افتتح مؤتمر “الوجود المسيحي في لبنان والشرق الاوسط” في العاصمة البلجيكية بروكسل، بدعوة من رئيس “حركة الارض” في اوروبا ريمون مكاري، بمشاركة الوزير البلجيكي اندريه فلاهو، السفير اللبناني في بروكسيل فادي الحاج علي، النائب أمل ابو زيد، رئيس ومؤسس حركة الارض طلال الدويهي، الاباتي مارون ابو جودة، رئيس مؤسسة “لابورا” الأب طوني خضره وعدد من اللبنانيين في بلجيكا ولبنان.
أدار المؤتمر منسق أوروبا في الحركة ريمون المكاري، تحدث الأباتي مارون ابو جودة الانطوني، عن هيمنة الحركات الاصولية والإسلامية على المنطقة مما حتم هجرة ملحوظة لمسيحيي الشرق، واعطى تصورا لكيفية معالجة الحلول مرتكزا على ما صدر عن الفاتيكان بضرورة التعايش بين المسيحيين والمسلمين في الشرق وتثبيت هؤلاء في ارضهم.
وتحدث مؤسس ورئيس جمعية “لابورا” الاب طوني خضره عن الدعم الذي تقدمه “لابورا” للمسيحيين وخاصة الشباب منهم وكذلك الهدف من وجودها الذي يرتكز على معادلة من ثلاث ركائز الكرِم والعلِم والفكر، شارحاً انّ “الكرم يمثل ضرورة المحافظة على الأرض وعلى كل مغترب أن يشتري قطعة أرض مهددة بالبيع، والعلم هو ضرورة الحفاظ على حضارتنا وثقافتنا وعلى كل مغترب أن يساهم بتعليم ولد، أمّا الحلم فهو من حق كل إنسان أن يحلم ، والحلم أن نبقى في لبنان ونجد فرصة عمل”.
مؤكّداً أنّ “حلم لابورا هو تحقق الحلم ما بين المدرسة والوظيفة لكي تثبت الإنسان في أرضه، وتخدمه بدخول الوظيفة العامّة والخاصّة ليبقى في الوطن”، قائلاً: “لنا الحق أن نبقى في بلدنا، إنها حاجة انسانية ووجودية وثقافية، ولنا الحق أن نحافظ عليه وعلى وجهه المسيحي ليكون لنا وجود”.
وعرّف خضره عن جمعية “لابورا” “التي تعمل على الحدّ من هجرة المسيحيين وعلى تثبيتهم في أرض الوطن، والحفاظ على التوازن داخل مؤسسات الدولة وفقا ً لمقتضيات الوفاق الوطني بموجب الدستور والميثاق الوطني، كي يبقى الحضور المسيحي فاعلاً ومؤثراً في كامل الجسم اللبناني الغني في تنوّع مكوناته ولكي تكون الدولة في خدمة جميع أبنائها”. عارضاً “نطاق الخدمات التي تقدمها “لابورا”: التوجيه، الاعداد والتدريب، التوظيف، الشكاوى والمراجعات، الإرشاد والاستفادة، قسم المشاريع الإنمائية.
وأشار خضره في كلمته إلى أنّه “بلغ عدد المتقدّمين الى الدولة سنة 1990، 48 مسيحيا و52 مسلماً، وأصبح العدد سنة 2007، 13 مسيحيا و87 مسلما”، واعتبر أن هناك “ضرورة وجود خطّة واضحة للعب دور في الوطن”، لافتاً إلى أنّ “البطالة بشكل عام في لبنان تعدّت اليوم الـ30 %، وفي أوساط الشباب تعدّت 60 %”.
عرض الأب خضره لإنجازات لابورا حتى آخر كانون الأول 2017: “بلغت لقاءات التوجيه 90567، وتمّ توظيف 4340 شخص في القطاع الخاص، وأعّدت الجمعية 35 دورة تدريبية،
بلغ عدد المتدربين لوظائف القطاع العام 10698 شخص، أمّا عدد الناجحون المتوظفون من خلال الجمعية 8036 شخص، وبلغ عدد المستفدين من الجمعية (جمعيات وأفراد)412 شخص”.
كما تطرّق السفير اللبناني في بلجيكا فادي الحاج علي ، في كلمته عن الدستور اللبناني الذي يحفظ حريات التعبير والمعتقدات، مشدّداً على ان رغم تعددية الطوائف وصغر مساحة البلد، وحده لبنان من بين الدول المحيطة استطاع ان يواجه الاٍرهاب ويهزمه. لافتاً الى ان اللبنانيين في بلجيكا متضافرو الجهود ويتعاطون بموضوعية تامة في معالجة الملفات المتعلقة في بلدهم.
واثنى وزير المال البلجيكي اندريه فلاهو، الذي دعي للمشاركة في المؤتمر، على التجربة اللبنانية في اطلاق الحوار بين الأطراف لما في ذلك من اهمية في حلّ معظم المشاكل، مشدّداً على اهمية تعاطي اللبنانيين في مواجهة الصراعات في ظل تدفق اللاجئين السوريين.
ورأى الاستاذ الجامعي في معهد ليل الاهوت الكاثوليكية Christian Cannuyer ، أنّه رغم تضاؤل عدد المسيحيين في لبنان، الا ان هذه الشريحة استطاعت ان تعيد بناء ما تدمّر خلال الحرب اللبنانية.
وكذلك عرض رئيس حركة الارض اللبنانية السيد طلال الدويهي، أسباب الخلل الديمغرافي في لبنان وأهمها بيع الاراضي، لافتاً إلى ان المسيحيين هم ضحية العنف والتوترات والسياسة والتدهور الاقتصادي وتنامي الاصولية الداعية والتطرّف.
وفي نهاية المؤتمر كانت اسئلة من الحضور للمحاضرين، كما قدم الدويهي درعا تكريميا للسيد مكاري شاكرا له جهوده في سبيل العمل على تثبيت المسيحيين في لبنان والشرق.
وترأس راعي ابرشية فرنسا المارونية والقاصد الرسولي لقارة أوروبا المطران مارون ناصر الجميل القداس الألهي في مدينة بروكسيل بمناسبة عيد القديس مارون، بمشاركة الاباتي مارون ابو جودة الأنطوني والأب طوني خضره رئيس مؤسسة “لابورا” وكاهن الرعية الاب بول ابو نعوم وبحضور سفير الفاتيكان للاتحاد الأوروبي le Beau Pain وكهنة من الكنيسة اللاتينية والمارونية. وحضر القداس دبلوماسييون وسياسيون وممثلو الأحزاب اللبنانية وأبناء الجالية اللبنانية واصدقاء من طوائف ومذاهب اخرى.
وتحدث المطران الجميل في عظته عن القديس مارون الذي حصل على نعمة خاصة من الله الا وهي نعمة الشفاء الجسدية والروحية بدواء واحد : الصلاة . هو الرسول الذي اختار الاستحباس والصمت والصلاة عن التكلم. ورحّب المطران الجميل بالأب خضره، وأثنى على جهوده وجهود مؤسسة لابورا، معتبراً انّها “تعمل بتضحية وقوّة لتثبيت المسيحيين في ارضهم والبقاء أقوياء، وحثهم على لعب دورهم الوطني الفعّال في لبنان”، مقدّماً الشكر باسمه وباسم الحاضرين للأب خضره ولكل العاملين في المؤسسة”.
وفي ختام الذبيحة الإلهية شكر السفير البابوي le beau pain دعوة الرعية لمشاركة الجالية اللبنانية للاحتفال بعيد شفيعها.