عقب لقائهما صباح الجمعة 9 تشرين الثاني نوفمبر في القصر الرسولي ثم الصلاة معا من أجل السلام، وقّع البابا فرنسيس والبطريرك مار كيوركيس الثالث بطريرك كنيسة المشرق الآشورية إعلانا مشتركا يتألف من 8 نقاط. أكدا في البداية رفع الشكر إلى الله كلي القدرة على القرب المتزايد في الإيمان والمحبة بين كنيسة المشرق الآشورية والكنيسة الكاثوليكية. وتابعا أن لقاءهما اليوم هو انعكاس لكلمات القديس بولس الرسول “السَّلامُ على الإِخوَة والمحبَّةُ مع الإيمانِ مِن لَدُنِ اللهِ الآب والرَّبِّ يسوعَ المسيح” (أف 6، 23).
تحدث الإعلان المشترك بعد ذلك عن تقارب الكنيستين خلال العقود الأخيرة، وذكّر باللقاء الأول الذي جمع سنة 1984 البابا القديس يوحنا بولس الثاني والبطريرك مار دنخا الرابع لتبدأ مسيرة حوار. وأعرب البابا فرنسيس والبطريرك مار كيوركيس الثالث عن الامتنان على ثمار حوار المحبة والحقيقة هذا، وعن الرجاء في أن يساهم الحوار اللاهوتي بين الكنيستين في بلوغ اليوم المنتظر الذي نحتفل فيه معا بذبيحة الرب على المذبح نفسه.
وتابع الإعلان متوقفا عند المعاناة الناتجة عن الوضع المأساوي لأخوتنا وأخواتنا المسيحيين في الشرق الأوسط وخاصة في العراق وسوريا. وتحدث البابا فرنسيس والبطريرك مار كيوركيس الثالث عن أهمية الوجود المسيحي والرسالة المسيحية في الشرق الأوسط، وهو ما تم التشديد عليه خلال الاحتفال في 7 تموز يوليو 2018 في مدينة باري الإيطالية بيوم التأمل والصلاة من أجل السلام في الشرق الأوسط الذي شارك فيه قادة الكنائس والجماعات المسيحية في الشرق الأوسط. وتحدث الإعلان عن معاناة الشرق الأوسط من العنف منذ عقود مشيرا إلى الحروب والاضطهادات التي أدت إلى رحيل المسيحيين عن أرض عاشوا فيها منذ زمن الرسل جنبا إلى جنب مع الجماعات الدينية الأخرى، وتوقف الإعلان عند معاناة المسيحين، بغض النظر عن الطقوس أو الطوائف، بسبب إيمانهم بيسوع. وأكد البابا فرنسيس والبطريرك مار كيوركيس الثالث أننا نرى فيهم جسد المسيح، كما أكدا الوحدة في الصلاة من أجل هؤلاء الأعضاء في جسد المسيح ومن أجل نهاية فورية لآلامهم. شكرا من جهة أخرى هؤلاء الأخوة والأخوات، الذين يحفزوننا على اتباع درب يسوع، على شهادتهم لملكوت الرب من خلال علاقات الصداقة بين جماعاتهم المختلفة.
وتابع البابا فرنسيس والبطريرك مار كيوركيس الثالث مؤكدَين الوقوف إلى جانب الأخوة والأخوات المضطهدين ليكونا صوت من لا صوت له، والعمل على تخفيف آلامهم ومساعدتهم على بدء حياة جديدة. وشدد الإعلان المشترك على أنه لا يمكن تخيل الشرق الأوسط بدون مسيحيين، وهذه قناعة لا تقوم فقط على أساس ديني بل وأيضا اجتماعي وثقافي، وذلك لمساهمة المسيحيين الكبيرة مع المؤمنين الآخرين في تشكيل هوية هذه المنطقة كمكان احترام وتقبُّل متبادلَين، وأكد الإعلان أن الشرق الأوسط بدون مسيحيين لن يكون بعد الشرق الأوسط. وأكد البابا والبطريرك أيضا القناعة بأن بقاء المسيحيين في هذه المنطقة يرتبط باستعادة السلام، ولهذا يرفعان الصلاة إلى ملك السلام كي يعود السلام “عمل البِّر” (راجع أش 32، 17)، وتابعا أن السلام يتحقق ويُحفظ من خلال الإصغاء المتبادَل والحوار. ويدعو الإعلان المشترك بالتالي الجماعة الدولية إلى التوصل إلى حل يعترف بحقوق وواجبات الأطراف كافة، وتحدث الإعلان أيضا عن ضرورة ضمان حقوق كل شخص واحترام الحرية الدينية ومساواة الجميع أمام القانون، وذلك على أساس مبدأ المواطنة بغض النظر عن الإثنية أو الدين، وهو مبدأ أساسي لبلوغ تعايش بين شعوب وجماعات الشرق الأوسط. أكد الإعلان من جهة أخرى أن المسيحيين لا يريدون اعتبارهم أقلية محمية أو مجموعة تحظى بالتسامح، بل مواطنين بالكامل، حقوقهم مضمونة ومحمية مع حقوق المواطنين الآخرين جميعا. شدد البابا فرنسيس والبطريرك مار كيوركيس الثالث أيضا على أهمية الحوار بين الأديان والذي يجب أن يقوم على الانفتاح والحقيقة والمحبة، وهذا الحوار هو الترياق الأفضل ضد التطرف.
وفي ختام الإعلان المشترك الذي وُقع في الفاتيكان الجمعة 9 تشرين الثاني نوفمبر 2018 أكد البابا فرنسيس والبطريرك مار كيوركيس الثالث بطريرك كنيسة المشرق الآشورية طلب شفاعة الرسولين بطرس وبولس كي يمنح الرب مسيحيي الشرق الأوسط غزير بركاته. وتابعا أنها يتضرعان إلى الثالوث الأقدس، مثَل الوحدة في التنوع، من أجل تقوية قلوبنا كي نتمكن من الإجابة على دعوة الرب إلى أن يكون تلاميذه واحدا في المسيح (راجع يو 17، 21). وختم الإعلان المشترك: ليسِر كلي القدرة الذي بدأ فينا هذا العمل الصالح إلى إتمامه في يسوع المسيح (راجع فل 1، 6).
اليتيا