في ذَلِكَ ٱلزَّمان، ٱجتَمَعَ لَدى يَسوعَ ٱلفِرّيسِيّونَ وَبَعضُ ٱلكَتَبَةِ ٱلآتينَ مِن أورَشَليم. –
فَرَأَوا بَعضَ تَلاميذِهِ يَتَناوَلونَ ٱلطَّعامَ بِأَيدٍ نَجِسَة، أَي غَيرِ مَغسولَة. –
(لِأَنَّ ٱلفِرّيسِيّينَ وَٱليَهودَ عامَّةً لا يَأكُلونَ إِلّا بَعدَ أَن يَغسِلوا أَيدِيَهُم حَتّى ٱلمِرفَق، تَمَسُّكًا بِسُنَّةِ ٱلشُّيوخ. –
وَإِذا رَجِعوا مِنَ ٱلسّوق، لا يَأكُلونَ إِلّا بَعدَ أَن يَغتَسِلوا. وَهُناكَ أَشياءٌ أُخرى كَثيرَةٌ مِنَ ٱلسُّنَّةِ يَتَمَسَّكونَ بِها، كَغَسلِ ٱلكُؤوسِ وَٱلجِرارِ وَآنِيَةِ ٱلنُّحاس). –
فَسَأَلَهُ ٱلفِرّيسِيّونَ وَٱلكَتَبَة: «لِمَ لا يَجري تَلاميذُكَ عَلى سُنَّةِ ٱلشُّيوخ، بَل يَتَناوَلونَ ٱلطَّعامَ بِأَيدٍ نَجِسَة؟» –
فَقالَ لَهُم: «أَيُّها ٱلمُراؤون، أَحسَنَ أَشَعيا في نُبوءَتِهِ عَنكُم، كَما وَرَدَ في ٱلكِتاب: هَذا ٱلشَّعبُ يُكَرِّمُني بِشَفَتَيه، وَأَمّا قَلبُهُ فَبَعيدٌ مِنّي. –
إِنَّهُم بِٱلباطِلِ يَعبُدونَني، فَلَيسَ ما يُعَلِّمونَ مِنَ ٱلمَذاهِبِ سِوى أَحكامٍ بَشَرِيَّة. –
إِنَّكُم تُهمِلونَ وَصِيَّةَ ٱلله، وَتَتَمَسَّكونَ بِسُنَّةِ ٱلبَشَر». –
وَقالَ لَهُم: «إِنَّكُم تُحسِنونَ نَقضَ وَصِيَّةِ ٱللهِ لِتُقيموا سُنَّتَكُم! –
فَقَد قالَ موسى: أَكرِم أَباكَ وَأُمَّكَ، وَمَن لَعَنَ أَباهُ أَو أُمَّهُ، فَليُقتَل قَتلًا. –
وَأَمّا أَنتُم فَتَقولون: إِذا قالَ أَحَدٌ لِأَبيهِ أَو أُمِّهِ: كُلُّ شَيءٍ قَد أُساعِدُكَ بِهِ جَعَلتُهُ قُربانًا، –
فَإِنَّكُم لا تَدَعونَهُ يُساعِدُ أَباهُ أَو أُمَّهُ أَيَّ مُساعَدَة. –
فَتَنقُضونَ كَلامَ ٱللهِ بِسُنَّتِكُمُ ٱلَّتي تَتَناقَلونَها. وَهُناكَ أَشياءُ كَثيرةٌ مِثلُ ذَلِكَ تَفعَلون». –
*
لم يكن أمرًا همجيًا تطرُق يسوع إلى مسألة إكرام الوالدين في حديثه مع اليهود بشأن مسائل متعلقة بعاداتهم وبالوصايا الإلهية. فمراد يسوع يهدف إلى الإشارة إلى أننا لا نستطيع أن نتجذر في واقع الله إذا قطعنا ربطنا بواقعنا البشري. عدم إكرام الأب والأم – ولنلاحظ جيدًا أن الوصية لا تأمرنا بمحبتهما بل بإكرامهما!! – هو تدنيس لمنابعنا، الينبوع الذي يجري في أنهار وجودنا. عدم عيش هذه الوصية يجعلنا نتوهم أننا نستطيع البناء عاليًا دون التأسيس في العمق. مستقبل الله لا ينفي حاضر التاريخ بل يقدسه ويحوله من خلال دينامية اعتراف وعرفان تفديان الأبوة والأموة اللتين ربما لم نتمتع بهما.
Zenit