كيف يمكن أن تكتشف الأم كذب ابنها؟
الأم تستطيع ان تكشف هذا الامر من خلال علاقتها بأولادها ومتابعتها لهم بدقة. لكن تغيب بعض الأمهات عن أطفالهنّ وأحياناً لا يجلسن معهم الوقت اللازم، وذلك يعود لعدّة أسباب، من بينها العمل خارج المنزل.
الكذب المرَضي
الكذب أمر شائع جداً في السلوك الإنساني، وهو في بعض الحالات يشكّل جزءاً من التفاعل مع الظروف. أمّا الكذب المرضي أو ما يُسمّى بالـMythomania فهو المرحلة التي يصل اليها الراشد نتيجة سوء التربية في الطفولة، فيعيش وكأنّه على خشبة مسرح ويبالغ في مشاعره سواء أكان بالفرح أم بالحزن، ومع الوقت يكتسب شخصية مزيّفة.
يعتبر علم النفس انّ لكل سلوك شقاً وراثياً وآخر مكتسباً، والشقان يتفاعلان باستمرار. وراثياً، إذا لاحظت الأم انّ احداً ما في العائلة تعوّد على الكذب، فيجب أن تتوقع أن يحمل طفلها في المستقبل هذه العادة، لذا عليها أن تتدارك الأمر.
لكن يبقى السؤال: هل الطفل سيكون تمام الشبه بمَن يكذب في العائلة؟ هنا يدخل الشق المكتسب، فإذا عالجت الأمّ هذه المشكلة منذ البدء وبالطرق والأساليب الصحيحة، فلن تتفاقم، وحتّى يمكن القضاء عليها.
أمّا في حال لم تتعامل الأم بطريقة ذكية مع هذه المشكلة- مثلما يحصل في معظم الحالات- فسيعتاد الطفل على الكذب في المستقبل.
خيال واسع
في سنته الثانية، يبدأ الطفل بالشعور أنه كيان مستقل عن الآخرين، ويظن انّ العالم يتمحور حوله، وانّ هناك إمكانية عدم قول الاشياء على حقيقتها. لكن ما يميّز هذه المرحلة عن غيرها، هو أنّنا نسمّي ما يقوم به بـ«الخيال الواسع»، فنعتبر انّ الطفل حتى عمر 7 سنوات لا يملك الإدراك والنضج الكافيين ليميّز بين الواقع والخيال وبين الحقيقة والوهم.
لكن بعد أن يبلغ الطفل سنته السابعة، يدخل مرحلة يستطيع فيها أن يميّز بين هذه الامور. وهنا، إذا شعرت الأم أنه لا يزال يكذب ويلجأ الى الخيال، فعليها أن تسأل نفسها: هل سعينا نحن لإفهامه بعض القيَم الأخلاقية كقول الحقيقة والابتعاد عن الكذب؟
من الأمثلة عن الأكاذيب التي يقولها: «كنت الفائز في سباق الركض في المدرسة»، وهناك احتمال أن يكون الاخير في هذا السباق. وهذه الحالة تدخل في خانة الكذب التعويضي. فهو يتمنى أن يكون على هذا النحو لكن ليست لديه المقدرة الجسدية الكافية.
هذا النوع من الكذب ليس خطراً، لكنه يتطوّر مع الوقت ويدخل مرحلة الخطر، فيروي كثير من الراشدين قصصاً خيالية عن أنفسهم، وبالتالي يخسرون احترام الجميع.
من جهةٍ أخرى، يمكن أن يقول الطفل «رسمت رسمة جميلة وعلّقتها المعلمة على الحائط» ويكون ذلك غير صحيح. تعتقد بعض الأمّهات أنّ التشجيع لأطفالهنّ هو الأنسب ليحققوا نتائج جيدة، فيدخلن في اللعبة ويُسهمن في دفع الأولاد الى تكرار الكذب.
كما تعتبر بعض الأمهات أنّ ما يقوم به أطفالهن هو نوع من خفة الدم، فيتكرّر الكذب كل يوم عن طريق اختراع المزيد من القصص، ويصبح هذا الأمر جزءاً من شخصياتهم، وقد يصل الى درجة الكذب المرضي.
خطوات عملية لمكافحة الكذب
قبل السابعة من عمره، علينا ألّا نشجّع الطفل الذي يكذب، فلا نضحك ولا نفرح بالقصص التي يخترعها، لأنّ ذلك سيشجّعه على معاودة الكذب وبطرق اكثر خطورة.
إذا شعرت الأم انّ طفلها يبالغ في وصف حالة معينة، يجب أن تستدرجه بأسئلتها لتعيده الى قول الحقيقة، من دون أن تُشعره بأنّها اكتشفت كذبه او تقول له «انت كاذب». في الوقت نفسه، يترتّب على الأم حصر المشكلة بينها وبينه، ولا تشيعها أمام الوالد وبقية افراد العائلة.
وهنا نشدّد على عدم التلفظ بكلمة «كذب» او «كذاب» وغيرهما، اي لا نوجّه اصبع الاتهام الى الولد، فذلك يدفعه الى تصنيف نفسه كاذباً وبالتالي سوف يكذب طالما انّ الآخرين يتوقعون منه ذلك.
بعد سنّ السابعة، يتمحور الكذب حول النتائج المدرسية والدروس، وهنا العلاج يكون ايضاً بسعي الاهل الى اكتشاف سبب إخفاء الأولاد هذه المعلومات. فقد يكون خائفاً إما بسبب تشدّد والديه، او بسبب الضغوط التي تُمارَس عليه من قبلهما، أو بسبب توقعهما منه نتائج قد يعجز عن تحقيقها فيخاف تشويه صورته امامهما.
أمّا الحلقة الأهمّ في العلاج، فهي اتفاق الأب والأم على كل الأمور المتعلقة بأولادهما. فما هو مقبول يجب أن يكون مقبولاً عند الاثنين وما هو مرفوض يجب أن يرفضه كلاهما. فمن الخطأ أن تُقدم الأم، بدافع عاطفي، على إخفاء أخطاء الاولاد عن والدهم، بل عليها أن تتعاون معه من اجل تلافي هذه الأخطاء.
تأتي هنا هذه الظاهرة وتدخل ضمن اطار الكذب، وهي اختراع صديق خيالي بالطبع. لا يعيش جميع الاطفال هذه الظاهرة لكن البعض يعتبرها دليل ذكاء. إذا شعر الوالدان بذلك، فحتماً عليهما أن يسألا نفسيهما: «هل طفلنا يشعر بالوحدة؟ هل نحن نقسو عليه؟ هل يعاني من أيّ نقص؟»، هذه المسألة تُعتبر اشارة حمراء للأهل ودليلاً على وجود خلل ما، يجب التنبّه اليه ومعالجته قبل أن يتفاقم الأمر.