، اضافة الى حراك المجتمع المدني والمؤسسات الاهلية أدى الى “تفتح الاعين على من يريدون الشراء وهويتهم واهدافهم ومقاصدهم، ما أدى الى تراجع حركة بيع الاراضي وتسجيلها ارقاماً متدنية في الاونة الاخيرة وخصوصاً لجهة انتقال الملكيات الكبيرة من يد المسيحيين الى غيرهم من الطوائف”.
ويتطابق كلام الدويهي مع جملة وقائع متراكمة ميدانياً، وتحديداً منذ ان تصدى أهالي القبيات العام الفائت وبقوة لبيع عقارات من بلدتهم الى خارج البلدة، حيث أخذت كرة ثلج المواجهة مع سماسرة العقارات وتجار عقارات المسيحيين المشبوهين تتوسع لتشمل جميع المناطق في كسروان وتحديداً ملف “تلة الصليب”، ومنها الى الحدت التي استعاد ائتلاف من الشخصيات المارونية تلة الوروار الشهيرة بمساندة معنوية من رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر والعماد ميشال عون، وصولاً الى مواجهات واسعة مع السماسرة في أنحاء جبل لبنان والبقاع وتحديداً زحلة التي أدى حراك المطران عصام درويش والخيرين فيها الى التصدي لجملة من عمليات البيع المشبوهة وفي انحاء متفرقة من البقاعين الاوسط والغربي وحتى الشمالي تزامنا مع حركة التنمية والاسكان التي باشرها درويش ومجموعة من الرهبان الذين يعملون بصمت على تحصين الوضع المسيحي في تلك الانحاء. وهذا ما يصح أيضاً على منطقة عكار التي نجح حراك المطران باسيليوس منصور في التصدي للكثير من البيوعات المشبوهة في منطقة تحتاج الى حفظ توازناتها الطائفية والديموغرافية بدقة كبيرة. وفي جزين التي يبدو أنها أخذت تستعيد بعضاً من توازنها في مواجهة ما تعرضت له من هجمات عقارية واسعة لشراء اراضيها بالجملة وجعل اهاليها ضيوفاً على أرضهم.
وفي معلومات الدويهي، ان اعداداً كبيرة من الخليجيين يعرضون عقاراتهم للبيع في انحاء جبل لبنان وخصوصاً في مناطق المسيحيين والدروز، لكن المشكلة، يقول الدويهي “ان قيمة هذه العقارات تقدر بمليارات الدولارات ولا قدرة لأي متمول او هيئة لبنانية على استعادتها بسبب تراكم اسعارها والذي يبلغ ارقاماً خيالية”.
هذه الصورة الزهرية لا تعني أن موضوع انتقال الملكيات والفرز الديموغرافي قد توقف، بل ثمة تهديد او عوامل سلبية مستمرة في مفاعليها، خصوصاً في بعض أنحاء عكار ومنطقة اقليم الخروب وشمال البقاع. لكن الأهم ان مسالة بيع العقارات أصبحت مدعاة للخجل وجالبة للمشكلات مع المحيط القريب في حال كان العقار المعروض للبيع وسط مدى ديموغرافي يتسم بلون معين. والاهم ايضا ان ثمة وعيا وحذرا كبيرين وخشية من عمليات البيع وهوية الشاري وكميات الاموال التي اخذت ترسم علامات استفهام كبيرة حول مصدرها وهوية اصحابها والاهداف البعيدة للشراء في مناطق معينة. والكلام على الخطر الناجم عن انتقال الملكيات لم يعد مجرد كلام في الهواء في زمن التكفيريين والاصوليات الدينية الالغائية.