على قاعدة تسووية، أقر مجلس الوزراء ملفي الجامعي اللبنانية، ففرغ نحو 1200 متعاقداً، وعين 21 عميداً لكليات الجامعة ومعاهدها، وبينهما مفوضي الحكومة في مجلس الجامعة الجامعة، ليكتمل عقد المجلس مع رئيس الجامعة بعد 10 سنوات مارس عمداء بالتكليف مهمات العمداء بالأصالة.
قبل اعلان المقررات الرسمية، أعلن وزير التربية الياس بوصعب خبر إقرار الملفين، فأكد بعد خروجه من جلسة مجلس الوزراء ولقائه اساتذة الجامعة اللبنانية، أن “اقرار ملف الجامعة اللبنانية بشقي التفرغ وتعيين العمداء هو نصر للجامعة”، لافتا الى أنه “بعد عشر سنوات على مسألة تعيين العمداء و8 سنوات من اجل اقرار التفرغ، تم البت بهذا الملف”.
أقر الملفان في اللحظة الاخيرة، وسلكا طريقهما بعد خلافات كادت تطير عمل الحكومة. فخلال الجلسة نظمت التسوية بين وزيري التربية والتعليم العالي الياس بوصعب والعمل سجعان قزي، وعقدت بينهما خلوة جانبية تم الاتفاق خلالها على امرار الملفين، بعدما سمي أستاذان من حصة الكتائب مفوضين للحكومة في مجلس الجامعة.
ورغم ان إقرار الملفين ترك ظلالاً ايجابية في اوساط الاساتذة المتعاقدين الذين وجهوا الشكر الى وزير التربية الياس بو صعب ورئيس الجامعة والاطراف السياسيين، وذلك خلال اعتصامهم في ساحة رياض الصلح، الا ان التسوية السياسية والطائفية للملفين، خرقت القانون، ومعه قانون الجامعة، وفق أوساط جامعية أكاديمية، إذ جرى تبديل اسماء عمداء، وبينهم عدد لا باس به غير مرشحين وهم ليسوا في لائحة الخمسة التي يرفعها كل مجلس وحدة من كليات الجامعة اللبنانية. وبقي الدكتور بيار يارد عميداً لكلية الطب.
وقالت المصادر انه لم يكن ممكناً إقرار الملفين الا من خلال هذه التسوية، لكنها غلّبت العاملين السياسي والطائفي على الأكاديمي، وهو ما سيجر الأمر الى الجامعة. واللافت انها المرة الأولى التي يختل فيها التوازن الطائفي لمصلحة المسيحيين، اذ بلغ عدد المسيحيين من عمداء في مجلس الجامعة 12، في مقابل 9 للمسلمين، وهو ما وافق عليه كل الأطراف السياسيين، رغم الامتعاض من بعض الاسماء التي دخلت فجأة على الملف.
أما أسماء العمداء الدكاترة الجدد فجاءت على النحو الآتي: طلال عتريسي عميداً للمعهد العالي للدكتوراه في الآداب والعلوم الانسانية والاجتماعية، طوني عطالله للمعهد العالي للدكتوراه في الحقوق والعلوم السياسية والادارية والاقتصادية، سمير مدور عميداً لكلية الزراعة، محمد ديب الحجار عميداً للمعهد العالي الجامعي للتكنولوجيا، فواز العمر عميداً للمعهد العالي للدكتوراه في العلوم والتكنولوجيا، نينا سعدالله عميدة لكلية الصحة العامة، بيار يارد عميداً لكلية العلوم الطبية والطب العام، وفاء البواب عميدة لكلية الصيدلة، امل ابو فياض عميدة للسياحة وادارة الفنادق، جورج صدقة عميداً لكلية الاعلام، محمد حسني الحج عميداً لمعهد الفنون الجميلة، غسان الشلوق عميداً لكلية العلوم الاقتصادية وادارة الاعمال، رفيق يونس عميداً لكلية الهندسة، كميل حبيب عميداً لكلية الحقوق، نبيل الخطيب عميداً لكلية الآداب والعلوم الإنسانية، حسن زين الدين عميداً لكلية العلوم، تريز خطار الهاشم عميدة لكلية التربية، يوسف كفروني عميداً لمعهد العلوم الاجتماعية، وفؤاد أيوب عميداً لكلية العلوم الطبية- طب الاسنان. وعين كل من جان داود وجاسم عجاقة في مجلس الجامعة مفوضين للحكومة.
وبالنسبة الى المتعاقدين، فقد ثبت مجلس الوزراء أسماء نحو 1200 متعاقد وقرر تفريغهم، علماً ان التفريغ لا يعني حالياً الدخول الى الملاك. وقد ارتفع العدد خلال شهرين من نحو 760 اسماً الى نحو 1200.
وفور تبلغهم الخبر توجّه الاساتذة المتعاقدون في الجامعة اللبنانية بالشكر الى وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب ورئيس الجامعة والأفرقاء السياسيين الذين عملوا على اقرار ملف الجامعة بشقيه التفرغ وتعيين العمداء، معلنين ان مسيرة إكمال الصرح التعليمي في لبنان بدأت.
واحتفل الاساتذة المتعاقدون في ساحة رياض الصلح بعد الاعلان عن اقرار ملفهم في جلسة مجلس الوزراء. وينتظر ان يعود الاساتذة عن اضرابهم ويسلموا علامات المسابقات لاعلان نتائج الامتحانات في الجامعة.
وكان الاساتذة نفذوا قبل ظهر أمس اعتصاما أمام السرايا الحكومية تزامنا مع انعقاد الجلسة، أكد خلاله وزير التربية “أنه سيعرض ملف التفرغ وسيأخذ الموافقة عليه في البداية قبل البدء بالتشاور حول مجلس الجامعة”. ولفت إلى أن “نية حزب الكتائب ليست العرقلة ومن حقه أن يطالب، وأنا اليوم سأقدم لهم الحلول”.
وقال: “أتكلم في شكل مهني وأكاديمي”، لافتا إلى أنه ” عن العمداء الذين سيتم تعيينهم نستطيع ان نتفق لوصول بعض الاسماء اما بشأن المرشحين المنتخبين فأدعو الى محاسبة الاساتذة الذين انتخبوهم ولعدم محاسبة وزارة التربية”.
وأكد أنه “ليس ضد تسمية الدكتور يارد في الطب”.
وكان نفذ عدد من طلاب الجامعة، اعتصاماً أمام وزارة التربية في الاونيسكو، استنكاراً لما سموه “البازار السياسي الحاصل في ملف الجامعة اللبنانية، وللمطالبة بحقهم المرتهن، واستقلال الجامعة الوطنية وحمايتها من الفساد”.
وعقد رئيس الجامعة اللبنانية عدنان السيد حسين والعمداء اجتماعا استثنائيا في الادارة المركزية أمس بحثوا فيه قضايا الجامعة وما تتعرض له “هذه المؤسسة الوطنية الكبرى من اساءات معنوية ومن اعتداء صارخ على استقلاليتها”، وأصدروا بيانا جاء فيه: “نحن، رئيس وعمداء الجامعة اللبنانية، نعبر عن قلقنا العميق وعن استنكارنا الواسع لمستوى التعامل السياسي مع الجامعة الوطنية، الذي يتلخص اليوم بانتهاك استقلالية هذه المؤسسة الوطنية والكيانية الكبرى. ونحن نرفض بشدة التعرض بأي شكل لكرامة المسؤولين فيها، رئيسا وعمداء وإداريين، وذلك من خلال التدخل في شؤونها الأكاديمية، ومحاولة استغلال قضاياها المطلبية المحقة وتوظيفها في الاستثمار السياسي والطائفي. إننا باسم أهل الجامعة، نقول بصوت واحد عال ومدو، لكل من يريد العبث او التهاون بمستقبل هذا الصرح التعليمي الرائد ارفعوا أيديكم عن الجامعة اللبنانية.
إننا، وانطلاقا من واجبنا الأكاديمي ومسؤوليتنا الوطنية، ننبه الى ان استهداف الجامعة، كمؤسسة وطنية، هو استهداف لقيمة لبنان الحضارية ولدوره الثقافي ولموقعه العلمي، وهذا اعتداء موصوف لا يمكن القبول به او السكوت عنه مهما كلف الأمر.
نطالب القادة والزعماء والمرجعيات الوطنية على اختلاف انتماءاتها بأن تكون الداعم الأول لاستقلالية الجامعة، وان تكون الحريص والمدافع عن رسالتها وعن دورها وعن كرامتها. ونحن ننتظر من هذه المرجعيات ان تكون سندا للجامعة لا ان تسمح بالتعامل معها بمنطق المحاصصة أوتقاسم المغانم.
ابراهيم حيدر / النهار