في إطار الأسبوع الأخير من الجمعية العامة العادية الخامسة عشرة لسينودس الأساقفة، التقى البابا فرنسيس في معهد أغوسطينيانوم في روما شبابًا ومسنين من دول عديدة، وتزامن اللقاء مع صدور كتاب للأب اليسوعي أنطونيو سبادارو بعنوان “حكمة الزمن. في حوار مع البابا فرنسيس حول مسائل الحياة الكبرى”. ويضم الكتاب مائتين وخمسين مقابلة مع مسنّين تم إجراؤها في أكثر من ثلاثين بلدًا.
أحتفظ بذكرى جميلة جدًا. عندما زرت الفيليبين كان الناس ينادونني “الجدّ فرنسيس”. كنت سعيدًا حقًا لأنهم شعروا بقربي منهم كجدّ: هذا ما كتبه البابا فرنسيس في مستهل مقدمة كتاب “حكمة الزمن” لافتًا إلى أن مجتمعنا حرم الأجداد من صوتهم ومن فسحة وفرصة أن يخبروننا خبراتهم وقصصهم وحياتهم. لقد وضعناهم جانبًا وفقدنا خير حكمتهم. وتابع البابا فرنسيس مشددًا على ضرورة إيقاظ حس الامتنان والتقدير والضيافة القادر على أن يجعل الشخص المسنّ يشعر بأنه جزء حيّ من جماعته. وأشار إلى أنه من خلال وضع الأجداد جانبًا، نُبعد إمكانية الدخول في علاقة مع السر الذي أتاح لهم المضي إلى الأمام. وهكذا تنقصنا الأمثلة والشهادات المعاشة.
أشار البابا فرنسيس إلى التشجيع الذي يستطيع المسنّ إيصاله إلى شاب يبحث عن معنى الحياة. هذه هي رسالة الأجداد، قال الأب الأقدس، دعوة حقيقية، متوقفًا عند ما جاء في سفر يشوع بن سيراخ (8، 9) “لا تَحِد عن كلام الشيوخ فهم أيضًا تعلّموا من آبائهم ومنهم تتعلَّمُ الفطنة وأن ترُدَّ الجوابَ في الوقتِ الملائم”. وأضاف البابا فرنسيس يقول إن المسنين هم مخزون الحكمة في مجتمعنا.
أشار الأب الأقدس إلى أن كلمات الأجداد هي مميزة بالنسبة للشباب، وأضاف أن الإيمان أيضًا ينُقل من خلال شهادة المسنين، وقال إنه لا يزال يحتفظ بالكلمات التي كتبتها جدّته وسلّمته إياها يوم سيامته الكهنوتية. وتابع مشيرًا إلى أنه يحمل فكرة في قلبه منذ فترة، وهي أن يكون هناك عهد بين الشباب والمسنين، وسلط الضوء على ما جاء في سفر يوئيل (3، 1) “أُفيضُ روحي على كلِّ بشر فيتنبَّأ بنوكم وبناتُكم ويحلُمُ شيوخُكم أحلامًا ويرى شبَّانُكم رؤى”. وأضاف البابا فرنسيس أنه إذا أردنا “رؤى” للمستقبل، فعلينا أن ندع أجدادنا يحدثوننا ويتقاسمون أحلامهم. نحتاج إلى أجداد يحلمون، قال الأب الأقدس، مشيرًا إلى أن الشباب اليوم يحتاجون إلى أحلام المسنين ليكون لديهم رجاء وليكون لديهم غد. وبالتالي، فإن المسنين والشباب يسيرون معا ويحتاجون لبعضهم البعض.
أشار البابا فرنسيس إلى أنه بدون أحلام المسنين ليس لمشاريع الشباب جذور ولا حكمة، اليوم أكثر من أي وقت مضى، حين يسبّب المستقبل القلق والخوف. وتابع داعيًا المسنين إلى التحلي بالشجاعة لمواجهة “ثقافة الإقصاء” التي تُفرض علينا على صعيد عالمي. وأشار إلى أنه عندما نصبح مسنين نختبر نواقص مجتمع مبرمج بحسب معيار الفعالية. وأضاف نحن المسنين نستطيع أن نعطي الكرامة للذاكرة ولتضحيات الماضي. نستطيع أن نذكّر شباب اليوم بأن حياة بلا محبة هي حياة قاحلة. نستطيع أن نقول للشباب الخائفين أن القلق إزاء المستقبل يمكن التغلب عليه، ونستطيع أن نعلّم الشباب الذين يحبّون أنفسهم أن السعادة في العطاء أكثر منها في الأخذ، وأن المحبة لا تظهر فقط في الكلمات، بل في الأفعال. وأضاف أنه يدعو الشباب إلى أن يصغوا إلى المسنين ويكونوا قريبين منهم. وفي الختام، قال البابا فرنسيس إنه يقدم هذا الكتاب إلى الشباب لكي يستمدوا من أحلام المسنين رؤاهم لمستقبل أفضل، وأشار إلى أنه للسير نحو المستقبل هناك حاجة إلى الماضي، إلى الجذور العميقة التي تساعد على عيش الحاضر وتحدياته. وختم متمنيًا عالمًا يعيش عناقًا جديدًا بين الشباب والمسنين.
فاتيكان نيوز