من عكار اقصى الشمال الى عيترون في اقصى الجنوب وما بينهما عاليه وعرسال الى المتن تقاطروا بجموع غير مسبوقة لتفيض بهم شوارع بيروت من الحمرا الى ساحة رياض الصلح.
امس كانت التظاهرة وكانت هيئة التنسيق النقابية في ابهى صورة للحركة المطلبية اللبنانية،مشهد قل نظيره في الوطن المنقسم حتى العظم، حتى على لون البحر والسماء، لكن سلسلة الرتب والرواتب جمعت الاساتذة والمعلمين ومعهم موظفون في الادارات العامة وخلفهم القوى الامنية الساهرة على حسن سير التظاهرة وقلبها مع اقرار السلسلة لما في من افادة للعسكريين أيضاً.
قرابة الحادية عشرة كانت الجموع قد وصلت الى امام مصرف لبنان في الحمرا ولم يمض وقت طويل حتى فاض الشارع الممتد من قبالة مبنى “النهار” القديم الى مبنى غرفة الصناعة والتجارة والزراعة في الصنائع، وسط هتافات لا تتوقف ضد “حيتان المال”. و”محاولات تقسيم السلسلة”، وتقسيطها و”المماطلة النيابية”. وعلى وقع الاغاني الثورية ونشيد “الاممية” رقص شبان وهتفوا لـ”المعلم والعامل والتلاميذ”. وبعد توقف لوقت قصير امام المصرف المركزي وعلى وقع هتافات تندد “بسياسة الحاكم حيال السلسلة” ووسط اجراءات امنية مشددة تابعت التظاهرة سيرها الى ساحة رياض الصلح بعد محطة ثانية امام غرفة الصناعة. وبعد نحو 40 دقيقة وصلت مقدمة التظاهرة التي تقدمها اعضاء هيئة التنسيق النقابية الى نفق برج المر، فيما كانت الجموع تسير على طول الطريق امتدادا حتى الى حديقة الصنائع. وبعد عبور النفق وصل المتظاهرون الى ساحة الاعتصام وحان وقت الكلام وتأكيد المطالب.
والقيت خلال التظاهرة كلمات عدة لاعضاء هيئة التنسيق ومنها كلمة لرئيس رابطة التعليم الاساسي محمود ايوب الذي هدد بالتصعيد في حال لم تقر السلسلة.
من جهته، شدد نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض على ان “اساتذة التعليم الخاص يعلمون تلامذتها الدروس الحقيقية في الديموقراطية”. وقال: “ان الاصلاح الحقيقي ليس من خلال ازالة المنحة للاستاذ والعسكري ولا من خلال وضع الضريبة على المعاش التقاعدي ولا من خلال رفع الحسومات او الغاء قانون التناقص او الغاء الاربع والست درجات”، مشددا على ان “ممنوع المس بالمكتسبات التي حققتها الحركة النقابية للمعلمين تحت شعار الاصلاح”.
وأكد ان “هيئة التنسيق ستظل تؤشر بإصبعها على المرفأ حيث تسرق مئات ملايين الدولارات كذلك المطار والدوائر العقارية والوزارات، من الكهرباء والى الاشغال والمواصلات وغيرها من الوزارات”.
واشار محفوض الى ان “الطاقم السياسي الحاكم اثبت انه على علاقة وطيدة مع الهيئات الاقتصادية وثالثهم الفساد”.
بدوره، قال رئيس رابطة الاساتذة في التعليم الرسمي حنا غريب ان “المتظاهرين يمثلون وحدة هذا الوطن”، معتبرا ان “حيتان المال وحلفاءهم في السلطة لم يستطيعوا تطويق اصحاب الحقوق بل انهم فشلوا في ذلك، وان تقاريرهم سقطت وولدت ميتة قبل ان تولد، وهم فشلوا ايضا في ضرب رابطة اساتذة التعليم الثانوي وتفجيرها من الداخل”.
واكد ان “حقوق اساتذة التعليم الثانوي خط احمر لن نتنازل عنه”، مشيراً الى ان “السلطة وحيتان المال اخطأوا حسابهم يوم ظنوا ان في امكانهم شق وحدة هيئة التنسيق النقابية او فصل التشريع بين الرسمي والخاص، وانهم فشلوا ايضا في تأليب فقراء لبنان ضد هيئة التنسيق عندما حاولوا فرض الضرائب على الفقراء من طريق الضريبة على القيمة المضافة والضرائب الاخرى”، مشددا على ان “هيئة التنسيق لن تقبل سلسلة رتب ورواتب على حساب فقراء لبنان وعلى حساب اصحاب الدخل المحدود”.
وقال غريب: “لن نقبل بعد هذه التظاهرة الا بفرض الضرائب على حيتان المال وبتمويل السلسلة من الهدر والفساد والصفقات والريوع العقارية. لن نقبل فقط بتمويل السلسلة بل ايضا تمويل الضمان الصحي والتغطية الصحية الشاملة لكل من يتناول حبة دواء ومن يتسكع على ابواب المستشفيات ولا يتمكن من الدخول اليها الى جانب تضمين النظام التقاعدي لـ50% من القوى العاملة الفقيرة المكشوفة التي لا يمكن لتعويضها ان يبقى عند نهاية الخدمة لأشهر”، داعيا الى “فتح باب التوظيف في الدولة لان لا دولة الا بموظفي الدولة”.
ورأى ان “التقرير الذي سيصدر عن اللجنة الفرعية هو مولود ميت وان حاولوا احياءه”، متوجها الى النواب بالقول: “نحن على الموعد في كل وقت وأوان، فاذا لم تقر السلسلة فانه سيكون الانفجار العظيم”، مطالباً بزيادة 121% مع الحفاظ على الحقوق المكتسبة لكل القطاعات، وهذا يشكل الثابت الاول الذي لا تنازل عنه، اما الثابت الثاني فالغاء كل البنود الضريبية وغير الضريبية من مؤتمر باريس- 3 المتعلقة بقانون التقاعد وضرب الحقوق المكتسبة. اما الثابت الثالث فهو وحدة التشريع بين القطاعين الرسمي والخاص ووحدة هيئة التنسيق النقابية”.
واعلن غريب تحويل رابطة اساتذة التعليم الثانوي الى نقابة اساتذة التعليم الثانوي.
كذلك كانت كلمات لرؤساء رابطات التعليم الأساسي الرسمي في لبنان محمود ايوب، واساتذة التعليم المهني ايلي خليفة، وموظفي الادارة العامة محمود حيدر، اكدت ضرورة اقرار السلسلة من دون تجزئة او تقسيط وسط تلويح صريح بالاضراب المفتوح ومقاطعة الامتحانات الرسمية. وكانت كلمة باسم الاساتذة المتقاعدين.
وبعد نحو ساعتين من بدء التظاهرة تفرق المشاركون بهدوء وسط ارتياح عارم للمشاركة الواسعة وضربوا موعداً جديداً ما لم تقر سلسلة الرتب والرواتب.
عباس الصباغ / النهار