تنطلق كلية العلوم في الجامعة اللبنانية في عجلة مشاريع تنضوي تحت لواء الجودة، وضعها عميدها الجديد الدكتور حسن زين الدين مع مجموعة من أساتذة الجامعة في تصوّر مشترك: تظهير صورة جديدة للكلية.
هي لمسة إنسانيّة يسكبها زين الدين على منَ وما حوله، فاتحاً مكتبه، منذ الساعة 7:00 صباح كل يوم، أمام الطلاب والأساتذة والموظفين، منكبّاً على عمله بحماسة واندفاع لا يفتران. هو مدى رحب من محبّة ولطف، يغدقها دفعة واحدة بصدق. “كلية العلوم؟! أعرفها أكثر من أي مكان آخر في الدنيا، بحجرها وبشرها، بمناهجها وبرامجها، بعد عقود من انضمامي إليها طالباً ثم أستاذاً”، يقول في حديث إلى “النهار”.
المشاريع التي في حوزة العميد بدأت منذ 3 أشهر، يوم تسلّم العمادة، انتهى جزء منها، فيما بعضها الآخر يدخل حيّز التنفيذ مع انطلاق السنة الجامعية الجديدة. يوضح: “شكّلت لجنة للجودة داخل الكلية، أولى مهماتها وضع تخطيط استراتيجي للسنوات الـ3 المقبلة، كي نعرف وضع الكلية اليوم وما يجب أن يكون عليه. بعد التشاور مع الأساتذة، ارتأينا أنه يمكن أن نخوض غمار عملية تغيير هادف نحو الأفضل على مستوى شهادات الماستر، والبرامج والمناهج في الليسانس، وأيضاً في طريقة تقويم الطلاب، أي الامتحانات”.
يضيف: “قوّمت لجنة الماستر الماسترات القائمة، وأرسلت دفعتين من الأسئلة لمنسقي الماسترات، ونتيجة دراسة اللجنة توصّلنا إلى إعادة النظر جدياً في الماسترات. فالهدف الأكاديمي يجب أن يتحقق من خلال تجميع قوى الأساتذة وإعادة النظر في البرامج بما يتلاءم والهدف المعلن لهذه الماسترات، مع تأمين مواقع التدريب والمنصّات البحثية سلفاً للطلاب. أما في ما يخص برامج الليسانس، فقد شُكّلت لجان وقطعت نصف الطريق لإنتاج برامج تتناسب ونظام الـ LMD وخصوصية الواقع اللبناني وواقع كلية العلوم، بمعنى التزام المنهج الأكاديمي، لكن التطبيق العملي يكون بما يتناسب وقدراتنا وإمكاناتنا. إلى ذلك، ثمة في المناهج أشياء يجب إعادة النظر جذرياً فيها، البرامج موضوعة منذ أعوام عدة، وحتى لو كانت جيدة، فألا نعود إليها بين الحين والآخر أمر فادح، خصوصاً وأننا اكتشفنا أثناء التطبيق ثغراً عديدة… يجب مراجعة نظام الامتحانات أيضاً، فاعتماد نظام السنوات في السنة الأولى خطأ. ثمة لجنة تعمل على ذلك، وعملها مترابط مع تغيير المناهج والبرامج في الليسانس”.
دخلت المكننة كلية العلوم، فأصبح الطالب يملأ طلب تسجيله في منزله. وفي المرحلة الثانية يفترض أن تكون الفروع كلها مكشوفة في العمادة بعدد الأساتذة والموظفين والساعات، وصولاً إلى مكننة كلية العلوم كلها في برنامج موحّد، بمعنى أن ما ينطبق على طالب الماستر يسري أيضاً على طالب الليسانس في التسجيل والمواد.
من صلب مشاريع العميد تعزيز حضور الكلية على المستوى الدولي، “هناك شبكة علاقات واسعة، أهمها مع الجامعات الفرنسية، إذ نتلقى دعماً قوياً من السفارة الفرنسية ممثلة بملحق التعاون العلمي جيل كوليديه والوكالة الجامعية الفرنكوفونية AUF التي تعد من الأهمّ في العالم. يمدّنا هذا الدعم بأساتذة زائرين يتولّون التدريس في الكثير من الماسترات… تهمّني المحافظة على صورة الجامعة اللبنانية الفرنكوفونية. من هنا نولي عنايتنا لتعليم اللغات في الليسانس والماستر، وخصوصا الإنكليزية لمن لا يجيدها… من جهة أخرى، هناك انفتاح واعد على الجامعات الإيرانية، ودخلنا في شراكة مع جامعات في فلوريدا وأوستراليا”.
ويسعى زين الدين أيضاً إلى أن يكون للكلية دور في المجتمع من خلال نشاطات أكاديمية مشتركة، كالتعاون مع مصلحة البحوث العلمية الزراعية والمجلس الوطني للبحوث العلمية، لتأمين التدريب والمختبرات والمنح. إلى إقامة ندوات علمية متخصصة، مثل ندوة انعقدت قبل مدة عن علوم التغذية، وأخرى عن جيولوجيا البترول. وفي السياق، يعوّل العميد على إجازة الجيولوجيا البترولية لأنها تعد بالكثير من فرص العمل من الآن حتى سنوات مقبلة، ويسعى مع الوكالة الجامعية الفرنكوفونية إلى أن توفّر منحاً للطلاب كي يتدرّبوا في شركات البترول في الخارج.
ومن الندوات التي عُقدت أخيراً في كلية العلوم واحدة بعنوان “معاً نحو الجودة في التعليم العالي والبحث العلمي”. وأشار فيها المدير العام للتعليم العالي الدكتور أحمد الجمال إلى اقتراح قانون لإنشاء هيئة لبنانية مستقلة لضمان الجودة في التعليم العالي، وهو بانتظار عرضه على الهيئة العامة للمجلس.
الإشكالية وفق مسؤولة العلاقات الخارجية في الجامعة اللبنانية الدكتورة ندى شباط هي “كون العمل حالياً يقوم فقط على تأطير المكونات الأساسية لتطوير نظام الجودة للناحيتين الأكاديمية والإدارية من دون تنظيمه بموجب نص قانوني شامل، ما يستوجب إكماله حكماً بوضع الإطار القانوني المنظم له”.
“هل نملك ثقافة الجودة في مؤسساتنا؟” سأل مدير الفرع 2 لكلية العلوم الدكتور جورج رحباني الذي أشار إلى أن مؤسسات تربوية عديدة ومهمة لا تزال غير مقتنعة بمبدأ الجودة الشاملة.
واستعرض الدكتور محمد ناصر الجودة في المؤسسات بين المدير والموظفين.
ما هي مؤشرات الأداء في التعليم والبحث العلمي؟ سؤال دارت حوله مداخلة الدكتور جمال شرارة الذي توقف عند مؤشر المعلمين والطلاب، كوجود أستاذ لكل 35 طالباً، و”هذه ظاهرة غير صحية”. فيما حملت كلمة الدكتور وليد حسان عنوان “الاعتمادات في برامج التعليم العالي”، ولفت إلى أحد التصنيفات العالمية للجامعات التي تقام سنوياً بناء على معطيات البحث العلمي وغيرها، أظهرت أن أي دولة عربية لم ترد ضمن أول 350 جامعة.
ماريا الهاشم / النهار