وقعت الاعلامية ليا عادل كتابها “تراب الغربة”، بمباركة من متروبوليت طرابلس والكورة وتوابعهما للروم الأرثوذكس المطران افرام كرياكوس ومطران طرابلس وسائر الشمال للروم الملكيين الكاثوليك ادوار جاورجيوس ضاهر، برعاية رئيس مؤسسة الطوارىء السيدة مايا حبيب حافظ، على خشبة مسرح الرابطة الثقافية في طرابلس.
حضر حفل التوقيع الى المطرانين كرياكوس وضاهر وراعية الاحتفال، لفيف من الاباء الكهنة والاخوات الراهبات، رئيس الرابطة الثقافية رامز الفري، عائلة الاعلامية ليا عادل وفاعليات.
بعد النشيدين اللبناني وتيلي لوميار، ألقت عريفتا الاحتفال الاعلامية غوى خليل وميشالا ساسين كلمتين ترحيبيتين شددتا في مضامينها على جوهر المناسبة وأبعادها الانسانية.
كرياكوس
ثم القى المطران كرياكوس كلمة قال فيها: “ان العمل الذي تقوم به هذه الاعلامية لهو مبارك بل مقدس عندنا نحن المسيحيين في هذا الشرق الأوسط الذي نعيش فيه، مبارك من الله لأنه يشهد عمليا لإيماننا ورجائنا بالانسان العائش منذ مئات لا بل ألوف السنين حاملا تقليدا عريقا مقدسا”.
أضاف: “المسيحيون في هذا الشرق يحملون في طياتهم ذخائر وكنوزا روحية وأخلاقية لا تحصى ولا تثمن. وكتابنا المقدس يطوب كل عمل خيري يقوم به الانسان المؤمن وكأنه يتفقد ويخدم المسيح نفسه”.
وتابع: “تؤدي الاعلامية ليا عادل رسالتها مع مؤسسة تيلي لوميار التبشيرية في هذا الشرق وفي كل أنحاء العالم. لأن الانسان يعطي معنى وهدفا لحياته من خلال العمل الذي يقوم به محبة بالله وبأخوته وبخاصة أولئك الذين عانوا ويعانون من آلام وتهجير. ولم يزالوا يجاهدون من أجل الحفاظ على حضورهم وعيشهم في هذه البلاد التي نشأوا فيها ولو كان ذلك بحال من الضيق والفقر والعوز”.
وختم كرياكوس: “إنني باسم كنيستي التي أنتمي اليها وباسم وطني لبنان، أهدي السلام والمحبة والبركة للسيدة الاعلامية ليا عادل ولقناة تيلي لوميار ولكل من يعاونهم في سبيل خدمة المتألمين من هذا الدهر المؤلمة شهادة لإيمانهم ولتعلقهم بوطنهم وتقاليدهم المقدسة”.
ضاهر
وألقى المطران ضاهر كلمة استهلها بالآية الإنجيلية “ها أنا معكم كل الأيام الى منتهى الدهر..” قائلا: “هذه الآية تلفظ بها الانجيلي متى في معرض ذهاب تلاميذه الأحد عشر الى الجليل، حيث أمرهم يسوع قائلا اذهبوا وتلمذوا معمدين إياهم باسم الآب والابن والروح القدس. فبعد زيارتها المتكررة الى العراق في مناطق نينوى والموصل، ومن خلال محطة تيلي لوميار ونورسات، وفي اقسى الظروف واصعبها، تطل علينا الاعلامية القديرة ليا عادل باصدار كتابها الموثق والواقعي لأحوال مسيحيي العراق تحت عنوان “تراب الغربة”، وتقديرا للجهود التي بذلتها لاصدار هذا الكتيب، جئنا نشارك في هذه الندوة ونباركها”.
وتابع: “ان تتعرف على الانسان من كتاباته بأنه الوسيلة الفضلى لسبر غور شخصيته وللتعمق في مكنونات روحانيته السامية. وكيف اذا كان المؤلف مدركا وناقلا وموثقا بالواقع والصورة والشهادات لمضمون كتابه”.
وقال: “اجل لقد استوعبت ليا رسالتها الانسانية المقدسة على ما اعلنت في مطلع اهدائها، فاذ بك تتذوق بساطتها ونقاوتها وتنقل الينا بخط يدها ما عاينته وشاهدته بالبساطة والنقاوة عينها من خلال اسلوبها الشيق. فاذا كنت تريد أن تعرف انسانا فتوجه الى كتابه، وبالتالي فان كتابات الاعلامية ليا هي امتداد لروحانية ضميرها ولغيرتها الانسانية ومسيرتها الاعلامية”.
واضاف: “ان “تراب الغربة” يحاكي الحنين الى الارض، الشوق والشغف الى الوطن، الالتزام بالاصول والتشبث بالقيم، إنه ثقافة المواطنة، ونحن اليوم فيما نمثل في هذا الشرق بالكنيسة المشرقية مهد الديانة المسيحية ومولدها وانبثاقها وانتشارها وانفتاحها على جميع المكونات البشرية وفي اقطار الكون. وبالتالي فإن كنيستنا المشرقية وكنيسة الروم الملكيين الكاثوليك التي ننتمي اليها، ونحن أحد خدامها ورعاتها، نفاخر بأن هذا الشرق حيث بشارة المسيح تمت من خلال النعم والسلام الذي القي على مريم العذراء وعلى القديس بولس، رسول الأمم وآخرين امثال الأوائل: الشهود والشهداء، وهذا ما سعت اليه الاعلامية الفذة ليا وناضلت من اجله في سبيل ايصال صوت الحق للكنيسة في العراق وأربيل والمعاناة البشرية في شرقنا الجريح، وخصوصا ما قست عليه ايام الحروب والدمار والتهجير والخطف والتعذيب. ان الشهادة الحية التي اطلقتها هذه الاعلامية عن اهل نينوى تدل على الايمان الراسخ لهذا الشعب بايمانه المسيحي وتاريخه الثابت في العراق الذي لم يستسلم للخوف”.
فري
بعد ذلك، القى الفري كلمة اكد فيها “اهتمام الرابطة الثقافية الدائم بتشديد أواصر التعاون مع قناة “تيلي لوميار” و”نورسات”، لما يقدمونه من دعم لمدينة طرابلس وأهلها بالإضاءة على كل ما يبرز وجه طرابلس الحضاري والثقافي، كما نؤكد أن طرابلس الفيحاء والرابطة الثقافية ستظل حاضنة لكل اللقاءات والقامات والنتاج الفكري والأدبي والثقافي على اختلاف تنوعه الطائفي والمذهبي والسياسي والحزبي والمناطقي. بعكس ما كان يريد البعض من إظهار طرابلس وكأنها منغلقة على نفسها ومتعصبة طائفيا ومذهبيا وترفض الآخر. ولكنها وبفضل تعاون أبنائها المخلصين تؤكد دوما رغم كل المؤامرات التي تحاك لها، بأنها مدينة العلم والعلماء، ومدينة الوفاق والحوار والعيش المشترك وتقبل الآخر والحاضنة الأم لكل اللبنانيين على اختلاف تنوعهم وآرائهم وعقائدهم”.
وتابع: “تراب الغربة يروي قصة اهالي نينوى والموصل مع التهجير، ينقل شهادات حياة الأخوة العراقيين العائدين الى شمال العراق نينوى – الموصل وما رافق هذا التهجير من تدمير للحجر والبشر وانتهاك حقوق الانسان والمقدسات والمقابر، حيث يرقد الانسان في مثواه الأخير”.
وختم فري: “لا اريد الغوص اكثر في مضمون الكتاب لاتيح لكم الفرصة لقرائته بشوق وتأمل، ولكن اذا ما أردنا التعقيب على كتاب ” تراب الغربة” باختصار لا نستطيع أن نقول سوى انه كنز مسيحي وعصارة ألم كبيرة أرادت أن تظهرها الزميلة ليا بشفافية مرفقة بفيلم وثائقي مصور لتكون هذه العصارة بمثابة رسالة انسانية علها تساهم في زرع بذور السلام انطلاقا من مقولتها: “اذا أردنا ان نعيش في مجتمع مسالم علينا ان لا نقابل الشر بالشر”.
عادل
وألقت عادل كلمة باسم قناة “تيلي لوميار” و”نورسات” جاء فيها: “نطل عليكم المحبة والتلاقي من قناة تيلي لوميار ونورسات لنجيب على جملة تساؤلات تثير قلق المسيحي المهجر من أرضه أو العائد اليها بعد درب آلام طويل تحت عنوان كتاب ” تراب الغربة” الذي ينقل شهادات حياة الأخوة العراقيين العائدين إلى شمال العراق ” نينوى- الموصل” وما رافق هذا التهجير من تدمير للحجر والبشر وانتهاك حقوق الانسان والمقدسات والمقابر، حيث يرقد الانسان في مثواه الأخير.
بداية التهجير هو تهجير والعودة يجب أن تتحقق وإن كانت عودة اجبارية، إنطلاقا من الهاجس الدائر بأن تعود الحياة الى تلك القرى، لا سيما بعد أن توقفت المنظمات عن تقديم برامج الإغاثة في المخيمات وخصصتها للقرى المدمرة ولمساعدة الأهالي الذين قرروا العودة. وبالتالي نقول: هل هناك أمان او ضمانات؟ الجواب لا. هل هناك مخاوف، الجواب نعم، لأن وجود المسيحيين في تلك القرى هو وجود واقع بين الحكومات المتنازع عليها، كما أن هذه القرى ليس لديها القدرة في أن تتحمل الصراعات العسكرية، لان هذه الأخيرة تؤدي إلى إنهاء الوجود المسيحي في القرى المتنازع عليها.
أضف الى ذلك، أن الذين هاجروا الى لبنان والاردن وتركيا يعانون أيضا من أوضاع صعبة، وتبقى العودة هي الحل. كل شيء في قرى القوش، تللسقف، برطلة، قره قوش، كرمليس.- الموصل ….” شهد على قيامة المخلص، بدءا من إعادة الإعمار، فتح المحال التجارية، عودة الحياة الإجتماعية بين الأهالي، إزالة العبارات المسيئة لكرامة الإنسان وللكنيسة، إعادة زرع المحاصيل الزراعية وفتح المدارس. نعم أنها قيامة مطعمة بجرح كبير، ولكنها تحققت بعد سنوات من التهجير القاسي. لا سيما أنه “لم يكن من السهل على المهجرين العراقيين تقبل حقيقة أنهم نازحون”.
اضافت: “أما عصارة الألم الموجودة في مضامين كتاب ” تراب الغربة” فتبرز جلية من شهادات الحياة التي روت قصص أهالي قرى نينوى والموصل والتي رصدتها تيلي لوميار بالصوت والصورة، رغم مشقات الطرقات وخطورة الوضع، رصدتها لأنها أرادت أن تدافع عن قضية الوجود المسيحي الذي بات مهددا في هذه المنطقة التي تعيش الغليان الارهابي والتدمير الدامي، رصدتها لتقول: “إن مهنة الإعلام هي رسالة أكثر مما هي مهنة”، رصدتها لتبعث منها رسالة الى ذلك العالم القابع في غيبوبته ومصالحه عله يستفيق قبل فوات الأوان. ومن هنا، أعدت تيلي لوميار ونورسات عدتها الإعلامية في فصح العام 2018 لتقوم بمهمتها في هذه القرى والبلدات، إسوة بمهماتها الإعلامية التي تقوم بها في سوريا وسائر المنطقة، لتشهد على فجرالقيامة الجديد، ولتؤكد أن خشبة الصليب التي رأى فيها الآخرون عارا وشكا هي بالنسبة الى المسيحيين خشبة خلاص وفداء”.
وتابعت: “نعم أن الأهالي قد أصيبوا باحباط كبير لحظة مشاهدة منازلهم مدمرة مصابة بالخلع والتكسير والعبث بكل ذكرياته، لكنهم واجهوا الألم بالرجاء رغم الجرح الكبير وأعادوا بناء منازلهم كما يريدون. نعم ها هي رسالة تيلي لوميار التي تسعى الى أنسنة الانسان والوقوف الى جانب كل محتاج وفقير أيا كان، لأن الدين لا يفرق، بل يجمع بين الأخ وأخيه الانسان. إن حضوركم يا أحبة اليوم في هذا المكان الذي يجمع الكل تحت سقف المحبة والأخوة، لهو بحق خير شهادة على أصالة شهادة العيش المشترك في هذا الشرق. كما نطل من هنا إطلالة المحبة على إخوتنا في المواطنة والعيش المشترك، الإخوة المسلمين بكل أطيافها”.
وختمت: “من هنا، نرفع صلاتنا اليوم من أجل استقرار لبنان وسلام سوريا والعراق والعالم أجمع. ونصلي من هذا البلد الحبيب لبنان الذي يحمل بين ثناياه رمزا للحضور المسيحي في الشرق، ونلفت من هنا أنظار العالم إلى قضايا الشرق الموجعة، ونستذكر نحن وإياكم مطراني حلب يوحنا ابراهيم وبولس يازجي المخطوفين منذ أكثر من خمسة أعوام ونصلي من أجل عودتهما سالمين، بحيث إن ملفهما يختزل شيئا مما يتعرض له الإنسان المشرقي عموما والمسيحي خصوصا وسط الإيديولوجيات المظلمة، وعقدة المصالح الكبرى واسترخاص القيم البشرية في زمن الحروب”.
حافظ
أما راعية الاحتفال السيدة حافظ فشكرت الحضور وقالت: “صحيح ان احتفالنا هو احتفاء بكتاب وتحية لكاتبته، ولكن الصحيح ايضا ان ما حملته صفحاته، وما قرأناه في سطوره وما بين السطور، يتخطى احتفالية المناسبة ليدخلنا مع العزيزة ليا الى عمق القضية – الهم التي تستدعي اهتماما وتشحذ همما وتستنهض عزائم.
إنها المسيحية السائرة في طريق الجلجلة، منذ تلك الجلجلة تسقط تحت صليبها مرات ومرات وتنهض بقوة الايمان والرجاء متطلعة الى القبر الفارغ وهي في حالة قيامية مستمرة. ان صورة مسيحيي العراق كما ظهرت على الشاشة هي صورة الحقيقة المسيحية بأصالتها ورسالتها، هي صورة مماثلة لطرابلس التي عانت وتهمشت.
لقد علمتنا مآسي الشعب الطرابلسي معاني الالتزام الديني الوطني والاجتماعي، وهيهات لو يعلم العالم ويتعلم سر عظمة الانسان وموقع القيم الدينية والانسانية. وهيهات أن يعلم العالم ويعمل على اعطاء الحقيقة مكانتها الأولى في مسار التاريخ. نعم اليوم اردنا في هذا الاحتفال ان نعيد لطرابلس هويتها التي تلخص بالعيش المشترك وبأنها لا تستقيم الا بجناحيها المسيحي والاسلامي مهما تفاقمت الصعوبات واشتدت المحن. وها هي مؤسسة الطوارىء باطلاقها هذا العمل الثقافي كأول نشاط لها تبرز صورة ان الله محبة، وان الله خلق اهل الارض شعوبا ليتحابوا ويتقاربوا لا ليتباعدوا تحت أي راية”.
اضافت: “ان همنا الاول والاساس اعادة تثبيت المسيحيين في ارضهم والعودة الى التعايش مع اخوتهم في المواطنة يدا بيد وعائلة واحدة، من أجل كتابة الرسالة الواحدة، والتي نحملها معا الى كل الناس في المآذن والمعابد. كفى حرمان طرابلس، كفى تفتيتها وتهميشها وتهجير اهاليها بفعل الحرمان وغير ذلك من قساوة الأيام. ألم تأت صافرة الانطلاق للبدء بانعاش المدينة وتأمين حياة كريمة لأهلها الطيبين الذين يستحقون الكثير”.
وختمت حافظ: “وامام كل ذلك، وجدت اليوم هذه المؤسسة لتعمل بانسانية وعطاء الى جانب الكنيسة وببركة رعاتها من اجل الانسان وخدمته ايا كان دون تفرقة. كما دعوني أؤكد لكم ان النائب سليم حبيب ما زال موجودا ويحمل طرابلس في قلبه وعقله”.
وتخلل الاحتفال عرض لريبورتاجات ولقاءات رصدتها الاعلامية ليا وتيلي لوميار والتي تسطر بالصوت والصورة معاناة الأخوة العراقيين وتهجيرهم قسرا من أرض آبائهم وأجدادهم.
وفي ختام حفل التوقيع، اعتلى الحضور خشبة المسرح تم قطع قالب الحلوى المزين بشعار الكتاب وسط محبة كبيرة طبعت المكان بلغتي الفرح والرجاء.
وطنية