استقبل البابا فرنسيس في الفاتيكان الأساقفة المشاركين في الجمعية العامة الحادية والتسعين لهيئة “رواكو” المعنية بمساعدة الكنائس الشرقية والتي بدأت أعمالها في التاسع عشر من الشهر الجاري في المقر العام للرهبنة اليسوعية بروما. سلم البابا ضيوفه خطاباً استهله مرحبا بهم ومعربا عن سروره للقائهم في الفاتيكان لافتا إلى أن الجمعية العامة هذه السنة تتزامن مع الاحتفال بالذكرى السنوية الخمسين لتأسيس هذه الهيئة. وحيا فرنسيس رئيس مجمع الكنائس الشرقية الكاردينال ليوناردو ساندري وخص بالذكر أيضا السفراء البابويين في بلدان الشرق الأوسط الذين يرافقون يومياً آمال وتطلعات الجماعات المسيحية المحلية. وذكّر البابا بالاحتفال اليوبيلي في الكتاب المقدس، الذي كان يُحرر فيه العبيد ويعود أصحاب الأرض إلى أرضهم، وأشاد بالجهود التي تبذلها هذه الهيئة على صعيد أعمال المحبة والمساعدة والتضامن.
ولم تخلُ كلمات البابا فرنسيس من الإشارة إلى الشهادة القيمة التي قدمتها وتقدمها الكنائس الشرقية على الرغم من كل الصعوبات التي واجهتها، بدءا من الأنظمة التوتاليتارية في أوروبا الشرقية وصولا إلى انتشار أشكال متعددة من التطرف الديني والأصولية في منطقة الشرق الأوسط، التي تشهد نزاعات مسلحة لا تعرف وقفة. وحيا فرنسيس في هذا السياق التضامن الملموس الذي أظهرته هيئة رواكو حيال من يعانون جراء الحرب والتهجير فضلا عن النشاطات الرعوية والبرامج الإعانية والاجتماعية. ولفت إلى أن كل هذه الجهود تعكس وجه الكنيسة التي تعلن الإنجيل قولا وفعلاً، من خلال التعبير عن محبة الله تجاه كل إنسان مؤكدا أن سنة نعمة الرب تحمل دائماً بعداً من التحرر الداخلي في قلب كل إنسان الرازح تحت وطأة الخطية، فضلا عن التحرر الخارجي من خلال الحياة الجديدة التي يعيشها المخلصون متطلعين إلى سماوات جديدة وأرض جديدة تسكنها العدالة.
هذا ثم ذكّر البابا بأن الكنائس الكاثوليكية الشرقية تشكل شهادة حية على الأصول الرسولية، وبالتالي إنها مدعوة إلى إعادة اكتشاف حضورها النبوي في الأماكن التي تسير فيها كحاجة. وهذا يتم بدءا من أورشليم، المدينة المقدسة التي ينبغي الحفاظ على هويتها ودعوتها المميزتين بغض النظر عن التوترات والخلافات السياسية. وعبّر البابا عن أمله بأن يدرك المسيحيون المقيمون في الأرض المقدسة أهمية دعوتهم الخاصة وتمنى أيضا أن يتمكن أبناء وبنات الكنائس الكاثوليكية الشرقية من الحفاظ على طاقتهم النبوية ويقوموا بإعلان الإنجيل في البيئات التي تطغى عليها العلمنة لاسيما في الغرب حيث يأتون كمهاجرين أو لاجئين. وأمل أيضا أن يجد هؤلاء الضيافة المرجوة وسط المجتمعات الغربية ويتمكنوا من الحفاظ على تقاليدهم وتنميتها. ولفت البابا إلى أن هؤلاء المؤمنين يشهدون على أهمية العيش والتألم في سبيل الإنجيل، على الرغم من كونهم أقلية، خصوصا لأن الإنجيل هو فرح وحياة رجال ونساء كل زمان.
في ختام خطابه إلى الأساقفة المشاركين في الجمعية العامة الحادية والتسعين لهيئة “رواكو” المعنية بمساعدة الكنائس الشرقية جدد البابا شكره لضيوفه على نشاطهم الذي يساعد الجماعات المسيحية المقيمة في الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية على مواجهة التحديات والصعوبات المادية والروحية التي تعترضهم. هذا ثم عبّر البابا فرنسيس عن قربه من ضيوفه ومنحهم والجماعات المسيحية التي يمثلونها فيض بركاته الرسولية طالباً منهم أن يصلوا من أجله.
إذاعة الفاتيكان