ومن بين المشاركين في الأعمال رئيس مجلس أساقفة إيطاليا الكاردينال غوالتييرو باسيتي الذي ألقى مداخلة صباح اليوم الاثنين استهلها موجها تحية حارة إلى المنظّمين والمتطوعين وجميع الحاضرين. بعدها انتقل إلى الحديث عن الموضوع الذي تم اختياره لهذا العام ألا وهو “لا تُسلبوا من الأحلام، إنها المستقبل” وحث الشباب بنوع خاص على السير باتجاه الهدف الذي يُحدده الإرشاد الرسولي لما بعد السينودس للبابا فرنسيس “ال مسيح يحيا” وتوقف عند أهمية الرجاء والإيمان في حياة الإنسان المسيحي، لافتا إلى أن الخطاب الموجّه إلى الشباب يتركز غالباً على المثل العليا والمشاعر الطيبة وحسب ويفتقر أحيانا إلى النواحي العملية والملموسة من حياة الأجيال الفتية. وهذا الأمر يسطر ضرورة أن يعيش الشبان حياتهم بكامل أبعادها على أن يكون البعد الروحي في الجوهر، وهذا البعد لا يُلغي القدرة على الحلم أو الرغبة في مساعدة الآخرين.
وذكّر الكاردينال باسيتي في كلمته الشباب بامرأة تُدعى باولا بونزي، فارقت الحياة لأيام خلت، وقد تمكنت من تجسيد بعد الإيمان في حياتها إذ اعتنت بالنساء الحوامل ونجحت في إعادة البسمة إلى وجوههن وساهمت في ولادة العديد من الأطفال الذين واجهوا خطر أن يُجهضوا. وقال إنه يود أن يوجّه كلمة شكر إلى السيدة باولا على كل ما فعلته باسمه شخصياً وباسم الكنيسة الإيطالية بأسرها. بعدها عاد نيافته ليؤكد أن الجهوزية في مساعدة القريب لا تتعارض إطلاقاً مع القدرة على الحلم، بل على العكس إن هذين البعدَين مترابطان ببعضهما البعض ارتباطاً وثيقاً وتحرّكهما الرغبة في اتّباع الرب.
ولم يخف رئيس مجلس إيطاليا قلقه حيال الميل السائد في مجتمعاتنا المعاصرة المطبوعة بالبحث عن الملذات، وغالباً ما تقلّل من شأن الصداقات والعلاقات البشرية، وتحمل بالعديد من الشبان على عيش حياة فردانية لا تعرف تثمين قيمة العيش معا. وأكد نيافته أنه يتعين على الشبان اليوم أن يتخطوا هذا التحدي لأنه من خلال العيش معاً يستطيع الشاب أن يكون جزءاً من جسم حيّ: من عائلة أو جماعة كنسية أو مدرسة أو جمعية. ولفت الكاردينال باسيتي إلى أن للعلاقات ثلاثة أبعاد: العلاقة مع الجسد، ثم العلاقة مع الأشخاص الآخرين فالعلاقة مع ما هو متسامي ومع الكنيسة.
وفي سياق حديثه عن هذا البعد الثالث للعلاقات شدد نيافته على أهمية العلاقة مع الله ومع الإيمان والكنيسة في مجتمعات مطبوعة بالعلمنة مشيرا إلى أن العلاقة بين الشبان والكنيسة تتأثر بالأجواء الاجتماعية وهي علاقة معقدة بحد ذاتها تكون حميمة أحياناً وغير مستقرة أو قصيرة المدة أحياناً أخرى. وهنا تكمن أهمية تربية الأجيال الناشئة على الإيمان وقيمة الحياة وكيفية العيش ضمن جماعة. والكنيسة مدعوة بدورها إلى الخروج لملاقاة الشبان، وأضاف نيافته أن كلمات البابا بولس السادس ما تزال آنية في يومنا هذا، عندما قال إن الإنسان المعاصر يفضل الاستماع إلى الشهود عوضا عن المعلِّمين، وإذا استمع إلى المعلّمين يفعل ذلك لأنهم شهود أيضا.
في ختام خطابه أمام المشاركين في لقاء الصداقة بين الشعوب في ريميني حثّ رئيس مجلس أساقفة إيطاليا جميع الشبان على النهوض، والسير قدماً بشجاعة وفرح، مذكرا بأن الأحلام تبقى ركيزة لمستقبل يُبنى بشجاعة وبقوة الروح القدس.
أخبار الفاتيكان