لمناسبة الذكرى السنوية الخامسة والعشرين للتوقيع على الدستور الرسولي “وديعة الإيمان” من قبل البابا الراحل يوحنا بولس الثاني التقى البابا فرنسيس بالمشاركين في لقاء ينظمه المجلس البابوي لتعزيز الكرازة الجديدة بالإنجيل. ألقى البابا خطابا للمناسبة شدد فيه على ضرورة الحفاظ على إرث الإيمان والحقيقة الذي نلناه من الآباء، مع تسليط الضوء على أهمية الرسالة المسيحية سائرين في دروب الحاضر الجديدة بفرح ورحمة وهذه المسؤولية ملقاة على عاتق الكنيسة وشعب الله ككل. وقد تم التوقيع على هذا الدستور الرسولي بالتزامن مع صدور كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية برغبة من البابا الراحل كارول فويتيوا بهدف نمو فهم الإيمان وتعاليم الكنيسة ومساعدة رجال ونساء زماننا الحاضر على إيجاد أجوبة على تساؤلاتهم المتعلقة بالإيمان. واعتبر البابا فرنسيس أنه لا يكفي أن نبحث عن لغة حديثة لنقل الإيمان القديم إذ من الأهمية بمكان أن تتمكن الكنيسة الكاثوليكية من التعبير عن حداثة إنجيل المسيح أمام التحديات والآفاق الجديدة المطروحة اليوم أمام البشرية. وشدد البابا برغوليو في هذا السياق على أهمية أن توجّه المحبة اللامتناهية جوهر العقيدة والتعليم. هذا ثم تطرق البابا في خطابه المسهب إلى التقليد الكاثوليكي وقال إنه واقع حيّ، معتبرا أن الروح القدس ما يزال يحاكي الكنيسة ليساعدها على التقدم بحماسة وهذا الأمر يتطلب الإصغاء إليه. كما أن كلمة الله ـ ختم يقول ـ هي واقع ديناميكي، حي على الدوام، يتقدم وينمو لأنه يميل إلى إنجازات لا يستطيع البشر أن يوقفوها.
بعدها توقف البابا فرنسيس في خطابه عند مسألة عقوبة الإعدام، لافتا إلى “تقدّم العقيدة الكاثوليكية انطلاقا من آخر البابوات فضلا عن الإدراك المتغيّر للشعب المسيحي الذي يرفض القبول بعقوبة من هذا النوع تسيء بشكل خطير إلى الكرامة البشرية. وأكد البابا أن هذه العقوبة مرفوضة تماما، وقال بهذا الصدد: يجب أن نؤكد بقوة وحزم أن الحكم بالإعدام لهو إجراء غير إنساني يذلّ الكرامة البشرية بغض النظر عن الطريقة التي تُطبق فيها عقوبة الموت. وشدد على أن هذه العقوبة بحد ذاتها تتعارض مع الإنجيل لأنه يُتخذ قرار عن سابق تصور وتصميم بشأن قتل حياة بشرية كانت وتبقى مقدسة في أعين الخالق، والله وحده يمكنه التصرف بها.
وأكد البابا فرنسيس أن كل شخص يتمتع بكرامة بشرية لا يمكن المساس بها حتى القاتل، لأن الله هو أب ينتظر على الدوام عودة الابن الذي يعلم أنه أخطأ وينوي أن يبدأ من جديد ويعيش حياة جديدة. كما لا يمكن أن يُحرم أي شخص من الحق في أن يتوب عن فعلته وينخرط مجددا في المجتمع ليعود ذلك بالنفع على الجماعة بأسرها. وذكّر البابا بأنه في الماضي كان يلجأ الناس إلى هذا النوع من العقوبة نظرا لغياب النضج الاجتماعي من جهة وعدم توفر الأدوات اللازمة لضمان الأمن والحماية من جهة أخرى، وكان ذلك الأمر بمثابة نتيجة منطقية لتطبيق العدالة. واعترف البابا بأن هذا النوع من العقوبة كان مطبقا أيضا ضمن أراضي الدولة البابوية، وقد تم التغاضي عن مبدأ تقديم الرحمة في العدالة. وأكد فرنسيس أن الكنيسة تتحمل مسؤوليات الماضي وهي مدعوة أيضا اليوم إلى التأكيد على أهمية الدفاع عن كرامة الكائن البشري وإلا اشتركت في الذنب.
تجدر الإشارة هنا إلى أن البابا سبق أن تحدث عن عقوبة الإعدام في مناسبات أخرى وأكد أن تعليم الكنيسة الكاثوليكية، وانطلاقًا من الكتاب المقدس وخبرة شعب الله الطويلة، يدافع عن الحياة منذ الحبل بها وحتى موتها الطبيعي ويحترم كرامة الإنسان المخلوق على صورة الله، وأشار فرنسيس إلى أن الحياة البشرية مقدّسة لأنها ثمرة عمل خلق الله. وقال إن عقوبة الموت لم تعد مقبولة اليوم مهما كانت الجريمة المرتكبة خطيرة لأن عقوبة الإعدام تشكل جريمة ضدّ قدسيّة الحياة وكرامة الشخص البشري وتتعارض مع مخطط الله للإنسان والمجتمع ومع عدالته الرحيمة خصوصا وأن العدالة البشريّة ليست كاملة، وعدم الاعتراف بإمكانية الخطأ يمكن أن يحوّلها إلى مصدر ظلم.
إذاعة الفاتيكان
الرئيسية | أخبار الكنيسة | خطاب البابا أمام المشاركين في لقاء ينظمه في الفاتيكان المجلس البابوي لتعزيز الكرازة الجديدة بالإنجيل
الوسوم :خطاب البابا أمام المشاركين في لقاء ينظمه في الفاتيكان المجلس البابوي لتعزيز الكرازة الجديدة بالإنجيل