تعرض الصحافة ووسائل الإعلام لضغوط وتحديات غير معهودة حتى في الولايات المتحدة، منارة الحريات الأوسع وموئل الديموقراطية الأعرق عبر العالم. وضع الرئيس دونالد ترامب “السلطة الرابعة” نصب عينيه في طريق وصوله الى البيت الأبيض. ما بالكم بالأخطار المحدقة بصحافات الدول الأصغر حجماً والأقل حيلة. لم يكن يوماً مجهولاً من يريد فرض قوانين الصمت. جاء الآن من يضيف ظاهرة الـ”فايك نيوز”، أي الأخبار الزائفة.
لم تمض ساعات على تنصيب الرئيس الأميركي الخامس والأربعين حتى قدم بنفسه وصفاً لمشكلته مع الصحافة. قال خلال زيارته مقر وكالة الإستخبارات المركزية “سي آي إي”: “أخوض حرباً مع وسائل الإعلام”. ليس واضحاً كيف ستتطور هذه العلاقة الصعبة بعد أشهر من الإتهامات التي وجهها ترامب، مرشحاً رئاسياً ثم الآن رئيساً، الى الصحافيين والإعلاميين والى المؤسسات التي يعملون لديها، في كل مرة لا تقف المعلومات والتحليلات والكتابات عند خاطره. الخبر الذي لا يرضيه “فايك نيوز”، زائف وكاذب. قرر مواصلة “حربه” عبر منبر “التويتر” المفتوح ليل نهار. ترك للناطق بإسم البيت الأبيض شون سبايسر مهمة ما يخشى البعض أن يكون “تأديب” الصحافة و”تهذيبها”. قال في اطلالته الأولى إن إدارته “ستخضع الصحافة للمحاسبة”.
ترفض الصحف المكرسة ووسائل الإعلام الجديدة هذا الميل لدى الرئيس ترامب. تضيفه الى النزعة الشعبوية. يؤمن بأنه يستطيع التحدث مع الناس مباشرة عبر مواقع التواصل الإجتماعي “تويتر” و”فايسبوك” و”إنستغرام” وغيرها عوض وسائل الإعلام التقليدية من صحف ومجلات وشبكات تلفزيون وإذاعات ومواقع على الإنترنت.
معركة ترامب الرئيسية ليست في الواقع مع وسائل الإعلام. بل مع فكرة نشر الوقائع بعدما صار بحكم الأمر الواقع في دائرة الضوء. يمجد وسائل الإعلام التي تورد أخباره بصورة طيبة. بينما يصب لعناته على من يعتقد أنه يمس بمقامه وهيبته. لم ترقه له مثلاً التقديرات لعدد الذين حضروا حفل تنصيبه مقارنة بالمشاركين قبل ثماني سنوات في حفل تنصيب الرئيس السابق باراك أوباما. لا تظهر أي مؤشرات لاستعداد وسائل الإعلام الأميركية للإنحناء أمام رغبات الرئيس الجديد، لأن معاركه الحقيقية بدأت بالفعل مع شرائح أكبر من المجتمع الأميركي. جاءت التظاهرة العملاقة للنساء في واشنطن وغيرها من الإحتجاجات الضخمة عبر الولايات والمدن الأميركية لتمثل التحدي له أمامه في يومه الأول في البيت الأبيض. ترددت الأصداء عبر العديد من المدن خارج الولايات المتحدة أيضاً. تنذر سياسات ترامب بمزيد من التحركات.
يريد دونالد ترامب كسر كل أعراف الصحافة الأميركية في تغطية أخباره وأخبار الولايات المتحدة. هذا ما لا يبدو قريب المنال حتى الآن. هذه الشجون الأميركية لا تقلل شأن أوضاع حرجة يواجهها صحافيون وإعلاميون بصور مختلفة عبر العالم أيضاً.
ظاهرة “الفايك نيوز” هي الأخطر.
علي بردى
النهار
الوسوم :الصحافة والـ"فايك نيوز" ترامب