فيما كنت أتهيأ للعيد حضر لي قول الله: “ما الإنسان حتى تذكره أو ابن الإنسان حتى تفتقده”… أمام حيرة الإنسان يقول الله عنا: “سأنزل اليهم وأسكن فيهم وأكون لهم إلهًا ويكونون لي شعبًا”. أصحاب اللاهوت يقولون: “الله قائم في ذاته”. هذا قول فلسفي، من العقل اليوناني. أما العقل العبري فلا يقول هذا. يقول “أكون” بمعنى سأكون لهم إلها. أي انه ليس قائماً ضمن ذاته إلا للفلاسفة ولكن لنا نحن المساكين هو قائم من أجلنا وقائم معنا ومعروف بنا لأن كلامه عن نفسه انما بلّغه (باللام المشددة) الناس بنا.
عندما سأل موسى الله ما اسمك ما أجابه باسم. قال له: “سأكون ما سأكونه”. ليس في العبرية فعل الذات to be أو être الذي يدل على سكون. عرف الله عن نفسه بالصيرورة، في الآتي. سأكون أي ستعرفونني بعملي أو بحبي. ليس عند الله تحديد فلسفي. لنفسه هو يصور لنا نفسه في الكينونة، في الفعل، في الحب، معرقلون الفلاسفة اذا تكلموا عن الله. يأبون ان يقولوا إنه يصير. يخشون تغيره. ولكن أليس الله يصير من أجلي بمعنى انه يتجلى لي جديداً لأحيا بهذه الجدة؟ لماذا تنفي عن الله جدته؟ أليس لأنك تخشى تغيره؟ تجسد إلهنا فهو ليس إله ارسطو. لماذا نتصور الله ثابتًا أي جامدًا. أليست كينونته حركة؟ انه إله يسوع المسيح فيما كان يتقلب في آلامه. يجيء إليك يسوع من آلامه ويقوم عندك أو فيك من بين الأموات. ليس عند المسيح حوادث خارجة عن إحساسك بها.
الله فيك أو لست تعرفه إلّاّ نظريا. أهمية الإله المسيحي انه سكن بين الناس وباليونانية نقول سكن في الناس. إن لم تحس ان الله فيك يبقى إلهًا يهوديًا. أظن ان خصوصية المسيحية قولها في إنجيل يوحنا ما أعربه انه صار جسداً وسكن فينا ويقول في الأصل اليوناني انه سكن في حينا.
العيد هو لك والمسيح فيك أو ليس لك من عيد. العيد اذا عرفته في التقويم فقط ليس بعيد. المسيح يريد ان يصبح فيك هو العيد أي ان تصير له.
ليس العيد تذكراً ذهنياً لحادثة للرب مَضت. هو التماس لحضور الله فيك وللجماعة. هو ان تطلب إلى الرب نقل العيد إليك بحيث تتجلى كما تجلى هو. أي كما ظهر إليك إلها في الجسد ليجعلك الآن من نور السماء. وكل عيد لك استدعاء مجده الإلهي عليك بحيث تتعالى عن ترابيتك وتجلب عليها ضياء السماء فتصبح أنت بصورة عجيبة قامة من نور. إن لم تصر أنت بالإيمان والتوبة مضيئاً بالمسيح تبقى مخلوقاً لا يقرأك الله. وإما إن تحولت إليه بالعيد يراك له، بعضاً من نوره ويفرح.
إذذاك يتم لك العيد.
النهار