جولة في معالم قرية الفراديس، المدخل الغربي للوادي المقدس في نطاق دير مار أنطونيوس قزحيا، وشملت مغاور ومحابس وآثار المزارات المندثرة. الجولة، قام بها متطوعو رابطة قنوبين للرسالة والتراث، وانطلقت مشياً من حديقة البطاركة في الديمان، نزولاً الى عمق وادي قنوبين ومنها الى قرية الفراديس، حيث كانت فيها محطتان بارزتان في محبستي مار سمعان ومار روكز.
تقع محبسة مار سمعان شرق القرية، تحوطها كهوف طبيعية عدة شكلت امتداداً طبيعياً لها في الماضي، فيما لم تبق في الفراديس أي آثار لدير مار سمعان بعدما تهدّم. ويشير المطران ناصر الجميل في دراسته عن معالم الوادي الى “أن القس حنا كان جدّد بناءه في القرن السادس عشر، بمعاونة جبرائيل الاهدني وحنا بن يعقوب الباني”. أما المحبسة القائمة فهي ثلاثية الشكل، في تجويف صخري، علوها ثلاثة أمتار، تتخلل جدارها الصخري الطبيعي الغربي فتحتان ضيقتان. مساحتها الداخلية حوالي عشرين متراً، فيها آثار البناء المندثر عند مدخلها، وفتحة داخلية بمثابة نفق طوله اربعة أمتار وقطره 60 سنتمتراً. امامها بقايا جل زراعي، والى جانبها الشرقي كهف تابع لها يختلط ترابه ببقايا فخارية.
محبسة مار روكز
ومن محبسة مار سمعان المعلقة، عبر طريق وعرة، قاسية، خطرة، في اتجاه كنيسة مار روكز في القرية، ومنها الى محبسة مار روكز التي بدت مبنية على علو يتجاوز 35 متراً في الجرف الصخري الشاهق المتصل بقزحيا. يحتضن هذا الشير في اسفله ثلاثة تجويفات صخرية لا تزال آثار الحياة البشرية بادية فيها، من دخان الحطب المتفحم ومما نحته الانسان في جدرانها من حنايا لتركيز أخشاب خيم وسقوف أقامها أمامها امتداداً لها. تسلقها اعضاء الفريق “المستكشف” الى “طبقة” ثانية في الشير عبر مهوى خطر، حيث يوجد تجويف آخر كان مأهولاً، ويقول الاعلامي جورج عرب “منه تدرجنا فوق بقايا درج صخري مبني لنصل الى المحبسة، التي يروي أهالي الفراديس المعاصرون ان آباءهم وأجدادهم استعملوها كنيسة لممارسة شعائرهم الدينية قبل بناء الكنيسة الحالية وسط القرية. هي غرفة مساحتها تقارب ثلاثين متراً، فيها آثار مذبح، بابها نفق دائري، عتبته قنطرة معقودة، يتيح الدخول اليها زحفاً فقط، فيها حائطان مبنيان، شرقي وشمالي لا يزالا قائمين، بدت جدرانها الداخلية مطلية بالطين والكلس، متآكلة بمرور السنين وعوامل الطبيعة”. في حائطها الشمالي المبني نافذة من عمل الانسان، وأخرى من عمل الطبيعة والأيام التي أسقطت بعض حجارة، فاتحة نافذة جديدة. تمتد المحبسة صعوداً الى تجويف آخر فيه آثار بناء مندثر، ما يجعل الجرف الصخري بأكمله متدرجاً شاهقاً بعلو يتجاوز الستين متراً، يحتضن طبقات من المغاور والكهوف تكللها محبسة مار روكز، احدى أروع محابس الوادي المقدس، وهو ينكشف منها بروائعه الفريدة.
لذا، بعد هذا الوصف، ثمة تساؤل وانت معلق في المحبسة يتراءى امامك الوادي جميلاً كفردوس ارضي، ألهذا سميت الأرض هنا بقرية الفراديس (أي جمع فردوس)؟.
طوني فرنجية / النهار