أكد المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم ان “المديرية العامة للامن العام تطبق ادق معايير الشفافية في التعامل مع الملفات الاجتماعية، والنظر الى كل فرد كقيمة انسانية مطلقة بحد ذاتها وليس ككمية مهملة مرمية على رصيف الحياة”.
ورأى ان العجز عن معالجة ملف الوافدين السوريين الى لبنان بأعداد تفوق طاقته الاستيعابية والاغضاء المتعمد عن وجودهم، وما يشكله من سلبيات على المستويين الامني والاقتصادي، يؤسسان لحالة اجتماعية متفجرة ستكون لها تشظيات امنية خطيرة لن يسلم منها لبنان ولا والمجتمعات العربية والدولية.
كلام ابراهيم جاء خلال حفل توقيع ابراهيم مذكرة تفاهم بين المديرية العامة للامن العام ورابطة “كاريتاس – لبنان” قبل ظهر اليوم في قاعة الاحتفالات في مقر المديرية، برعاية ابراهيم وحضور رئيس رابطة كاريتاس – لبنان الاب بول كرم وممثلين من البعثات الديبلوماسية والمنظمات الدولية المعنية وكبار الضباط.
بعد النشيد الوطني ونشيد “كاريتاس”، تلا عريف الحفل النقيب زاهر يحيى بنود مذكرة التفاهم.
ابراهيم
وألقى ابراهيم كلمة قال فيها: “عندما تسلمنا مهماتنا على رأس المديرية العامة للأمن العام منذ اربع سنوات، قلنا حينها ان هذه المديرية هي في خدمة الانسان بقدر ما هي في خدمة الامن والاستقرار. فالامن والاستقرار لا يتوطدان في ظل الاضطراب المجتمعي حيث يسود الظلم وتفتقد العدالة، ويعمم الفقر والجهل. ان المديرية العامة للأمن العام كانت منذ نشأتها عينا ساهرة وراصدة على امتداد الوطن، لتعكس الصورة الواقعية لما يحصل في البلاد من تطورات تتجاوز السياسة الى ما هو أبعد، لأن المسببات الرئيسية لأي توتر داخلي غالبا ما تكون ذات طبيعة اجتماعية أو اقتصادية أو ثقافية أو انمائية. وكان للامن العام ولا يزال،الدور الرئيسي في انتظام الامور، من خلال التقارير والاقتراحات التي كان يرفعها الى السلطة السياسية لكي تستبق احداثا محتملة، او ايجاد الحلول والمخارج للازمات التي، لو قيد لها النجاح وهذا ما حصل للاسف في كثير من الاحيان، لاطاحت بالاستقرار وهددت امن الوطن والمواطن”.
أضاف: “أما اليوم، ومن منطلق وعيِ الامن العام لمسؤولياته الوطنية والانسانية، تقرر تفعيل وتطوير الشراكة مع رابطة كاريتاس – لبنان، وخصوصا مركز الاجانب في الرابطة، من اجل ضمان معاملة افضل للعمال الاجانب وطالبي اللجوء الى بلد آخر والمعترف بهم من قبل المديرية، بالتنسيق مع مكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في لبنان. ولتأطير هذه الشراكة وقوننتها وتنظيم العلاقة مع رابطة كاريتاس – لبنان في صورة أفضل، تم الاتفاق على توقيع مذكرة تفاهم بين الطرفين، توفر لمكتب رعاية الاجانب التابع للرابطة والكائن في حرم نظارة الامن العام، وهي المركز الوحيد الذي تتم احالة الموقوفين الاجانب الذين أنهوا محكومياتهم اليه بانتظار ايجاد حل لأوضاعهم. وبموجب هذه المذكرة تتولى رابطة كاريتاس توفير المساعدة للموقوفين في المركز، وهي مساعدة اجتماعية طبية قانونية من دون تمييز بين موقوف وآخر، كذلك توزيع المساعدات العينية عليهم وتقديم المعونة القضائية. ولعل أهم ما في هذه المذكرة ما أشارت اليه مادتها الثانية من تعاون بين المديرية وكاريتاس في مجال تسهيل التحقيقات الخاصة لأشخاص وقعوا ضحية جرائم الاتجار بالبشر، وتقديم المساعدة الصحية والنفسية والاجتماعية وترحيل من تستدعي حالاتهم الصحية والنفسية والاجتماعية مغادرة نظارة الامن العام الى مراكز الايواء التابعة لمركز الاجانب في رابطة كاريتاس – لبنان”.
وتابع: “ان هذا التعاون يؤكد البعد الانساني لمهمة المديرية العامة للأمن العام التي تطبق أدق معايير الشفافية في التعامل مع الملفات الاجتماعية، والنظر الى كل فرد كقيمة انسانية مطلقة بحد ذاتها وليس ككمية مهملة مرمية على رصيف الحياة. ان الامن ليس بعصى ولا رصاصة ولا قنابل مسيلة للدموع فحسب، انما هو منظومة متكاملة تتماذج فيها الشدة مع الحكمة وبعد النظر، وتغليب المساحة المشتركة بين الدولة ومواطنيها وليس الامعان في قطع جسور التواصل في ما بينهم، وطبعا هذه ليست مسؤولية احادية الطرف، بل هي مسؤولية جامعة ينبغي ان ينخرط فيها كل المعنيين في الشأن العام تحت سقف القانون والنظام”.
وأردف: “هذه المناسبة نريدها ان تكون بداية انطلاق لصوغ آليات تعاون مختلفة ومثمرة وبناءة بين الدولة اللبنانية والمجتمع المدني. وهنا تبرز مسؤولية المجتمع الدولي ايضا في تقديم الدعم والمساندة المادية والعينية، من اجل التخفيف ما أمكن من وطأة وثقل ملف الوافدين السوريين الى لبنان بأعداد تفوق طاقته الاستيعابية، لأن العجز في المعالجة والإغضاء المتعمد عن وجودهم، وما يشكله من سلبيات على المستويين الامني والاقتصادي، يؤسسان لحالة اجتماعية متفجرة ستكون لها تشظيات أمنية خطيرة لن يسلم منها لبنان ولا المجتمعات العربية والدولية”.
وختم: “ان مذكرة التعاون التي نوقعها اليوم هي الحرف الاول في ابجدية الدرب الطويل الذي يتعين علينا سلوكه لبلوغ ما نصبو اليه من استقرار ووضوح في التعامل مع ملف بهذه الاهمية، وهو ملف العمالة الاجنبية والوافدين السوريين – بصفة نازح – او اللاجئين الفلسطينيين. انها حجر الزاوية في مدماك، نرجو ان يعلو يوما فيوما ليستحيل بناء متماسكا وممسوكا بفعل ارادة الدولة اللبنانية في انتظام الامور مؤسساتيا وانسانيا، وتجاوب المجتمع المدني الوطني والفاعل، الذي يبني ولا يخرب كما هي حال رابطة كاريتاس – لبنان. ونأمل ان يشهد لبنان جمعيات مماثلة تنهض بالتعاون البناء مع مؤسسات الدولة بالوطن والانسان، وذلك تحت مظلة دولية نريدها ان تكون أكثر فاعلية وانسجاما مع مبادىء الامم المتحدة وشرعتي حقوق الانسان والطفل والمصلحة اللبنانية العليا، وهذا جل ما نرجوه ونصبو اليه في وطننا لبنان”.
كرم
بدوره، قال كرم: “منذ تأسيس مركز المهاجرين الاجانب في رابطة كاريتاس لبنان (سنة 1994)، الذي يهتم بقضايا إنسانية وملاحقات قانونية للعمال الاجانب والمهاجرين القادمين الى وطننا، بدأ عددهم يزداد وتكثر معهم مشاكلهم وهمومهم وقضاياهم التي تهمهم وتهمنا. وبما ان كاريتاس لبنان رسالتها الاساسية هي انسانية واجتماعية مع أي إنسان، كان من الضروري إيجاد من يهتم بتلك الامور، لذا تحملنا المسؤولية في هذا المجال وكانت رسالتنا أولا وآخرا تقديم المساعدة المتوفرة. ولأن الامن العام هو المؤسسة الحكومية التي أولاها القانون مهمة متابعة أوضاع العمال الاجانب والمهاجرين كافة، وصولا الى تنظيم إقامتهم أو ترحيلهم الى بلادهم اذا اقتضى الامر، على ما يقرر وفقا للقوانين المرعية الاجراء. فكل أجنبي يحكم عليه القضاء او يقرر ترحيله الى بلاده لا يمكن ان يبقى طليقا، كان لا بد من استحداث مكان يمكث فيه هؤلاء ضمن الفترة التي تلي الحكم او القرار وتسبق السفر. فوجدت الامكنة وآخرها نظارة المديرية الحالية التي وضع في داخلها مكتب لكاريتاس يهتم ويعتني بأوضاعهم كافة ومن ضمنها الناحية القانونية بحسب إمكانيتنا بالتنسيق التام مع المديرية العامة للأمن العام”.
أضاف: “ومع مرور الايام والسنوات من الخدمة وتزايد الحالات، إتفق الجميع على أن الظروف في ذلك المكان غير ملائمة ومطابقة للمعايير الدولية، ولم تعد تتوافق مع الغرض التي أنشئت من أجله، وهي غير مؤاتية ايضا لعناصر الامن العام. فلأن الاجنبي والمهاجر الذي يمر مرور الكرام، أو يبقى فترة وجيزة تسبق سفره لأسباب متعددة لسنا بوارد الدخول في تفاصيلها، قد يكون بغالبيتها ملفه أو هو نفسه سبب تأخرها، أثمر التعاون فيما بيننا ايجاد مركز جديد لهذه النظارة، سيتم الانتقال اليه في أقرب وقت ونرجوه في غضون ايام أو اسابيع، ولقد تمكنت كاريتاس لبنان من المساهمة في تجهيزه بفضل شركائنا. كل ذلك لم يكن ليحدث لو لم توقع في العام 2004، مذكرة التفاهم بين كاريتاس لبنان والامن العام وهي الاولى بين مؤسسة كنسية منظمة لها تاريخها الطويل في حقل العمل الاجتماعي المدني، ومؤسسة أخرى حكومية عسكرية أمنية. ولم يقف الامر عند هذا الحد، فالتعاون مستمر وبزخم الى الامام إن شاء الله بفضل عنايتكم وسهركم يا سعادة اللواء. وما المذكرة التي توقعها اليوم الا تعبير عن الاستمرار والثبات في التعاون وصولا الى تحقيق الهدف المشترك الذي نعمل من أجله جميعا ألا وهو خدمة الانسان وتمكينه من الوصول الى حقوقه الكاملة وفق المواثيق الدولية وانسجاما مع شرعية حقوق الانسان”.
وتابع: “كما ان رابطة كاريتاس لبنان والعاملين فيها يقدمون ما يوفر لديهم الى كل محتاج، دون سؤاله عن هويته أو التأكد من لون بشرته، كذلك الامن العام يقدم الخدمة العامة لمن هو أهل لها، ودون الاستفسار عن سبب هذه الحاجة. وهذا بند من بنود هذه الاتفاقية التي نوقعها اليوم معكم مشكورين، لنسعى الى تقديم المساعدة للجميع دون استثناء. فنحن نؤكد ونعلن بفخر، أننا وإياكم مستمرون بعون الله وعنايته ومحبته”.
التوقيع
ثم وقع ابراهيم وكرم مذكرة التفاهم، وجرى تبادل الدروع التذكارية، واقيم كوكتيل للمناسبة.
وطنية