تتميّز جزيرة الفصح أو “جزيرة القيامة” بجمال رائع. تقع الجزيرة في المحيط الهادي الجنوبي وتعتبر جزءاً من دولة تشيلي في أميركا الجنوبية.
يبعد موقعها حوالي 3600 كيلومترا عن غرب تشيلي، ونحو 2075 كيلومتراً شرق جزر بيتكيرن.
وتعتبر هذه الجزيرة إحدى أكثر الجزر المعزولة المسكونة في العالم وهي على شكل مثلث تقريباً من ناحية الشكل. مساحتها حوالي 163.6 كيلومتراً مربعاً وعدد سكانها 3791 تبعا لإحصاء السكان لعام 2002. تملأ الألغاز هذه الجزيرة خصوصًا وأنها تحتوي على نحو 800 تمثال ضخم عرفت باسم “المواي”.
وهذه التماثيل عبارة عن نموذج بشري محدد بعضها له غطاء مستدير حول الرأس يزن وحده 10 أطنان.
في البداية ظن البعض أن هذه التماثيل مؤلفة من رؤوس ليكتشف العلماء في وقت لاحق من العام 2012 أن لهذه الوجوه أجسام ضخمة دفنت تحت التراب.
تم صنع معظم هذه التماثيل من الرماد البركاني بعد كبسه وضغطه ثم صقله وتسويته ويبلغ وزن كل تمثال 50 طناً تقريبًا وطوله نحو 30 قدمًا. وزن أكبر تمثال قدّر بنحو 297 طنًّا فيما وصل طوله إلى 70 قدمًا.
لطالما شكّلت هذه التماثيل لغزّا عجز العلماء عن تفسيره لمئات السنوات.
ومن اللافت أن معظم التماثيل تدير ظهرها للبحر ووجهها إلى داخل الجزيرة فيما فرقة واحدة منها تتطلع إلى البحر. ومن هذا المنطلق يقال إن التماثيل صنعت لحماية سكان الجزيرة ولهذا السبب لا تدير وجوهها عنهم.
في الجزيرة تمثال واحد فريد إذ إنه يظهر في وضعية وكأنه راكع على ركبتيه واسمه توكوتوري حيث يقال إنه يمثّل موسيقيا عرفته هذه الأرض.
تساءل العلماء عبر التاريخ كيف تمكن الإنسان من نشر هذه التماثيل الضخمة في مناطق متفّرّقة من الجزيرة خصوصًا وأن عدد سكان هذه الجزيرة قدّر خلال عام 1722 لم يتعدّى 3000 شخصًا!
ونظرًا لما تقدّم تم طرح أكثر من نظرية لتفسير هذا الأمر. قال البعض إن مخلوقات فضائية ساهمت بصنع هذه التماثيل ونشرها في الجزيرة.
وهو أمر بعيد عن المنطق بطبيعة الحال إذ إن المادة التي صنع منها معظم التماثيل معروفة وهي موجودة على الجزيرة نفسها.
على مدى السنوات حاول العلماء تصميم تماثيل مشابهة لمعرفة كيفية نقلها. وهذا ما حصل فعلًا مع مجموعة من العلماء الأمريكيين مؤخرًا. العلماء صمموا تمثالًا ضخمًا يشبه إلى حد كبير التماثيل المنتشرة في الجزية وتمكنوا من نقل التمثال من خلال لف رأسه الضخم بحبل يمسك بطرفيه مجموعتين من الأشخاص وينقلونه رويدًا رويدًا من مكان إلى آخر.
ومع حل لغز تصميم ونقل التماثيل تبقى ألغاز كثيرة تخصّ هذه الجزيرة.
كشفت الدراسات ان سكان هذه الجزيرة الأصليين كانوا يعتمدون على السمك والبطاطا الحلوة كمصدر للغذاء. ولكن كثيرين تساءلوا عن مصير هذه الشعوب؟
في البداية ظن العلماء ان سبب تضاؤل عدد سكان هذه الجزيرة يعود إلى قطعهم كمًّا هائلًا من الأشجار بهدف بناء ملاجئ تسهّل عليهم نقل التماثيل. ظنّ السكان أن الأشجار ستعود لتنمو بسرعة إلّا أن الامر لم يحصل فعانت المنطقة من مجاعة ما أدى إلى تقاتل أبناء الجزيرة فيما بينهم.
لكن سرعان ما تم إثبات أن هذه النظرية خاطئة بعد أن أثبت علماء ان أبناء هذه الجزيرة كانوا يتمتعون بذكاء زراعي خارق حيث كانوا يغذّون التربة من خلال استخدام مواد بركانية كانت تزيد من جودة الأرض وتجعلها أكثر خصوبة. لذا يقال إن عدد السكان تضاءل مذ وصول الأوروبيين إلى المنطقة. كذلك هناك نظرية أخرى تقول إن عددا من تجار البشر وصلوا إلى الجزيرة واستعبدوا عددا كبيرا من سكانها ونقلهم إلى أماكن أخرى. هذا ويقال ان الوافدين من اوروبا نقلوا معهم أمراضًا تمكّنت من أجسام سكان الجزيرة الذين لم يكونوا مؤهلين لمقاومة مثل هذه الأمراض.
كثيرة هي القصص التي حيكت عن تاريخ هذه البعة الجغرافية من العالم لتبقى التماثيل الضخمة الشاهد الوحيد على ما حصل في هذه الجزيرة.
اليتيا