حياةٌ تجاوزت دائرة موت ِتاريخ الكيان ، دائرة الموت ِ هذه التي تغلّبت عليها قوّة أعظم ” .
إذن ، لقد دخلَ القائم في الأبديّة التي تمنحها المحبّة . فهو قد قامَ للحياة النهائيّة ، التي لم تعُد مرتبطة بالنواميس الكيماويّة والجسديّة .
يقول الأسقف الدكتور يوسف توما الدومنيكيّ بخصوص جسد يسوع القائم: ماذا نفهمُ بكلمة ” جسد ” ؟! فالجسدُ البشريّ نسبيٌّ ، ويمكننا أن نراهُ من جوانب عديدة : الكيمياء ترى فيه مجموعة من ذرّات الهيدروجين وأوكسجين وآزوتْ . عالِم الحياة والجرّاح ، يريانه بصورة ٍ أكثر شمولا ، لكنّهما – مثل عالِم الكيمياء – يعتبرانه من الخارج فقط .
مشكلتنا هي أننا نريدُ أن نفهمَ القيامة من وجهة نظر كيماويّة وحياتيّة فيما يخصّ جسد المسيح القائم ، فنقول : ماذا حدثَ لذرّات الأوكسجين والآزوت في القبر الخالي ؟ أليس هناكَ تعريفٌ آخر لكلمة “جسد” أقربُ إلى عالم الإيمان ..؟! .
إذا فكّر كلّ واحد ٍ في نفسه : من أنا ؟ عندي جسد ، فهذا تفكيرٌ مجرّد وخارجيّ . لإنّ خبرتي في حياتي ، لا تميّزني عن جسدي .. “فأنا جسدي” ، أو بمعنى آخر : ” جسدي هو أنا ” في حالة الإحساس بالآخرين والإتصال بهم . فعندما أصافحُ أحدًا ، أو أبتسمُ له ، أو أتكلّم معهُ ، أو أعانقهُ ، كلّ هذه العمليّات يقومُ بها جسدي . وإذ نقولُ : إنّ يسوع القائم ، يمكنهُ أن يدخل في علاقة صداقة مع غيره ؛ فإنّما نعني بذلك ” إنسانيّته ” ، أي إنه قام كإنسان كامل . وأذكرُ هنا وصفٌ جميلٌ للكاردينال فالتر كاسبر يقول : الجسد الروحانيّ للقائم ، إنه الإنسان بجملته ( ليس فقط النفس ) ، الذي هو في بُعد الله إلى الأبد ، الذي دخل تمامًا في سيادة الله . وما يُفهَم من ” جسدانيّة القيامة ” ، هو أنّ شخص الربّ كلّه هو عند الله نهائيّا .. ولكن ، جسدانيّة القيامة تعني أيضا ، أنّ القائم من الموت ، لا يزالُ على علاقة بالعالم وبنا ، كمَنْ هو الآن عند الله . فهو إذن حاضرٌ عندنا بطريقةٍ إلهيّة.
(يتبع)
زينيت