تطلّب العَمَل على شريط “بونجور بيروت” الوَثائقيّ الذي يأخذنا من خلاله الإعلاميّ جورج صليبي في نُزهةٍ إلى حيثُ الجمال والتُراث والإتقان من العناصر التي تَنصَهرُ بتأنّق، عاماً كاملاً نظراً للبحوث المُكّثّفة التي كان عليه أن يُجريها قبل الإنتقال شخصيّاً إلى الإعداد والإنتاج والإخراج.
كان لا بدّ لصليبي من أن يُعطي العاصمة التي عَرفت لحظات عزّ وإنكسار، حقّها، نظراً لتُراثها “الرفيع التهذيب” وهويّتها الغائرة في رواق الرُقيّ. فكان هذا الوثائقيّ الذي عُرِضَ للمرّة الأولى في كانون الثاني المُنصرم في سينما متروبوليس في الأشرفيّة. ومساء أمس، في “فيرجين ميغاستور” – وسط بيروت، كانت فرصة محوريّة لكل الذين يتعاملون مع العاصمة وكأنها السيّدة الفاتنة التي لم يتمكّن القَدَر من أن يتعدّى على جمالها وأناقتها، ليؤكّدوا إيمانهم بها وليُظهروا إصرارهم على الحفاظ عليها وعلى تاريخها الذي لطالما أشعلَ نار الغيرة في أعماق كُثُر. إذّ وَقّع الإعلامي DVD الوثائقيّ الذي يمزجُ ما بين المَشاهد الموثّقة والمَقاطع التمثيليّة التي يؤدّيها المُمثّل المُخضرم عبدالله الحمصي المعروف بشخصيّة “أسعد” في مُسلسل “أبو سليم وفرقته”. هي حكاية عاصمة تُريد بأي ثمن أن تُحافظ على هويّتها وهي تصرخُ وتستغيث بنبلها المعهود، “لا تهدموا أياميّ”! وفي “بونجور بيروت” هي البيوت التُراثيّة والأخرى القديمة المسكونة بالقصص تروي تاريخها. المدينة تغيّرت لاسيما في ظلّ إصرار البعض على غضّ الطرف عن تُراثها “الشاهق”. وهو التغيير المؤلِم في هويّتها العمرانيّة في وقت يُحاول قلّة أن يتمسّكوا بالتاريخ وإن كانوا يرغبون في كتابة تاريخ جديد. ومن خلال هذا الوثائقي يُسلّط صليبي الضوء على عدم وجود قانون لحماية البيوت التُراثيّة التي تجعل من العاصمة رمزاً من رموز الزَمَن الجميل. المدينة تروي في هذا الوثائقي حكاياتها الجميلة حتى الألم! وها هو قصر سرسق والبيت الأصفر في السوديكو وتحوّله إلى متحف يُحافظ على ذاكرة بيروت. وها هو بيت داهش في زقاق البلاط وقصر بسترس في الأشرفيّة. بيروت تروي حكايات بيروت! والبيوت تروي قصصها الشخصيّة وتلك الحوادث التي بدّلت ثوب أيامها مراراً وتكراراً. وبالإضافة إلى روايات المدينة والبيوت التُراثيّة تُشارك في الوثائقي – الحَدَث شخصيّات لها قصّتها أيضاً مع بيروت وتاريخها العريق. وهي شهادات وتجارب عاشها كبار وعرفوا من خلالها قيمة هذه العاصمة التي لطالما تمكّنت من أن تُعيد كتابة تاريخها وإن كانت الحكايات “مُلبّدة” بالأحزان ولحظات إنكسار عابرة. من الشخصيّات المُشاركة في “بونجور بيروت”، النائب وليد جنبلاط، الوزير ميشال إدّه، وزراء الثقافة، محمد يوسف بيضون، سليم وردة، غابي ليّون، طارق متري، والوزير ريمون عريجي. عشرات المَشاهد التي صوّرها فريق العمل بإشراف صليبا وإخراج عن كل ما تبقّى من البيوت التُراثيّة التي تعرف أنها ربما تعيش أيامها الأخيرة، في الجمّيزة والباشورة وزقاق البلاط وخندق الغميق. هو التُراث والقانون والتاريخ والمَشاهد التمثيليّة أضف إلى هذه العناصر مقاطع موسيقيّة مأخوذة من مُختلف أعمال الفنانة الكبيرة جاهدة وهبي، تجعل من “بونجور بيروت” قصّة عائدة من التاريخ.
النهار
الرئيسية | إعلام و ثقافة | توقيع الوثائقي “بونجور بيروت” لجورج صليبي: العاصمة تروي حكايات بيوتها التُراثيّة!
الوسوم :توقيع الوثائقي "بونجور بيروت" لجورج صليبي: العاصمة تروي حكايات بيوتها التُراثيّة!