القى رئيس اساقفة ابرشية زحلة المارونية المطران منصور حبيقة كلمة لمناسبة وجود ذخائر القديسة رفقا في الكاتدرائية، وقال: “الألم هو الحالة التي لا ينجو منها انسان، والتي يخشاها كل انسان. قبل الوقوع فيها وبعد الوقوع فيها وغالبا ما يثور عليها ويتهم بها الله ويقول لماذا ابتليتني يا رب، اما كان من الأفضل ان تعفو عني لظنه ان الله يتسبب بالألم ويفعله، هذا الاعتبار غير صحيح، الله لا يفعل الا الخير والألم من صنع الطبيعة، تذكروا ما يقوله المزمور الانسان كالثوب يبلى، الثوب عندما صنعه صانعه لم يصنعه لكي يدوم الى الأبد، الثوب له عمر ثم يبلى، وكذلك الانسان يشيخ ويبلى بفعل شيخوخة خلاياه الحية وتقصيرها عن القيام بدورها. هذا التقصير يحدث في اخر العمر، ويمكن ان يحدث في اوقات مختلفة من العمر، ولكنه شأن مرتبط بطبيعة الانسان، فغير صحيح وغير حق ان نتهم به الله، لان الله لا يفعل الشر بل يفعل دائما الخير”.
وسأل: “ماذا يفعل لنا الله تجاه الألم، يتركنا واياه وحدنا في ضعفنا؟ هذا غير صحيح. الله حاضر معنا في آلامنا ولا يتركنا وحدنا في ضعفنا بل يجعل منها سبيلا لخلاصنا ليستخرج من الشر خيرا. الألم سنة في الحياة سنة مؤذية، ولكن المسيح جعل منها امرا صالحا للخلاص. بالألم ننال الخلاص. الذين يتألمون مع المسيح ويحملون صليبه ويموتون عليه يقومون معه ايضا. وربما بوسعنا ان نقول ان المسيح قبل الخلاص عن طريق الآلام لأن الانسان يتألم. لو كان الانسان لا يتألم وليس بحاجة لمن يعطي معنى لآلامه ربما ما كان تألم المسيح ربما كان خلصنا دون ألم. حمل آلامنا، اتخذها على عاتقه وتألمها، اختبرها الى اقصى حد لكي يقول لنا ليست عبثا. انها تقود الى الخلاص عبر هذه الآلام، انا اخلص الانسان واجدد الخلق وعبرها تنالون انتم خلاصكم فهي ليست عبثية”.
وتابع: “رفقا هي الراهبة التي فهمت كل هذه الأمور قدستها آلامها. أصيبت بالعمى في منتصف العمر، ثم بشلل عام لم يترك مكانا في جسدها في منأى عن الأوجاع. فتحملت ذلك بصبر وقبول وتسليم لارادة الله على ان ذلك جزء من صليب المسيح. وعلى ان الصليب طريق الخلاص لمن رضي به ويحمله لهذا المعنى، وهو طريق الهلاك لمن تنكر له وتجدف على الله بسببه. فالذي يحمل الصليب وراء يسوع ويتبعه الى الجلجلة ويموت معه ويقوم معه من الموت تكون له الحياة الأبدية. ان صليبنا يتقدس بيسوع المتألم عندما نشترك بآلامه. عندما قال لتلاميذه: من أراد ان يتبعني فليحمل صليبه ويتبعني؟
ان الانسان العاقل متى عرف ان كلمة الله صار انسانا وتألم ومات على الصليب لأجله، لا يستطيع الا ان يقبل الألم ويحب الصليب ويحمله بفرح للتألم معه، سواء كان يعيش في العالم او منقطعا كليا عن العالم مثل النساك والحبساء. اما الانسان الذي هجر العالم للاقتداء بالمسيح متجردا من مال الدنيا وجاهها، ومن ميول الجسد ومن حريته الشخصية وتقيد باختياره بالنذور الرهبانية، فان الله يفيض على عقله وقلبه نعمه الالهية ويضرم قلبه بنار محبة يسوع، فلا يعود يهنأ له عيش الا كلما رأى نفسه قريبا من يسوع شبيها به، يعيش معه صليبه، متألما آلامه سعيدا بأوجاعه مائتا عن الدنيا مع يسوع حبا به. والغير المكرسين الذين يعيشون في هذا العالم شبانا وشابات وآباء وامهات، هؤلاء ايضا حياتهم ملأى بالامتحان من اولها الى آخرها، ودعوة القديسة رفقا لهم تقول ما يلي: اقبلوا آلامكم وعيشوها وتمثلوا بالمسيح وبقديسيه، لم تقل تمثلوا بي، نحن نقول تمثلوا بها، ونقول ايضا تمثلوا بالقديسة تيريزيا الطفل يسوع التي كانت تناجي يسوع بروح البنوة وتقول له يا رب ابعث لي آلاما ارسل لي آلاما، لا تستضعفني، انا لست ضعيفة، انا استطيع تحمل الألم، لا اخشاه، ارسل لي مزيدا من الألم لأنه يساعدني على تحقيق خلاصي”.
ودعا الى مواجهة هذه الحياة بشجاعة وايمان وحكمة. وقال: “تتجنبون الألم الذي تستطيعون ان تتجنبوه وتتحملون منه ما لا تستطيعون ان تتجنبوه، وتقولون هذا سلم الخلاص فتتذكرون قول الرب يسوع ان الانسان يبلى كالثوب وحبة الحنطة اذا وقعت في الأرض وماتت تأتي بثمار كثيرة. لذلك نسأل الله قائلين: يا قديسة رفقا اشفعي بنا لدى معلمك الالهي، احصلي لنا على نعمة الشفاء من كل امراضنا الجسدية والروحية وعلى نعمة الصبر عليها اذا لم نشف منها وان نحملها بايمان كصليب يقودنا الى الحياة لا كقدر غاشم يقودنا الى الموت المعنوي والابدي”.
وطنية