كلمة الأب طوني خضره رئيس أوسيب لبنان في افتتاح المعرض المسيحي الرابع عشر
دير مار الياس، أنطلياس – 26 تشرين الثاني 2015
أيها السيدات والسادة،
تحية لكم جميعاً !
العالم خائف، الكلّ يفتش عن إبرة داخل كومة كبيرة من القش!. نعم حولنا وفي العالم مؤتمرات ولقاءات دولية تعقد هنا وهناك، واقتراحات حلول، ويبقى عالمنا مضطرب وخائف. إن سفك الدماء والبربرية والعمليات الحربية التي تقع. كلها ظواهر لحقيقة واحدة تتلخص في عدم قبول الآخر والتنوع ! .
وبذلك أعتقد بإننا دخلنا مرحلة جديدة من التاريخ اليوم ، وقد يكون الآتي أعظم بكثير. حينها لا أزيز الطائرات الحربية سيفيد، ولا السلاح المتطوّر سيحمي، وبما ان الحروب تبدأ في الضمائر والعقول ، لن يكون الحلّ إلاّ بالمقاومة الفكرية والثقافية، وبتربية الأجيال على سلّم من القيم الانسانية الاساسية التي في طليعتها الحرية والعدالة والمعرفة العلمية وقبول الاخر على الرغم من كل الاختلافات.
لذلك نحن “أوسيب- لبنان” المنضوي في إتحاد أورا الذي يضم إلى أوسيب- لبنان ،لابورا،نبض الشباب وأصدقاء الجامعة اللبنانية منظم هذا المعرض السنوي بسنته الرابعة عشرة، وعلى الرغم من كل المصاعب والظروف المعاكسة ، يصرّ على استمرارية هذا الحدث ، مع كل ما يتضمنه من النشاطات الفكرية والفنية والثقافية ، لإن الجواب الملائم على المعضلات المطروحة امامنا انما هو في إذكاء الوعي الإنساني لها في ضمير اجيالنا ، لا في الانعزال والانطواء على الذات .
نعم الحلّ في التربية الصحيحة في اطار العائلة والمدرسة والجامعة والساحة الاجتماعية والوطنية الواسعة . الحلّ في التربية على حقوق الانسان وعيشها في مختلف ساحات الحياة .الحلّ هو في أن يقبل الإنسان أخاه الإنسان، مهما تعددت الاديان والاعراق والثقافات . الحلّ هو في قبول الآخر والتنوع الفكري ، والتخاطب الثقافي ، وتطوير التواصل الإنساني.
هنا يكمن الدور الأساسي لمسحيي لبنان والمشرق ، لكي تتحقق شهادتهم الانجيلية الصحيحة ، من خلال ما يقدمونه من نماذج رائدة في الفكر المتنوّع والثقافة ، وخدمة المحبة والشراكة والسلام ، وممارسة الديقراطية الحقّة. فأين نحن اليوم مما نعانيه من أمور كثيرة عندنا ، وماذا فعلنا لكي نستحق هوية أبناء “لبنان الرسالة؟”
الخيار الوحيد والفاعل لنا اليوم هو التربية على التنوّع والسلام في مؤسساتنا ومعالجة أسباب النتائج التي نحصدها. كما يلاحظ أوسيب لبنان، بإن الإعلام الغربي الموّجه يقوم بتقوية النزاعات الطائفية والدينية ويستعمل الإعلام خاصة باللغة العربية لتزكية الخلافات والتفرقة بين الأديان والشعوب، وكأن المشكلة طائفية وعنصرية لا علاقة للغرب فيها، لذلك فإن الإعلام اللبناني والعربي عموماً والإعلام المسيحي خصوصاً في لبنان، عليه أن يسأل أيّ قيم يسوّق مقابل هذا الإعلام الغربي؟.
إن إعلامنا بحاجة إلى ثقافة وفكر منوّر، لا بل هو بحاجة إلى نهضة إعلامية نوعية تساهم في توعية أجيالنا، وإن المطلوب من الإعلام المسيحي بالتحديد دور رائد في صد هذه الأفكار والوقوف أمام كل المؤامرات الحاصلة حولنا وهذه هي المقاومة الحقيقية لما يحصل اليوم في كل العالم.
الحرب تربح بالإعلام أولاً، والكل يربح لأنه يعطي الاعلام حقه ولو بصورة مقلوبة ، ونحن نخسر لأن إعلامنا لا يحمل دائما قضية شعبنا.
في هذا الإطار الثقافي والفكري يتابع المعرض المسيحي نشاطاته للسنة الرابعة عشرة على التوالي، وجديده هذه السنة :
- إن البابا فرنسيس دعا منذ شهرين إلى تسهيل عمل المحاكم الروحية، وتقوم الكنيسة حالياً بورشة تغيير داخلية لقوانين المحاكم الروحية، لذلك ستعقد أول ندوة حول موضوع المحاكم الروحية : “توجيهات البابا فرنسيس الجديدة بخصوص دعاوى بطلان الزواج” .
- في 29 تشرين الثاني 2015، يصادف ذكرى مرور السنة الأولى على غياب الشاعر الكبير سعيد عقل لذلك ينظم أوسيب لبنان مهرجان شعري كبير لهذه الغاية.
- وكما تعلمون أيها الأحباء والزملاء إن لبنان يعاني اليوم مشكلة كبيرة بأعداد العاطلين عن العمل ومزاحمة اليد العاملة الأجنبية لذلك تنظم لابورا طاولة مستديرة تحت عنوان : “العلاقة بين التعليم والإختصاصات وسوق العمل”، كما سيتم خلال المعرض عقد مؤتمر صحافي لمرصد لابورا لفرص العمل، يتخلله عرض بالأرقام والإحصاءات عن واقع سوق العمل في لبنان وعدد المتخرجين سنوياً.
- كما يصادف سنة 2015 مرور مئة سنة على المجازر الأرمنية والسريانية، لذلك ينظم في المعرض 28تشرين الثاني 2015، يوم الأرمن للإحتفال بهذ الذكرى المأسوية حيث ينتهي الإحتفال بتطواف بالشموع من عامية أنطلياس إلى الشعلة الأرمنية الدائمة في بطريركية الأرمن الأرثوذكس في أنطلياس.
- وفي إطار إحتفالات منظمة الأمم المتحدة بمناسبة مرور 70 سنة على تأسيسها، يكرّم الإتحاد الكاثوليكي للصحافة (أوسيب لبنان) هذه المنظمة بشخص المسؤولين عنها في لبنان، وبهذه المناسبة يعوّل أوسيب لبنان على منظمة الأمم المتحدة أن تقوم بدور هام جداً في هذه الظرو العالمية الصعبة التي نعيشها.
- ضمن ضمن فعاليات المعرض المسيحي الرابع عشر 2015، الذي يقام في صالات كنيسة مار الياس أنطلياس، برعاية البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، ينظم الصالون الأول للفنون المرئية في لبنان معرضاً للفنون التشكيلية والمنحوتات والصور الفوتوغرافية والرسم بمشاركة 20 فنان وفنانة .
- كما تقوم جمعية نبض الشباب Groact بتنظيم مشاركة التعاونيات الزراعية هذه السنة في المعرض من خلال إنتاجهم وعملهم، كما تنظم لقاءً عاماً للأندية والتعاونيات والجمعيات بكافة أنواعها لإطلاعهم على برنامج المساعدات في الإدارات المعنية.
قرارنا دائماً الحياة والإستمرارية لإننا أبناء القيامة، قرارنا دائماً التفاعل والمثابرة لإن من يصبر الى المنتهى يخلص ويخلّص. الخوف انساني نفهم، ولكنه غير مبرّر إيمانياً، فلنخرج من خوفنا وعزلتنا وبيوتنا الى ساحات الحوار والثقافة والفكر البنّاء لندافع عن قيمنا ووجودنا. ففي الخروج الرسالي رسالة وفي الإنزواء موت وإحباط للعالم. وإذا كان خلفاء الرسل وابناء القيامة. يخافون، ولا يذهبون ليبشروا الأمم المنتظرة التبشير، فمن سيفعل؟
نعم فلنعد رواد حضارة وأصحاب خيارات بناءة، واليوم التحديّات كثيرة أمامنا، والآمال معقودة علينا والعالم ينتظر منا الكثير. فهل نقابل كل ذلك بالانتقادات واللامبالاة والانقسامات والتفكير فقط بحلّ مشاكلنا الداخلية ؟
فلنكن رواداً في الديمقراطية وننتخب رئيس جمهوريتنا وباقي المسؤولين، فلنكن رواداً في أزمة النفايات بتنفيذ مشروع واحد مثالي في مناطقنا، فلنكن رواداً في حلّ أزمة الكهرباء، فلنكن رواداً في كل تحديّات اليوم.
وفي النهاية أتوجّه بالشكر بإسم أوسيب لبنان هيئة إدارية وأعضاء الى غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي على تفضلّه رعاية هذا المعرض، وكل الذين ساهموا في إنجاح المعرض وخاصة الرعاة: الراعي الرسمي للمعرض: الجامعة اللبنانية الدولية وشركةALFA – الجامعة العربية المفتوحة وشركة Mastergroup. ونشكر أيضاً المعلنين في دليل المعرض المسيحي وكل المؤسسات والشركات والأشخاص الذين يدعمون ويساندون اوسيب- لبنان. أشكر الفريق كله في اتحاد أورا وأباء دير مار الياس- أنطلياس ورهبني الأنطونية . والشكر لكل من ساعد في إنجاح هذا المعرض، من منظمين ومشاركين ومحاضرين وعارضين،مؤسسات وأفرادا. أخُصُ بالذكر وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية والالكترونية التي تقدم لنا كل الدعم. اشكر معكم الرب على كل نعمه والذي لولاه لا قوة ولا مال ولاسلطة على هذه الارض تجعلنا نقوم بما نقوم به حبا به وحده وخدمة لاخوتنا البشر. أشكركم على حضوركم ولنا معكم لقاءات في المعرض، حتى نعمل معاً على مفاهيم إنسانية وقيمية جديدة، مبنية على أسس سليمة وسلمية، من أجل غدٍ أفضل ومستقبلٍ واعدٍ مشرق، ومن أجل لبنان الحرية والتنوع والجمال وعيد وإستقلال مبارك لكل اللبنانيين.