كانت الحياة تبدو سهلة أمام أيوب حتى قَبِل الله تحدي الشيطان المدّعي أن عبادة “البار” لله أنانية و من أجل المنفعة … فأراد الرب أن يخزي إدعاء المشتكي على أيوب، و يثبت بأيوب نفسه أن علاقة هذا الأخير به تتخطى مجرد البحث عن يدي الله: عن هباته، معجزاته، وعطاياه…فالربّ المعطاء الكريم يمتّع بالبركة من يدخل معه بالشركة؛ ولكن العلاقة الجدية به تتخطى السعي وراء العطيّة و تبحث عن المُعطي!!!
فدخل أيوب “بستان الجسمانية”، و مع إنسحاب “الخيرات” و وقوع الضيقات، أخذ يختبر الموت عن الذات… و في بحثه عن و جه الله سؤال يتردد عبر العصور :
لماذا تحدث أمور سيئة لأناس طيبون؟ لماذا يعاني الصالحون؟ لماذا نجاح الأشرار ونكبات الأبرار؟؟؟
وفيما كارثة الإيمان تقترب، يتحول أيوب البار إلى حوار مع الله و هناك يرى وجهه…. لم يعد الجواب مسألة ينتظر أيوب أن يسمعها ليفهمها بل أصبح الله هو الجواب: الحقيقة التي إلتقى بها و إختبرها و أدرك أنها الأعظم. فقام يجدد إيمانه الحيّ الذي يثق في رعاية الله وعنايته بالرغم من عدم معرفته ما وراء الستار. و من خلال هذه الخبرة فتح أيوب باب الرجاء لكل المجرَّبين.
و أمام “سر الألم”، الذي يعالجه المسيح على صليب الحب، هناك مفتاح سرٍ في حياة الصديقين المتألمين، يختصرها أيوب بهمسه لله المعزي الحقيقي :
“بسمع الأذن قد سمعت عنك، والآن رأتك عيني” (42: 5)
أنطوانيت نمور / زينيت