«كلّما زاد التنوّع في الفريق، تحسّنت القرارات المتّخذة، كما أنّ الشركات التي تمنح المرأة أدواراً قياديّة تحقّق نتائج ماليّة أفضل»، تقول جانيت فان هايس، نائبة رئيس قسم الموارد البشريّة في شركة «تويتر». يأتي ذلك في تقرير بعنوان: «التنوّع والاندماج»، نشر على مدوّنة الموقع الرسميّة، أمس الأوّل.
يبيّن التقرير خلفيّات القوى العاملة في «تويتر»، ليعكس هدف موقع التدوينات القصيرة «الوصول إلى كلّ شخص على هذا الكوكب»، بحسب فان هايس. تضيف: «لا نريد إدارة شركة ناجحة فقط، بل نسعى دومًا لعمل نفخر به»، لذلك فلا بدّ من أن تحاكي تركيبة العاملين في الموقع قيم التنوّع العرقي والجندري، بحسب الموقع.
لكنّ الأرقام المُعلن عنها في التقرير، تأتي لتناقض الرؤية التي يتطلّع إليها «تويتر». وذلك ما تؤكّده فان هايس في التدوينة، مشيرة إلى أنّ «تويتر جزء من قطاع معروف باختلال في توازن تركيبته الديموغرافيّة، وتويتر ليس استثناءً»، إذ يبيّن التقرير أنّ 70 في المئة من موظّفي الشركة من الرجال البيض.
تظهر تفاصيل الأرقام المنشورة، أنّ عدد الرجال يطغى على مجموع العاملين في كلّ فروع «تويتر» حول العالم، ويبلغ عددهم ثلاثة آلاف موظّف، لتبلغ نسبتهم 70 في المئة، مقابل 30 في المئة فقط من الموظّفات. ففي المناصب الإداريّة، يوظّف «تويتر» 79 في المئة من الرجال، مقابل 21 في المئة فقط من النساء، كما أنّ تسعين في المئة من وظائفه التقنية يتبوأها رجال. لكنّ الوجود النسائي ظاهر في الوظائف غير التقنيّة، حيث يقتسمه الرجال والنساء العاملون في تويتر بالتساوي، 50 في المئة لكلّ من الجنسين.
أمّا عن توزّع الموظّفين بحسب خلفيّاتهم العرقيّة والإثنيّة في فروع الولايات المتّحدة، فيحلّ العرق الأبيض في الصدارة بنسبة 59 في المئة، يليه العرق الآسيويّ بنسبة 29 في المئة، وتتوزّع الأقليّة على العرق اللاتينيّ (3 في المئة)، والعرق الأسود (2 في المئة)، إضافة إلى سكّان هاواي الأصليّين (1 في المئة)، وهنود أميركا أو سكّان آلاسكا الأصليّين (أقلّ من 1 في المئة)، متعدّدو الأعراق (3 في المئة)، وأعراق أخرى (2 في المئة).
وأعلن «تويتر» أيضاً عن إنشاء مجموعات داخل الشركة، مؤلّفة من فئات الأقليّات المكوّنة لقواه العاملة، لدعم قضاياهم (كالنساء والسود واللاتينيّين والمثليّين)، إضافة إلى عقد شراكات مع سلسلة منظّمات معنيّة بتحفيز المرأة على الانخراط في المجال التقنيّ والبرمجة والتصميم.
ينضمّ تويتر في تقريره هذا إلى مثيلاته من الشركات الكبرى التي سبقته بنشر إحصائيّات عن التعدّديّة فيها للجمهور، مثل «غوغل» التي كانت السبّاقة في إصدار أوّل تقرير مماثل في أيّار/مايو الماضي، وتوالت تقارير «فايسبوك» و«ياهو» ولينكد ــ إن» خلال الشهر الماضي. ومن المتوقّع أن تحذو «آبل» حذو شقيقاتها العمالقة في «سيليكون فالي» في «مرحلة ما مستقبلا»، حسبما أعلن المدير التنفيذي للشركة تيم كوك.
الجدير بالذكر أنّ أرقام تويتر ليست صادمة، لأنّها تشابه إلى حدّ كبير بل وتتطابق أحياناً مع تلك المصرّح عنها في تقارير الشركات المذكورة، خصوصا لناحية التوزّع العرقي للموظّفين. لكنّ الرجال في «تويتر» يستحوذون على أعلى نسبة في الوظائف التقنيّة (90 في المئة)، بينما تنخفض حصّتهم نسبيّاً مع الاحتفاظ بالغالبيّة على الشكل التالي: فيسبوك وياهو (85 في المئة)، غوغل ولينكد ـ إن (83 في المئة).
يشير موقع «وول ستريت جورنال» إلى أنّ شركات التقنية الكبرى عادة ما تقدّم إحصائيّات عن العاملين فيها للحكومات، ولكن ليس للعلن». إلّا أنّ شركات التقنيّة التي تتّخذ من كاليفورنيا مقرّاً لها تواجه ضغوطًا من حملة عرائض أطلقها إئتلاف «راينبو بوش» (Rainbow PUSH Coalition) بمبادرة من ناشط الحقوق الأميركيّ جيسي جاكسون، تطالب بنشر إحصاءات التعدّديّة للجمهور، للحثّ على تعزيزها، واحتضان التنوّع العرقي والثقافي في «سيليكون فالي» (المنطقة الجنوبية من خليج سان فرانسيسكو في كاليفورنيا، حيث تتمركز مقار جميع الشركات العملاقة في مجال التقنية والإنترنت).
يجمع عمالقة «وادي السيليكون» الذين يهيمنون على الاقتصاد الأميركيّ بأنّ التنوّع الجندريّ والعرقيّ يعود بالفائدة على إيرادات الشركة وإنتاجيّة الموظّفين.. لكنّ الواقع لا يعكس التعدّديّة المزعومة. إلّا أنّ صحيفة «تايم» ترى أنّ بوادر تغيير إيجابيّة بدأت بالظهور مع إصدار بيانات حقيقيّة عن واقع التركيب الديموغرافي للشركات، وانتقاد الجمهور لها. وحده الوقت سيحدّد من سيكسب الرهان.
رنا داود/السفير