أصبح جلياً التأثير الهائل للهواتف الذكية وتطبيقاتها على المجتمعات المعاصرة، لأنها تؤثر في كلّ جانب من جوانب الحياة الشخصية والعائلية والمهنية لمستخدميها، خصوصاً مع التطور والإنتشار الواسع الذي شهده قطاع الإتصالات في الفترة الأخيرة.تنتشر برامج الدردشة على جميع الهواتف، وتستخدم للتواصل بين الأشخاص كبديل عن الإتصالات الهاتفية. ولعلّ أبرز ما ساهم في زيادة إستخدام برامج الدردشة، هو مجانية هذه البرامج وتعدّد إستخداماتها، إذ إنها تسمح بإرسال النصوص والصور والتسجيلات الصوتية والتعابير الرسومية بسهولة تامة.
وحتى الآن يبدو كلّ شيء طبيعياً ومنطقياً، لكن إذا نظرنا للأمر من الجهة المعاكسة، نجد أنّ هذه البرامج أصبحت تشكّل عائقاً كبيراً للتواصل الفعلي والحقيقي بين المراهقين، حتى بين أفراد الأسرة الواحدة. وكلّ ذلك يندرج تحت أعراض إدمان الهاتف الذكي التي تتظهّر في عدم قدرة المراهق على الاستغناء عن جهازه أبداً، والشعور بالقلق وعدم الأمان عندما لا يحمله معه.
الدمج السليم
تمثّل عادات الدردشة الإلكترونية نوعاً من الحوار المختلف بين الأشخاص على رغم أنها في بعض الأحيان تتخطى القوانين والأعراف، وتتنافى مع التقاليد والعادات الإجتماعية، وقد تبدو مضيعة للوقت في كثير من الأحيان.
فمَن منا لم يلاحظ عند دخوله مطعماً أو عند قيادة سيارته أو خلال زيارة صديق أو تواجده في الأماكن العامة وأيّ مكان آخر، إنشغال معظم المراهقين بهواتفهم لمتابعة مواقع التواصل الإجتماعي أو للدردشة، غير مكترثين أنّ ذلك لا يُعتبر سلوكاً سليماً ولائقاً على الإطلاق.
وهذا الأمر أصبح يندرج تحت عنوان سوء إستخدام التكنولوجيا. فتخيّل أنك ذهبت برفقة أحد ما، وإذ به يمضي وقته ممسكاً بهاتفه ولا يركز على ما تقوله. وهذه الظاهرة ليست غريبة، وهي منتشرة لدى المراهقين بشكل هستيري، مع الإشارة الى أنّ هؤلاء سيشكلون نواة المجتمع في المستقبل.
وعلى الرغم من إعتراف كثير من المراهقين أنه حان الوقت ربما للحصول على نظام رقمي صحّي وسليم، لا يفصلك عن العالم ولا يجعلك مدمناً للتكنولوجيا يتمّ عبر جدولة وتقليل فترة إستخدام الهاتف الذكي وإعطاء وقت أكثر للجلوس والتحدث مع العائلة والأصدقاء، إلّا أنّ الغالبية الساحقة منهم لا تقوم بذلك كون هذا الأمر يتطلب جهداً وإرادة كبيرين.
لذلك من المهم على المعنيين من أهل ومدارس ووسائل إعلامية توعية المراهقين على طريقة الإستخدام الصحيحة لتطبيقات الدردشة ومواقع التواصل الإجتماعي للحفاظ على الترابط بين الأشخاص والحفاظ نوعاً ما على تقاليد المجتمع اللبناني.
لأنّ أفضل طريقة تبقى في الدمج بشكل سليم بين التكنولوجيا والعلاقات الإجتماعية والتقاليد، وإعطاء كلّ واحدة حقها ووقتها، كي لا تسبقنا التكنولوجيا من جهة، ونخسر أصدقاءنا وأحبّاءنا من جهة أخرى.
شادي عواد
الجمهورية