باتت طائرات الاحتلال تهدّد كل صحافي في غزة! كل مَن ينقل حقيقة المشهد وواقع جرائم الاحتلال هو هدف إسرائيلي، لا تحميه الدروع التي يضعها على جسده ولا حتى الشريط الفسفوري على سيارته. كانت الأيام الأولى من العدوان شاهدةً على استهداف الصحافيين بعدما ضربت طائرات الاحتلال سيارة تابعة لوكالة «ميديا 24» من غزة، وراح ضحيتها حامد شهاب، لتبدأ شرارة الاستهداف التي رمت إلى إيصال رسالة لكلّ الصحافيين بأنّهم مهددون!
الصحافيون في غزة موجودون في قلب الحدث على مدار الساعة، تنقلهم سيارات تحمل شريطاً فسفورياً كُتب عليه press. لكن من الواضح أنّ الاحتلال كان ينوي استهداف الصحافيين بشكل مباشر مع بداية العدوان، فكثير من الصحافيين الأجانب الذي دخلوا «معبر بيت حانون» (معبر ايرز) الحدودي بين غزة وكيان الاحتلال، جرى تحذيرهم بعدم دخول القطاع. جبرييل من الذين يعملون في صحيفة اسبانية، دخل غزة في ثالث أيام العدوان، وما زال يتنقّل بين المستشفيات وأماكن الحدث. لكن قبل ذلك، حذّرته عناصر الاحتلال عند «معبر ايرز» من الوجود في غزة. يقول جبرييل لـ«الأخبار»: «خلال تغطيتي أحداث العراق والسودان وسوريا، لم تحذّرني أي جهة من أنّ وجودي خطر عليّ، ما يعني أنّ لديهم خططاً تقضي باستهداف الفئات العاملة في غزة بمن فيهم الصحافيون». أما تومس هينز الذي يعمل في تلفزيون كندي، فدخل هو وزميله المصوّر إلى القطاع، بعدما وقّع على ورقة داخل «معبر ايرز» بأنهما يتحمّلان مسؤولية نفسيهما. ويؤكد هو أيضاً أنّه لم يتلقَّ تحذيراً مماثلاً خلال تغطياته السابقة في أي بلد عربي أو أجنبي يعاني من أزمات تتطلب تغطية اعلامية دولية.
في السياق نفسه، استهدفت طائرات الاحتلال الوكالات الإعلامية التابعة لـ«حماس»، فقصفت مقري فضائية «الأقصى» وإذاعة «الأقصى» في غزة.
جاء ذلك بعدما نشرت قناة «الأقصى» فيديوهات توثق الجرائم الإسرائيلية، وإنجازات المقاومة ورسائل التهديد التي توجهها إلى دولة الاحتلال، وكان الاسرائيليون يتابعونها من خلال ترجمة الرسائل بالعبرية عبر القناة. لم يقتصر الأمر على قصف مقار «حماس»، بل استهدفت الطائرات مقار إعلامية تابعة للأحزاب اليسارية مثل إذاعة «وطن» التابعة لـ«حزب الجبهة الديمقراطية»، وإذاعة «صوت الشعب» التابعة للجبهة الشعبية.
نتيجة ذلك، أصدرت نقابة الصحافيين الفلسطينيين بياناً أكّدت فيه أنّه رغم أن الصحافيين يضعون شارات تميزهم، إلا أنّهم يقصفون. ما يعتبر انتهاكاً ممنهجاً لقواعد القانون الدولي الإنساني ومعايير حقوق الإنسان التي أعطت «لكل شخص حق التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها للآخرين بأي وسيلة دونما اعتبار للحدود وحقه في الوصول الى المعلومات».
وقد شهد العدوان الصهيوني على غزة تصعيداً في انتهاكات الاحتلال ضد الصحافيين والمؤسسات الإعلامية ومنازل الصحافيين. وبلغت الانتهاكات 33 بينها سقوط 4 شهداء على الأقل، وتفجير 7 سيارات وقصف 5 منازل تابعة لصحافيين، وقصف 8 مقار إعلامية، ووقوع 13 إصابة في الطاقم الإعلامي.
أمجد ياغي / الأخبار