كلمة سكر مشتقة من لغة البَراهِمة الهندية القديمة (السنسكريتية) سركارا، وهي تشير أولاً إلى أي شيء مسحوق أو محبّب تحوّل كتلة سكّر حُبيبية جافة. مع الحملة الهندية للإسكندر الأكبر، وجدت الكلمة الهندية القديمة طريقها إلى اليونانية وأصبحت ساخارون، التي اشتُق منها المصطلح اللاتيني ساكاروم. نشأ عن ذلك مصطلح سكاروز التقني، المستخدم اليوم والذي يعبّر عن السكريات النباتية. الكلمة العربية “سكّر” مشتقة أيضًا من اللغة الهندية القديمة وقد انتقلت إلى إسبانيا وصقلية مع الحكم العربي في العصور الوسطى ودخلت بالتالي اللغات الرومانية مثل الإسبانية (azúcar) والفرنسية ((sucre والإنجليزية (sugar) والإيطالية (zucchero). ومع تجارة السكر إنطلاقا من البندقية، بلغ أخيرًا ألمانيا، حيث تحولت التسمية الإيطالية الى تْسُوكر Zucker.
تستخدم مواد مختلفة لتحلية الأطعمة والمشروبات. على مدى قرون كان العسل هو المُحلي المفضل. ثم جاء قصب السكر، الذي كان معروفًا في عصور ما قبل التاريخ في آسيا. فأصبح السكر، الذي كان نادرًا ومكلفًا في العصور الوسطى، متاحًا لجميع شرائح السكان في القرن التاسع عشر مع زراعة البنجر واستخراج السكر في معامل التكريرالصناعية.
من قصب السكر الباهظ الثمن إلى البنجر الرخيص
لفترة طويلة ظل العسل، الذي كان يقطفه الناس في وقت مبكر، المُحلّي الوحيد. ثم جاء قصب السكر وموطنه غينيا الجديدة، وقد انتشر بسرعة إلى جنوب غرب آسيا فأثارالاهتمام حال اكتشاف استعماله. في القرن السادس قبل الميلاد استقر الفرس في الهند واندهشوا من هذا “القصب الذي يعطي العسل دون الحاجة الى النحل”. في عهد الإسكندر الأكبر، تم إدخال قصب السكر في القرن الرابع قبل الميلاد إلى الشرق الأوسط. ومع ذلك، استمرالسكر، شأنه شأن التوابل الأخرى (الزعفران أو جوزة الطيب)، سلعة غذائية نادرة ومكلفة من العصور القديمة إلى القرون الوسطى.
منذ نهاية القرن الخامس عشر، وبعد وقت قصير من اكتشاف أميركا من قبل كريستوف كولمبوس، تم إنشاء مزارع قصب السكر أولاً في جزر الأنتيل ثم في أميركا الجنوبية (البرازيل). تطور السكر ليصبح أهم سلعة في الحقبة الاستعمارية وأساس “التجارة الثلاثية الأطراف” (تجارة مربحة قوامها انكلترا والهند والصين): فقد استبدل مالكو السفن الأوروبيون التلمي (ذهب زائف) بأناس من بلدان افريقية، ثم باعوهم كعبيد في أميركا. عادت السفن إلى أوروبا بمنتجات من المستعمرات هناك، بما في ذلك قصب السكر الثمين.
في بداية القرن التاسع عشر، أمر نابليون بزراعة بنجر السكر في الحقول الفرنسية، رداً على الحصار الإنجليزي لطرق تجارة السكر من جزر الأنتيل، – بعد أن اكتشف الكيميائي الألماني مارجراف في العام 1757 المكون الحلو من البنجر. 1811 تم بناء أول معمل مربح في فرنسا لاستخراج السكر من البنجر. لم يكن السكر متاحًا لجميع شرائح السكان حتى نهاية القرن التاسع عشر، حيث أمكن زراعة ما يكفي من البنجر.
من النباتات إلى قرص السكر والسكر المبلَّر
في القرن الثالث عشر، كان ميناء البندقية مركزًا تجاريًا مهمًا للسكر الوارد من الشرق الأوسط. لذلك لم يكن مستغربا أن يتم صنع أول قرص سكر في هذه المدينة في وقت مبكر من القرن الخامس عشر. قرص السكر، المعروف أيضًا باسم “مخروط البندقية”، عبارة عن كتلة سكر متبلرة مخروطية ]الشكل[. ينشأ في مرحلة التكرير الأخيرة (التبلر). أثناء التبلر، يتم إنتاج شراب السكر، الذي يُسكب بعد ذلك في قالب مخروطي مقلوب تتشكل فيه بلورات السكر. يسمح رأس المخروط للماء المتبقية بالخروج.
إن عملية استخراج السكر من القصب والبنجر هي نفسها تقريبًا، سوى أن قصب السكر يُسحن مسبقًا، بينما يتم تقطيع البنجر. يجري سحق القصب ثم عصره في معاصر قوية. يسمح ذلك بالحصول على العصير الذي يحتوي على كل السكر من القصب. بعد ذلك يذوب سكر البنجر في اسطوانات التوزيع بواسطة التناضح والماء الساخن الذي يغسل البنجر ويمتص المزيد والمزيد من السكر. عندما يتم استخراج السكر من القصب والبنجر، يتكون في النهاية عصير مركز، حيث تتشكل بلورات السكر النقي عند التبريد: تسمى هذه العملية التبلور. وبصرف النظرعن المادة الأساس، فإن المنتج النهائي – سكر المائدة أو السكر الأبيض – هو نفسه: السكّاروز (سكر القصب أو الشوندر).
تولّد منتجات متنوعة أثناء التكرير
بما أن بلورات البنجر الأولية وسكر القصب الخام لا تزال عكِرة، يجب تنقيتها أثناء التكرير من أجل الحصول على السكر الأبيض. عندها تنشأ منتجات مختلفة في كل مرحلة.
دبس السكر هو الثفل الذي يتكون عندما يتبلر سكر القصب أو البنجر. يمكن بيعه للاستخدام المنزلي أو تحويله إلى كحول لصنع ] مشروب[ الروم.
نحصل على السكر الناعم بطحن السكر المتبلر المستخرج من البنجر أو القصب.
يُصنع سكر القصب، المعروف أيضًا بالسكر البني، من قصب السكر فقط.
تم عرض أول قطعة سكر مغلفة بشكل فردي في باريس عام 1908. مع تزايد أهمية النظافة، انتشرت عملية التعبئة منذ مطلع القرن العشرين. واليوم تنتج معامل التكرير السكر الأبيض بشكل رئيسي.
د.ايلي مخول