يُقال أن الصقر يعيش سبعين عاماً ولكن ليصل الى هذا العمر يجب عليه اتخاذ قراراً على جانب كبير من الصعوبة.
فحين يصل الى سن الاربعين تفقد اظافره قدرتها فيصبح من الصعب الإمساك بالفريسة وبالتالي يتأثر غذائه. ثم في نفس هذه المرحلة يزداد منقاره ، المعقوف القوي والحاد، إنحناءً… و بسبب تقدمه في العمر تصبح اجنحته ثقيلة بسبب ثقل وزن ريشها وتلتصق بصدره ليصير الطيران مهمة أصعب!!
و في ظل هذه الظروف يبقى أمام الصقر، خياران :
اما ان يستسلم للموت أو يقوم بعملية تغيير مؤلمة جداً لمدة مئة وخمسين يوماً.
وإذا قرر للحياة: يقوم الصقر بالتحليق الى قمة جبلٍ عال و يمعن بضرب منقاره بشدة على الصخر حتى ينكسر، وعندما يبدأ منقاره الجديد بالنمو يقوم بكسر مخالبه حتى تنمو من جديد ، بعدها يقوم بنتف ريشه كله…
وفي ختام هذه المعاناة بخمسة اشهر، يقوم الصقر بالتحليق في السماء وكأنه ولد من جديد وتكون مكافأته العيش لمدة ثلاثين سنة أخرى!!!
إنها حكمة الرب في خلقه!!! ومنها علّنا نتعلم:
انه وجوب الخيار المؤلم الذي لا بد منه إذا أردنا ملء الحياة. وفي منطق الإنجيل، نجد في الصليب جسر للحياة و من دونه الممات!!!
هي حكمة الرب : جهالة في نظر العالم و لكن في طيّاتها قوة الله.
و الأمور لا تقف هنا!! “إن نيري هيِّن وحِملي خفيف” يقول الرب ( متى 30:11) : فما دام الصليب هو شركة معه يتحوّل عقم آلامنا الى خصب فيه عذوبة تعزية المكافأة القادمة، معه يتبدل وجه الموت إلى حياة والصلب إلى قيامة!! فكم يسهل احتمال الضيقات الزمنيّة التي ستتحوّل أفراح أبدية!! بهذا يصير النير هيّنًا، لأنه نير المسيح، والحمل خفيفًا لأنه حمله هو…
هو : مصدر القوة الحقيقية ،على ما يقول المزمور “قوتي وتسبحتي هو الرب، وقد صار لي خلاصًا” (مز 14:118)
و إذا عدنا لقصة صديقنا الصقر : نرى أن سر قوته الحقيقية تكمن في داخل قراره لصالح إرادة الحياة التي زرعها فيه الرب الخالق… و قد إستجاب فعلاً لحكمة الرب التي تبدو جهالة مرحلية ، فكان أن نال ملء عمره!!
ونحن… هل نترك الطائر يزيدنا حكمة ؟؟؟
بقلم أنطوانيت نمور / زينيت