أطلقت جامعة الروح القدس -الكسليك برنامجا مشتركا مع جامعة أوربينو الإيطالية حول “حفظ وترميم الملكية الثقافية والفن المقدس”.
وقد نظم مكتب العلاقات الدولية وكلية الفنون الجميلة والفنون التطبيقية في جامعة الروح القدس – الكسليك، بالشراكة مع جامعة أوربينو في إيطاليا، وبرعاية السفارة الإيطالية في لبنان حفل إطلاق برنامج “حفظ وترميم الملكية الثقافية والفن المقدس”، بحضور القائم بأعمال السفارة البابوية في لبنان المونسنيور ايفان سانتوس، مطران أوربينو المونسينيور جيوفاني تاني، السفير الإيطالي في لبنان ماسيمو ماروتي ممثلا بالملحق الثقافي في السفارة الإيطالية في لبنان الدكتور إدواردو كريزافولي، الأب المدبر في الرهبانية اللبنانية المارونية البروفسور هادي محفوظ، رئيس جامعة الروح القدس- الكسليك الأب البروفسور جورج حبيقة، رئيس جامعة أوربينو البروفسور فيلبرتو ستوكي على رأس وفد من الجامعة، نائب رئيس جامعة الروح القدس – الكسليك للشؤون الدولية الدكتورة ريما مطر، إضافة إلى أعضاء مجلس الجامعة والآباء وعميد الكلية المنظِمة د. بول زغيب ومنسق البرنامج المهندس جوزف زعرور وأساتذة من الجامعتين والطلاب.
مطر
بعد النشيدين الوطنيين اللبناني والإيطالي، تحدثت نائب رئيس جامعة الروح القدس – الكسليك للشؤون الدولية الدكتورة ريما مطر معتبرة أن “هذا البرنامج هو ثمرة عمل دؤوب دام لسنتين ولتعاون وثيق بين الجامعتين ورغبتهما في المحافظة على أصدق ما قد يمثل التنوع الثقافي والفن المقدس. وتكمن أهمية هذا البرنامج، بأن لبنان هو ملتقى الحضارات ومركز غني للنشاطات التاريخية والثقافية والدينية والفنية على مر العصور”.
اضافت:”وفي هذا الإطار، إن إعطاء شهادة في الحفظ والترميم يلبي حاجة أساسية للحفاظ على الملكية الثقافية والفن المقدس. كما أن هذا البرنامج يعكس التزام جامعتنا بنشر الإرث الثقافي الماروني واللبناني، فقد أسست، لهذا الغرض، أكثر من جهاز فيها، مثل مركز فينيكس، قسم حفظ الفن المقدس والتراث… ولا بد من الإشارة إلى أن هذا البرنامج هو الأول من نوعه في لبنان والشرق الأوسط وهو يزود الطلاب بكل ما هو مطلوب ليكونوا مرممين ومهندسين معماريين وعلماء آثار”.
باراتين
بعدها، قدمت منسقة البرنامج في جامعة أوربينو البروفسورة لاورا باراتين لمحة عن المشروع الذي “يهدف إلى تطوير مهارات جديدة للطاقم التعليمي والإداري، ونسج شبكة محلية لدعم الدراسات الجديدة، وتقديم مقاربة متعددة الاختصاصات في الدراسات الجديدة، وتشجيع تطوير سياسة حدودية بين الترميم والحفاظ على التراث، وإرساء تجانس في البرامج بين البلدان المتوسطة والأوروبية. وقد صمم هذا البرنامج بطريقة تزود الطالب بخلفية نظرية قوية على المستوى التاريخي-الفني والعلمي والتقني، كما بمجمل المعارف التقنية المتعلقة بترميم التراث الثقافي على اختلاف وجوهه. وتظهر أهمية هذا المشروع في تنوع الاحتمالات المتاحة أمام الطالب في الجامعتين بهدف تبادل الخبرات وتعميق تنشئتهم العلمية وإغنائها على المستوى العلمي- التقني والاجتماعي- الثقافي وتعزيز الحوار بين مختلف الثقافات”.
ستوكي
وأثنى رئيس جامعة أوربينو البروفسور فيلبرتو ستوكي على “التعاون المشترك المتمثل في هذا البرنامج الهادف إلى تدريب مهنيين في مجال حفظ وترميم التراث الثقافي وفق المعايير التي حددتها المؤسسات الأوروبية لتكون الشهادات الممنوحة معترف بها وتوازي الشهادات الأوروبية. ويستفيد الطلاب المشاركون في هذا البرنامج من الحصول على خبرة مهمة في قطاع حفظ الوثائق والمخطوطات والأعمال المكتبية وترميم التراث الثقافي مثل الرسومات والجداريات التي تدخل في صلب التراث اللبناني الغني. كما يختبرون تدريبا غنيا ليس على المستوى التقني والعلمي فحسب بل كحوار ثقافي بين حضارات وثقافات متنوعة. وبفضل تعاوننا مع جامعة الروح القدس والرهبانية اللبنانية المارونية، سنضمن إقامة حوار متعدد الثقافات والحفاظ على تراثنا القيم والغني. ويقع على عاتق الجامعة أن تعد جيلا من الشباب المنفتح المستعد للحوار بهدف بناء مستقبل مزدهر يصون السلام”.
الأب حبيقة
واشار رئيس جامعة الروح القدس – الكسليك الأب البروفسور جورج حبيقة إلى أن “هذا البرنامج المشترك يملك، إضافة إلى قيمته الأكاديمية، قيمة معنوية ودينية وثقافية وإنسانية. وتكمن قيمته المعنوية في مسؤوليتنا في ترميم الملكية الفكرية والفن المقدس وحفظهما مع خصائصهما وخصوصيتهما للأجيال اللاحقة. أما القيمة الدينية لهذا البرنامج فتتجلى في ترجمة أعمال العظماء ونقل رسائلهم، إنها طريقة “للتبشير” بالكلمة الطيبة. وإن الحفاظ على الفن المقدس هو بحد ذاته مسعى “مقدس”.
اضاف : “على الصعيد الثقافي، أستشهد باللاهوتي الأميركي توماس ميرتون الذي يقول “الفن يسمح لنا بأن نجد أنفسنا وأن نخسرها في الوقت عينه”، وإن تعليم طلابنا كيفية الحفاظ على الفن والغوص فيه هو تعليمهم أيضا كيفية البحث عن الآخرين ومعرفة أنفسهم. ونتفق جميعا على أن إعطاء طلابنا مجموعة واسعة من المفاهيم، وأعمال فنية متنوعة، ولوحة من الألوان والأذواق المتآلفة والمترافضة يؤدي إلى توسيع آفاقهم وإغناء معرفتهم وتحضيرهم اليوم ليكونوا حراس الغد لكنوز العالم. وتبقى إحدى أهم قيم هذا البرنامج هي بعده الإنساني، فكما تقول الكاتبة الأميركية راشيل كارسون “كلما تمكنا من تركيز اهتمامنا على عجائب الكون وحقائقه المتعلقة بنا، قلت لدينا الرغبةُ في التدمير”. أوليست الممتلكات الثقافية والفن المقدس إحدى عجائب هذا العالم؟ فمقدار ما نتأمل بها ونحافظ عليها، نعزز الجمال ونعطل الفكر التدميري”.
وخلص الأب حبيقة إلى القول:”تعتبر الملكية الثقافية والفن انعكاسات خالدة للعقول والأرواح، ومن خلال هذا البرنامج نساهم، في الحاضر، في حفظ حياة الفن الذي يعكس الماضي وحقائقه ودروسه. وفي الواقع، إن كل قطعة فنية، بغض النظر عن نوعها وزمنها وعمرها ومادتها، تقص حقبة معينة من التاريخ. ومن خلال هذا البرنامج، ستظهر الكثير من روايات السالف من الأيام المختبئة في مطاوي الماضي التي لا تعد ولا تحصى، وتعود مجددا إلى حلبة الحياة!”
كريزافولي
وكانت كلمة للملحق الثقافي في السفارة الإيطالية في لبنان الدكتور إدواردو كريزافولي ممثلا السفير الإيطالي في لبنان ماسيمو ماروتي شدد فيها على أن “الثقافة هي إحدى ركائز استراتيجية السفارة وتهدف إلى الترويج لبلدنا وتعزيز العلاقة الثنائية القائمة أصلا بين بلدينا. كما تولي وزارة الخارجية الإيطالية أهمية كبيرة للثقافة ويشمل ذلك: التصميم، علم الآثار والمحافظة على التراث الثقافي، تدويل المتاحف الإيطالية، الفن المعاصر، المطبخ الإيطالي، النشر، السينما، المسرح، الرقص، الترجمة، العلوم والأبحاث الإيطالية. وتجدر الإشارة إلى وجود تعاون وثيق بيننا وبين المهرجانات اللبنانية والمؤسسات الثقافية في لبنان”.
أضاف: “تلعب الجامعات دورا مهما على الصعيد الثقافي من خلال تزويد الطلاب بالمعرفة والمهارات وتحضيرهم إلى سوق العمل. بيد أن هدف التعليم العالي يتخطى ذلك ليشمل العمل على تطوير مواطن فاعل، وزرع الإبداع وإنضاج الوعي الثقافي والاجتماعي ونقل القيم الأخلاقية. لذا، نسعى جاهدين إلى تقوية التعاون مع الجامعات اللبنانية. وهذا اللقاء ما هو إلا الحلقة الأولى من سلسلة نشاطات ثنائية ومبادرة فعلية لإعداد مرممين مؤهلين في هذا القطاع الأساسي في لبنان”.
تاني
وشدد مطران أوربينو المونسينيور جيوفاني تاني على أن “جامعة أوربينو الإيطالية وجامعة الروح القدس اللبنانية تنبعان من قلب الكنيسة وتظهران التزاما دينيا كاملا. وفي هذا الإطار، يأتي هذا المشروع المشترك للحفاظ على الفن المقدس ليعد مرممين في لبنان والشرق الأوسط يحافظون على تراثنا الثقافي والفني انطلاقا من مهمة دينية”.
وختاما، قدم الأب حبيقة دروعا تقديرية إلى القائمين على هذا البرنامج في الجامعتين.
وطنية