غرّد “لواء احرار السنة بعلبك” على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” معلناً “توكيل مجموعة خاصة من المجاهدين الأحرار تطهير إمارة البقاع الاسلامية خصوصاً ولبنان عموماً من كنائس الشرك”. وقال ان هذه المجموعة “ستعمل على استهداف الصليبيين في الامارة ولبنان لايقاف قرع اجراس الشرك”، مرفقاً اياها بصورة لمن قال انه “قائد المجموعة الموكلة باستهداف الصليبيين في لبنان عمر الشامي”، فجاءه الرد واحداً سنّيا ومسيحيا “تهديد مشبوه يخالف كل تاريخ أهل السنة”.
علّق إمام بلدة القرعون المختلطة مسيحيا وسنيا، وممثل “هيئة العلماء المسلمين” في البقاع الشيخ منير رقيّة على البيان، وقال لـ “النهار”: “بالمبدأ هذا كلام لا يستحق الرد. فهو لا يعني المسلمين، ولا السنّة، ولا عاقلاً ولا احداً في البلد. كلام مشبوه ونحسبه مأجوراً، يضرّ اولا بالمسلمين السنّة الذين لديهم تراث من المواطنة والتسامح والعيش مع مختلف ابناء المنطقة في لبنان وبلاد الشام والعراق، عمره اكثر من الف سنة، لا يهزه تصريح ولا بيان ولا خطاب”. وأضاف: “نحن نعيش ثوابت في هذا البلد، لا احد يخلّ بها، ومن يخلّ هو الخاسر قبل غيره. وهذا موقف دار الفتوى، وهيئة علماء المسلمين، وكل من يفهم الاسلام فهماً صحيحاً”. وختم “حان الوقت لكشف من يقف خلف هذا الحساب باسم “لواء احرار السنة بعلبك” بعدما تبرأ منه الجميع”.
من جهته قال راعي ابرشية زحلة للسريان الارثوذكس المتروبوليت بولس سفر: “لا نعرف كم ان هذا التهديد جدي، وما هي خلفيات مطلقيه. هل هو “فتيشة” لبلبلة الامن؟ أو ضرب السياحة؟ او تخويف المسيحيين؟ لكن يجب التعامل معه بجدية”. وأوضح انه “على تواصل مع الاجهزة الامنية للوقوف على تقويمها لجدية هذا التهديد والتدابير الواجب اتخاذها”. وختم: “الله يهوّنها”.
واصدر متروبوليت الفرزل وزحلة للروم الكاثوليك المطران عصام درويش بياناً جاء فيه: “اتوجه الى اخوتي في البقاع ولبنان لأطمئنهم الى عدم جديّة التصريح الصادر عن لواء احرار السنة – بعلبك، واعتبره في سياق المخطط لإشاعة بلبلة امنية في منطقة البقاع. وانا على اقتناع تام، انه في قراءة للتاريخ منذ بداية بشارة الاسلام في هذا الشرق، كان السنّة هم المحافظين والمحامين عن المسيحيين وحقوقهم، انطلاقا مما جاء في القرآن الكريم: “لا اكراه في الدين”. واعتبر انه في هذه الظروف الدقيقة يقع على المسلمين عموماً والسنّة خصوصاً مسؤولية الحفاظ على المسيحيين في البقاع ولبنان والشرق”. واضاف: “على رغم رسالة الطمأنة هذه، نحن مدعوون اليوم الى اتخاذ اقصى درجات الحيطة والحذر. ولدينا الايمان والقناعة وملء الثقة بالجيش اللبناني والقوى الامنية جميعها التي هي صمّام امان لكل اللبنانيين في البقاع وفي بقية المناطق، والخطة الامنية التي بدأت منذ فترة ستساهم بدون شك في احلال السلام والامن والطمأنينة.
في هذه الفترة العصيبة التي تمر فيها منطقتنا، نحن مدعوون إلى التلاقي مع كل الطوائف لدرء الاخطار التي تتهدد الجميع. نرفع الصلاة لكي يمنّ علينا الرب بنعمة السلام والتآخي والتلاقي”.
وكان “لواء احرار السنّة بعلبك” نشر ايضا تغريدة لاميره سيف الله الشياح يدعو فيها “اهل السنة الكرام الى الابتعاد عن كنائس الشرك وعدم الاقتراب منها على كل الاراضي اللبنانية، حرصا على سلامتكم”.
والكنائس في القرى المختلطة السنية – المسيحية تقع في الاحياء السكنية، حيث المسيحي جار السني، وتزنرها، وبالتالي امن الكنائس من امن السكان. فالتهديد اذا ليس واقعا على الكنائس والمصلين فيها فحسب، بل ايضا على جيرانها من مسيحيين ومسلمين سنّة. فهل تنقل عائلة الهواري منزلها الملاصق لحائط كنيسة مار الياس في بر الياس؟ ام تغير عائلة الجراح عنوان سكنها ومتجرها المحاذيين لكنيسة السيدة في المرج؟
مَن التقيانهم، سواء سمعوا بالتهديدات من وسائل الاعلام او اطلعوا على مضمونها منا، ظلوا مشككين في جدية هذا التهديد، الذي يقحم المسيحيين في “صراع ليس لهم فيه”. واصفين اصحاب هذه التهديدات “بالشياطين والارهابيين، ما الهم رب ولا دين”، وربما لذلك ايضا “وجب اخذ الحيطة”، وخصوصاً ان كنت كعائلة ناصر تتشارك مع الكنيسة فناء واحدا، فلا شيء يمنع من اتخاذ تدابير امنية مطمئنة، وان كان في النهاية “الله وحده ينجي” على ما تؤمن الخورية. فالخشية ان وجدت ليس من ابناء البلدة الواحدة “اهل وجيران نتشارك الافراح والاحزان والكنيسة لطالما كانت موجودة ولا احد يقترب منها بسوء”، ويخشى “الغريب”. لذلك الاتكال اولا على وعي اهل البلدة، وابن الهواري مستعد لأن “احمي الكنيسة قبل ان احمي بيتي”.
في مدينة زحلة وكما في بقية البلدات المسيحية او المختلطة تستمر الحياة طبيعية حول الكنائس المغروسة في مجتمعاتها، ويطغى قرع جرس الكنيسة وصوت المؤذن على تهديدات “لواء احرار السنة بعلبك” الذي يبقى مشبوها في نظر كثر، والخشية من طرف ثالث يستغل هذا التهديد.
زحلة – دانييل خياط
النهار